18 ديسمبر، 2024 7:16 م

التسويف التسويف يا رئيس الوزراء!!

التسويف التسويف يا رئيس الوزراء!!

أول الكلام:
فائدة لغوية لابدّ منها: أسلوب التحذير هو تكرار مفردتي التحذير على النصب لفعل محذوف معناه: أحذر يارئيس الوزراء، والتكرار يفيد التأكيد..
التسويف هو مصدر الفعل سوّف ويعني ماطل وأرجأ…يعبر عنه بالسين التي تفيد الإرجاء القريب: سأعمل ، وسوف التي تفيد الإرجاء البعيد: سوف أعمل ..
وقد لا يعبر عن التسويف بصيغته أعلاه، بل بتعابير أخرى تبتعد عن الصياغة المذكورة وتقترب من المعنى كما سنرى في المتن الآتي.. تدور في فلك التسويف تمييع الحقيقة، والدعاية والتبجح والمزاعم البطولية، وكلها تفيد التخلي عمليا عن الفعل الواقع ونفض اليد من المسؤولية وتحويلها الى وعود وأمانٍ لكي تُنسى..
***
كانت حادثة تصوير الطفل في فلم – لم أشاهده ولا أريد إنما شاهدت الصورة – “أبطاله” محققون أمنيون مع طفل عار كل العري مذعور، وبمشهد لا ينسى أهتز لمرآه كل إنسان يحمل الحد الأدنى من الأحاسيس الإنسانية، مع ألفاظ أعفُّ عن ذكرها فهي تنم عن المدى الذي بلغ أقصاه من الانحطاط الاخلاقي وانعدام الضمير والاستخفاف بالواجب المهني..وهنا أريد الوقوف على بعض الاعتبارات التي غابت عن الأذهان لهول الحدث:
إن التصوير تم بعناية وربما بمهنية كما أجمع كل من شاهد الفلم، وإن الألفاظ لم تلفط تحت سوْرة غضب بل تلذذ بها المحقق، ما يدل على أنها ليست المرة الأولى بل تدل على احتراف ومنهجية منحطة جعلت المحقق ومن معه يشعرون بأمان وتشير أيضا الى روح التحدي واللامبالاة!
والتحدي دلالته في أن المشهد أخرِج ليعمم، والهدف من التعميم سياسي لبث الذعر في نفوس المنتفضين الشباب.. ولئن ثم نشر هذا الفلم فكم من الأفلام التي لم يُقدّر لها أن تنشر قد حدثت؟! لقد وصلتني أفلام مرعبة بحق وبكلمات وتصحبها أفعال مع مراهقين يهددون بجلب أخواتهم أو أمهاتهم والفعل بهن كل ما هو شنيع، وتهديد المراهقين بالاغتصاب وإنزاعهم مايستر المناطق الحساسة من أجسامهم.. يقال على أسماعهم مما يشين أعراضهم ووعندما عممت هذه الأفلام كان الزعم لدى البعض أنها قديمة.. ويبدو أن الجرائم تسقط بالتقادم وفق شريعة الإسلام السياسي..
ودونكم بعض النماذج من التسويف:
قرر رئيس الوزراء اتخاذ إجراءات عاجلة للكشف عن الجريمة، وقد جاء على لسان مدير إعلام وزارة الداخلية اللواء معن سعد الخبر التالي وبالعنوان: الداخلية تعلن القبض على مرتكبي ’’الفعل الشنيع’’ في فيديو الاعتداء على الصبي
وحين تتوغل في قراءة الخبر يأخذ الصيغة ” العمل جار على إلقاء القبض على الآخرين المشتركين بالفيديو”، مبيناً أن “القائد العام للقوات المسلحة أمر بإعادة النظر بالتشكيل نفسه” هذا هو التسويف المبطن الذي يأخذ شكل التدليس ومعناه ذكر الفحوى ناقصة أو تجزيئها؛ كم عدد الذين تم إلقاء القبض عليهم؟ ما هي رتبهم العسكرية؟ لماذا لم تذكر الحروف الأولى من أسمائهم؟.. كم عدد الباقين ممن لم يلق القبض عليهم..؟! وقبل هذا زعمت الوزارة أن الصبي كان بصدد سرقة دراجة نارية!! العذر أنجس من الفعل! تفنده أجوبة الصبي وأسئلة المحققين حيث لاذكر للسرقة وإنما التركيز على مكان وجوده عند القبض عليه!
في مكان مجاور من الخبر أعلاه أنقلكم الى تسويف خطير على لسان رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي، الشخصية ذات السمعة الشعبية المشرّفة: “شخّصنا الأسلوب الجديد لبقايا داعش، وألقينا القبض على بعض خلايا التنظيم خلال اليومين الماضيين”
لماذا البوح ياسيدي الفريق الركن ؟ أليس هذى البوح يمنح خلايا الإرهاب فرصة للتخفي؟ هل فاتك مبدأ هام هو كتمان النية في العملية العسكرية؟ وهل فاتتك الأهمية القصوى لعنصر المباغتة الذي يمنح حوالي 50% من كسب المعركة؟!!
من الواضح أن التسويف والتأجيل للكشف عن الجرائم من قبيل الاغتيالات التي طالت خيرة الشخصيات المخلصة من قبيل كامل شياع و هادي المهدي و علاء المشذوب وليس آخراً هشام الهاشمي وآخرين لم يتم الكشف عن مرتكبيها وكان التسويف هو الوسيلة الفضلى ليفضي الى “التسجيل ضد مجهول”… نتمنى ياسيادة رئيس الوزراء أن تعمل أكثر مما تسوف ..
قلل الوعود الكثيرة وكثّر من المنجزات.. حجِّم الميليشيات الذيلية.. ونظف الأجهزة الأمنية منهم، فهم معششون من أعلى المستويات الى أدناها.. أرِنا عملك في الكشف عن المجرمين الذين اقتنصوا خيرة شبيبتنا من الشهداء الذين يقرب عددهم من ستة مائة شهيد وآلاف من الجرحى والمعطوبين..إكشف عن رؤوس الفساد وأحِلهم الى العدالة لقطع دابره..عزز استقلال الوطن من أقصى شماله لأقصى جنوبه … عزز قوة البيشمركة لكي يتصدوا للتدخلات التركية التي بنت قواعد في عمق الشمال ليواجهوا الأطماع التركية، وإلا لماذ تدفع الدولة من خزينتها رواتب لمئات الألوف منهم !!! كن جادا في حل معضلة الكهرباء واستقصِ ثم حاسب أين ذهب مبلغ عشرين مليار دولار صرف لمزاعم تجديد مولدات مركزية لكهرباء تغطي العراق كله وليصدر الفائض حسب حسين الشهرستاني الذي يستحق حساباً عسيرا وكل من سرق مخصصات الكهرباء..إكشف عن المشاريع الوهمية وأبطالها التي استنزفت هي الاخرى مليارات من الدولارات..الخ.
نريد أفعالاً ياسيادة رئيس الوزراء.. ولا نريد وعودا!
الثالث من آب/أغسطس2020