18 ديسمبر، 2024 7:36 م

النوازع الكامنة في البشر تصارعية , وذات طاقات تنازع منفلتة ومعقدة , تعجز عن تهذيبها رسالات السماء , وما جاء به المصلحون والمفكرون والمربون عبر العصور.
فالأنانية سلطان مطلق في دنياه , وغيرها لا قيمة له ولا معنى , فالذي يغذي التطلعات الأنانية مقبول ومحبوب , وما يتعارض معها منبوذ ومكروه ويتحول إلى عدو لدود.
البشر كالمخلوقات الأخرى في مملكة الحيوان , تنطبق عليه القوانين المتحكمة بشؤون المملكة , ويأتي في مقدمتها دستور الغاب وقوانينه الشرسة , التي يمكن إختصارها بأن القوي يأكل الضعيف , والعدل قوة , وما يتصل بها فهو قويم وسليم , وما يأتي به الضعيف من أفعال شيطان رجيم.
ولا يوجد عدل وإنصاف , وإنما الظلم هو القائد المقدام , ولا نزيه ولا نقي , فالفساد سلطان وإمام , فلا تتحدث عن الرأفة والرحمة وغيرها من المستحيلات المنتفية في مملكة تأكل بعضها فيها الأنام.
إن البشر في جوهر سلوكه لا يختلف عن الأسماك في الماء , الكبير يبتلع الصغير , وكله يعتاش على كله , فلكي تحيا وتبقى عليك أن تقتل الآخر من بني جنسك ونوعك.
وهكذا تجده في حروب لا تنتهي , وإختراعات فتاكة متطورة , إلى حد أن وسائل قتله قد بلغت ذروتها التدميرية .
فأكثر الصناعات والمخترعات تقدما هي المتعلقة بقتل البشر وتدمير العمران , ومحق الشعوب والأوطان.
فعن أي سلام يتحدث الواهمون , الساهمون الحالمون , الغارقون في سراب الإنسانية والرحمة والألفة والتسامح , فكل مَن عليها يتصارع , وما أفلحت بإصلاح السلوك البشري الأديان , بل تحوّلت إلى مبررات للقتل , والإمعان بالوحشية والعدوانية السافرة , لأنها وفرت ما يحرر من المسؤولية , وألقت بأسباب قتل الآخر على رب يؤمن به القاتل , ولا يوجد رب سواه , وتلك حقيقة البشر فوق التراب , ولن تجد لهذا السلوك تبديلا!!