كان التعليم في البلاد مضرب الأمثال, تشيد به الدول والمنظمات التربوية الأممية, لا سيما في استيعاب الطلبة الذين هم في سن الدراسة بالمدارس وتقلص نسبة التسرب الى ما يقرب من 3%.
الا ان هذا الحال لم يدم طويلاً بعد فرض الحصار الذي تعرضت له البلاد ودفع ثمنه شعبنا على مختلف الصعد, ومن نتائجه اصبحت المدرسة عبئاً يثقل كاهل اغلبية الأسر العراقية لسنوات وما تزال فئات واسعة تعاني من هذا العبء بسبب انتشار الفقر وشموله لثلث السكان.
اليوم, في تصريح لوزير التربية كشف ان نسبة التسرب من المدارس بلغت 20% من الطلبة, وهذا يشكل واقعاً خطيراً, ويضع العراق في مرتبة متدنية بين الدول القادرة على استيعاب من هم في سن الدراسة بالمدارس الابتدائية, بحاجة الى الدراسة والبحث في الأسباب والمعالجات, وذلك نظراً لتغيير الظروف ولم يعد للحصار من تأثير وارتفعت مداخيل البلاد الى مستوى لم يسبق له مثيل.
الواقع ان البرامج التي وضعتها وزارة التربية ليست قادرة على الحد من الظاهرة او القضاء عليها, وذلك بسبب حالة اللا استقرار في البلاد والعمليات العسكرية, الى جانب تردي نظرة المجتمع الى التعليم لعدم قدرته على توفير فرص عمل لمن اكمل تعليمه, وقبل ذلك استمرار الأوضاع الاقتصادية المتردية لفئات واسعة من المجتمع, وتدني مستوى التعليم الذي بات يتطلب مصاريف اخرى لكي يكون مكتملاً بما في ذلك التعليم الخصوصي الذي لا تستطيع كل الأسر توفيره لأبنائها.
ان تدني نوعية التعليم والرسوب المتكرر وعمالة الأطفال من الأسباب الرئيسة في تفشي ظاهرة التسرب من المدارس والحرمان من التعليم الضروري وفي حده الأدنى.
التسرب آفة كارثية تنعكس على الأجيال القادمة وتدمر القيم السامية بينهم, فهي وسيلة تجهيل بإرادة الدولة والأسرة في آن واحد, اللذان يتحملان المسؤولية عنها, لذلك من دون تضافر جهودهما وإزالة ما يعيق الإقبال التعليم, فإن الظاهرة من عام الى آخر تتفاقم وتزداد عمقاً وتأثيراً.
ان التعليم يتطلب اجراءات فعالة تتطلبها العملية التربوية, في مقدمتها تطبيق قانون التعليم الإلزامي, وتأمين عناصر العملية التربوية.. في هذا الإطار يجب التوسع في فتح المدارس المسائية لمن فاته التعليم في العمر الرسمي, كذلك تكثيف البرامج والحق في التعليم للنازحين واعدادهم كبيرة جداً وتمكينهم من اللحاق بأقرانهم وتفعيل القانون في ملاحقة ذوي المتسربين واجبارهم وفقاً للقانون بالالتحاق مجدداً بالمدارس, ووضع البرامج التي ترغب الطلبة في الدراسة وتحسين نوعية التدريس الذي يقدم الى الطلبة