واقعاً بدأ الحديث عن التسوية الوطنية التاريخية، ومن المؤكد أن حديث الأطراف السياسية؛ ناجم عن إطلاع على ببنودها وأهدافها، والى أبعد من ذلك أطلعت بعض الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالصراعات الأقليمية والقطبية، وحصلت على نسخة منها بشكل وآخر؛ إلاّ أن إدعاء بعض الأطراف العراقية بعدم علمها، أو أنها تطرح اوراق مشابهة، وبعضهم وقع على بنودها، وحديثه السياسية يختلف عن كلامه الإعلامي، وهذا ما يدعو للشكل بالنوايا، او الإستخدام للتكسب السياسي والإنتخابي المبكر، فيدعوا لها ويشكك بها.
لا أحد يختلف من الجهات المجتمعية والسياسية؛ على حاجة العراق الى سلم دائم؛ إلاّ أنهم يختلفون بآليات الوصول له، ويتحدث بعض الساسة عن عائداتهم الشخصية.
تجربة العراق مع الديموقراطية؛ كولادة جديدة أن لم تك مشوهة فحاجتها الى التربية والتعليم؛ من مقومات بناء إنسان سوي، يتكيف ويصبح منتجاً؛ فكم من طفل تراه يلبس نعليه مكوسين ويضحك عليه الكبار؛ وكإنما لم يعيشوا فترة طفولة، ولكن الصغير يصر على تكرار خطئه؛ إلا نضوج عقله، ويبدأ بالإستهزاء بمن أصغر منه.
تجربة بناء الدولة كالولادة؛ يسبقها ألم ومخاضات؛ فما بالك بولادة قيصيرية مزقتها سكاكين خارجية، وشوهتها الضنون الداخلية، فمن المؤكد ستحتاج الى رعاية أكبر وصبر وصدر أحن، وتربية وتعليم يلائمان التركيبة والبناء ونقص الافعال الحيوية وتعبير الكلام؛ لإفهام الحاجة، وجل التشويه من القائمين على العمل السياسي، الّذين إتخذوا من الطائفية والحزب والعرق؛ سبيل للتسلق وبلوغ الترف؛ وأن كان الثمن تغلغل الإرهاب، وتفشي الفساد بالمحسوبية. إن مبادرة التسوية عملية فوق الكُبرى؛ لتقويم تشوهات من فعل القائمين على سياسة العراق وتأثير القوى العالمية والإقليمية، وتم إعدادها من لجان مختصة عملت لأشهر، وأطلعت الأمم المتحدة والأطراف المعنية، ووضعت الضمانات والقيود؛ إلاّ أن طرح أكثر من مبادرة غير ما اتفق عليه؛ ما هو إلاّ نسف لمشروع إلتقت عليه الأطراف السياسية، وهاهم اتحاد القوى يطرحون ورقة جديدة، ولم يناقشوا التحالف الوطني بما يختلفون عليه معه، وبعض اطراف التحالف الوطني يتحدثون عن عدم الموافقة أن شملت من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين، وكأنهم لم يوقعوا على الورقة التي لا تشمل هؤولاء المجرمين، ولا تخالف في فقراتها الدستور العراقي، وكلا الطرفين وافقوا على أصل المبدأ.
رئيس الوزراء هو الآخر تحدث عن حاجة تسوية مجتمعية؛ في بلد هو الأقرب على معرفة 3 ملايين نازح يعيشون بسلام بين الطوائف، وقوى أمن من مختلف الديانات تقدم طعامها للهاربين من داعش.
من حيث المبدأ لا تختلف الأطراف السياسية والمجتمعية على حاجة التسوية التاريخية؛ إلاّ أن بعضها يفضل حلول تفرض من الخارج على حلول الداخل؛ سيما وأن العالم متجه الى تفاهمات كبرى؛ لن تترك لهذه القوى الصغيرة بين مختلف الإرادات الدولية تأثير، وإذا كان لطرف رأي فليتحدث بأروقه السياسة بعيداً عن الإعلام، وإلاّ سيحكم العملية السياسية؛ من يلبسها كنعلين معكوسين، ولا يسمع لنصيحة العقلاء ويضحك عليه الكبار، لذا فأن طرح أكثر من ورقة ما هي إلا عرقلة لعملية لا بديل عنها، بمجتمع مزقه الإرهاب والمطامع السياسية.