مرت التسوية التاريخية التي طُرحت من قبل التحالف الوطني بحملات إعلامية قاسية جداً أفقدتها الكثير من القوة ، حتى أمست ضعيفة جداً امام الضربات الموجعة التي تعرضت لها من هنا أو هناك ، ولاقت العديد من كلمات الاستهزاء والاستنكار ، حيث أصبحت ورقة ضعف للتحالف الوطني ، والذي هو الاخر انقسم على نفسه ،فلم يستطع الدفاع عنها أو ترويجها أو إقناع الآخرين بها ، لذلك كانت سهلة الاستهداف من جميع الأطراف سواءً من داخل التحالف الوطني أو المستنكرة لهذه الورقة ، فتنوعت المواقف بتنوع أصحابها الذين أمسوا كالتالي ؛
القسم الاول ؛ المستفسر ، وهم الذين لم تتوضح لهم هذه الورقة وأهدافها واليات تنفيذها ، أو انهم لم يطلعوا على بنودها أو مبادئها ، ويحاولون اثارة الاستفهامات والأسئلة حول الورقة ، ويسعون الى اثارة الانتباه حول مواقفهم عبر التصريح أو التلميح في الاعلام عن مواقفهم ، وهولاء يمكن إقناعهم عبر الحوار والنقاش الهادئ .
القسم الثاني ؛ المتوجس ، وهم الذين المتخوفون ما بعد التسوية ، أو انهم يروون في التسوية الوطنية ضياع لدمائهم ، وهم قوى الحشد الشعبي ، وربما توجسهم حقيقي وواقعي ، وهناك من هو متخوف من تجاوز التسوية الوطنية لهم ، وهم السنة العرب ، الذين يعتقدون ان هذه التسوية ستتجاوزهم ، وأنها ستخلق جواً سياسياً جديداً ، ونخبة سياسية جديدة ، كما في الشيعة التي يعتقد بعض رموزها ان التسوية الوطنية ستخلق جيلاً جديداً سيتجاوزهم تماماً ، وكلا الطرفين يحتاج الى طمأنة ان التسوية الوطنية لا تتجاوز احد ، وينبغي إطلاق رسائل تطمين لهذه الفئة عبر الجلسات الحوارية والنقاشات المستدامة .
القسم الثالث ؛ المستنكر ، وهولاء قد حسموا امرهم في رفض ورقة التسوية ، ورفض اي نتائج لها ، كما أعلنوا وقوفهم ضد اي مبادرة تسعى الى وحدة الوطن وشعبه ، ويسعون الى اجندة وهدف وهو التقسيم على أسس طائفية ، عبر إقامة الموتمرات التآمرية على العملية السياسية في دول الجوار ، والدعم المشبوه للتنظيمات الإرهابية في العراق ، والسعي الى تقويض مساعي التهدئة ، وتطبيق مبادرة التسوية الوطنية ، كما ان هناك من الشيعة من يقف ضد هذه المبادرة ، ويعتبرها تنازل وتخاذل ، في حقوق المكونات الاسياسية للشعب العراقي .
التسوية الوطنية هي ورقة عبور لما بعد داعش ، وهي خارطة طريق لتهدئة المكونات ، وتجسير العلاقة والثقة فيما بينها ، كما ان هذه الورقة اذا تم تطبيقها ، فإنها ستكون ورقة ضمان ، خصوصا مع التاكيد على التمسك والحفاظ على حقوق الأغلبية ، الى جانب الأقليات والمكونات في البلاد
وهو بحد ذاته يعد نصراً لها ، فيما لو كان الجميع مؤمن بضرورة إيجاد نهاية للصراع ، والسعي للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع العراقي جميعها ، كما يجب ان يكون للتحالف الوطني دوراً رئيسياً في هذه الورقة
عبر بيان تحالفي يسعى الى توضيح المبادرة ، ويجيب عن كافة التساؤلات المطروحة ، الى جانب إقامة الندوات والمؤتمرات مع النخب الإعلامية والسياسية ، للرد على جميع الشبهات والتساؤلات المطروحة ضد التسوية ، كما ينبغي ان يكون هناك قطع للطريق امام المتربصين والذين يسعون لإيقاف عجلة بنود هذه التسوية ، كما ينبغي طمأنة الجميع ، وخصوصاً قوى الحشد الشعبي والجمهور العراقي ان لا تسوية مع مرتكبي المجازر المروعة ضد أبناء المجتمع الواحد ، أو اصحاب الاجندات الخارجية ، والمتعاونين مع الاٍرهاب الداعشي ، وحواضنه ، فلا جدال أو سجال أو نقاش مع هؤلاء ، والسعي الجاد من جميع الأطراف من اجل إدامة الحوار البناء بين جميع الأطراف ، وبث روح التسامح والوقوف بوجه المؤمرات الخبيثة الرامية الى تمزيق وحدة الشعب العراقي ، وتقسيم ارضه .