ذهب الفلاسفة القدماء من حيث تكوين الطبيعة وما يربط بعضها مع البعض من قوى ظاهرة وبعضها خفية حين أجمعوا إن لهذه القوى بعض أسرارها والتي سعى الفلاسفة للكشف عنها إذ أن غياب الحدود مابين العلم والفلسفة أعطى بعدا مشتركا مكملا لمايراه هؤلاء عن معارفهم الكونية. وكانت مشاكل الكون وتعقيداته والنظر اليها أحيانا من زاوية دينية أو بايلوجية أو فيزياوية كان بلاشك تعبيرا عن قدرات الفلاسفة والعلماء كمحاولة للوصول الى المعطيات الأساسية كمخرجاتٍ لتأملاتهم وبحوثهم المعرفية المنظمة وذات الطبيعة المزدوجة وهذا ما فعله (فيثاغورس) حين زاوج معرفته بالرياضيات بفلسفته التي تنحو بإتجاهات دينية تخيلية. وقد أخذ إهتمام الفلاسفة بإتجاه الإنسان وقواه المحركة فبدلا من الإهتمام بالطبيعة أصبح الإهتمام بالعقل والروح الإنسانية وتقدم هذا المشروع الفلسفي على المشاريع الأخرى ولكن وبسبب إن أغلب العلوم هي علوم تطبيقية وليست علوما نظرية بحتة فقد إتسعت الهوة وفك الإرتباط مابين العلوم والفلسفة مع بداية العصر الوسيط ثم خطى العلماء خطواتهم المعروفة بإيجاد العلوم التخصصية وبالمقابل إتسع مجال التأمل الفلسفي ولكن سرعان ماإستطاعت العلوم المعرفية أن تسيطر على المرتكزات الإشتغالية للفلسفة ليضعف هذا الحدث الجديد توجهات (كانط ) لإيجاد شراكة حوارية مابين العلم والفلسفة ورغم ذلك فقد كان الخطاب الفلسفي يؤشرالحاجة الفكرية لمنظومات كونية لم تكن قد وصلت اليها العلوم الأخرى ساعد ذلك على إزدهار التأمل العلمي وتعود قبول المسائل المنسية (الكون – الزمن ) وبالتالي نمى صراع الأضداد المتقابلة ، ولاشك أيضا بأن الفلاسفة الأغريق هم الأوائل الذين نجحوا بإثارة أسئلة الجدل بل إن مفاهيمهم الفلسفية قد بلغت ذروة إكتمالها متبوعة بما أنتج (هيغل ) من مفاهيم في المادية الديالكتيكية ، لقد عاد العلم ليواجه مجموعة من الأسئلة الفلسفية بل وتعدى ذلك الى محاولة العمل عليها، ولعل أبرز صلة لهذا التعبير حين رأى (أنشتاين )إن الفيزيائي لو إهتم فقط بالفيزياء لأصبح تقنياً وقد ساهم هذا الراي الى مد بعض الأسئلة الكونية الى أكثر من حقل معرفي
وبالتحديد عما أثير عن بداية الحياة على الأرض ، لقد أدخلَ بعض الفلاسفة الفنتازيا كأحد محاور الإعتقاد الفلسفي في نشأة الأرض وتطورها ،والفتازيا هذه لم تكن بعيدة عن إستحالة وصولهم الى مرتكزات جديدة صالحة للإندفاع بهم الى الأمام لإصلاح بعض المسميات التأملية ضمن التباينات في إستنتاجاتهم ، لقد عكس الإنسان وبوعيه تلك القدرات الكونية على مجمل أفعاله الواعية وفي الماضي كانت الأحاجي والرُقى والأصوات معبرات شمولية عن قراءة الكون واسترضائيه لدفع الشرور المتأتية من قوى الطبيعة وتزامن هذا التعبير أو بالأحرى هذا الخضوع الى تقديم القرابين للقوى المتشددة والتي كانت تعرقل مجريات الحياة البشرية والتي تأتي كما ذكرنا من القوى الغيبية والتي جعلت من الإنسان شريكا مرغما لها في تقبل أفعالها وما تتركه في حياته وأسرته ومجتمعه وبنفس الوقت فقد أهدت للإنسان تلك الأفعال قوى لبدايات أولية ساعدته على التفكير وتنظيم قدراته العقلية ليستطع فيما بعد من تنظيم وسائله الدفاعية للتخلص من الكوارث والشرور بطرق تبدو أكثر حضارية ، لقد دل الجهد الذي قام به علماء الآثار على كشف العديد من الرسومات والكتابات والتي كان الإنسان يستعين ببعضها ماديا أو روحيا لمواجهة الحياة وتخليد أفعاله
حتى بدأت تتلاشى مسميات المعجزات عندما إتخذت تلك الفعاليات طرائق صالحة وصميمية لتفكير الإنسان لتشحن بدورها مكوناته العاطفية والنفسية والبدنية بالرغم من أن الفلسفة نشاط لاينتهي بنهايات مُرضية لأنها تدخل في صلب المجالات غير المرئية لكن العقل الإنساني إستطاع من الوصول مبكراً الى خيطها اللزج وقبضَ على تشعباته ،