التزاور بين المحبين.. لحظات من نور بعد رحلة الحج

التزاور بين المحبين.. لحظات من نور بعد رحلة الحج

‏بعد تلك الرحلة الروحية العظيمة التي وفقنا الله فيها بزيارة رحاب البيت الحرام، حيث سكنت النفس واستقرت الخطى هناك في مكة المكرمة، عدت اليوم إلى دياري محملاً بأثر الطاعات، وأنا أحمل في قلبي الطمأنينة التي لم أجدها من قبل. وما زادني فخراً وعزاً ومحبة هو ذلك الاستقبال الذي وجدته بكل حفاوة ومودة من قبل أحبتي والزوار الكرام الذين قدموا إليّ بكل حب وشوق، فشعرت بأن رحلتي في الحج لم تنتهِ عند حدود البيت الحرام، بل امتدت آثارها الطيبة إلى قلبي وأهلي وأصدقائي وكل معارفي الذين شرفوني بزيارتهم.
‏إنني اليوم أشعر بأن التزاور بين المحبين هو من أعلى وأسمى صور التواصل الإنساني، وهو ميراث نبوي عظيم ذكرته لنا الأحاديث النبوية الشريفة، وخاصة التزاور بعد أداء فريضة الحج، لأنه يحمل معاني عميقة وكبيرة، حيث يرى الزائرون فيه أثر الطاعات والمحبة، ويشمون منك عبق مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويتمنون لأنفسهم أن يكونوا في نفس ذلك المكان الذي جئت منه. إنها صورة روحانية كاملة، يشرب زوارك من ماء زمزم ويأكلون التمر من مزرعة الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة المنورة.
‏إن ما لمسته من الزوار الكرام الذين جاءوا لزيارتي بعد العودة كان يفوق كل وصف، لأنهم تجشموا عناء السفر، وبعضهم أتى من مناطق سكنية بعيدة. وقد رأيت في أعينهم المحبة الصادقة واللهفة الحقيقية، وفرحتهم كأنهم هم الذين أدوا فريضة الحج لا أنا. وأعظم هداياهم كانت تلك الكلمات الطيبة والدعوات الصادقة، وتلك النظرات التي كانت تسأل عن تفاصيل الرحلة، كأنهم يشاركونني الخطوات كلها والسجود والدعاء.
‏لقد منحني هذا التزاور شعورًا خاصًا بأن الحج لا ينتهي بانتهاء المناسك، بل يمتد مع صلة الود بين الناس، ويعيد ترتيب أولويات القلب والمحبة مع الأقارب والأصدقاء والمحبين. ولقد عرفت أيضًا أن المحبة الصادقة والعلاقات الاجتماعية الصحيحة لا تعرف المصالح، ولا تنظر إلى الزمان والمكان نظرة ضيقة، بل تتجدد مع كل لقاء وتثمر مع كل سلام. وكل هذه الزيارات التي تلقيتها بعد رحلة الحج كانت في الحقيقة دروسًا في الوفاء والتراحم وصدق المشاعر والالتزام بحقيقة محبة القلوب.
‏وفي الختام، أقول لكل من زارني أو اتصل بي أو بعث برسالة: أنتم الزاد الحقيقي الذي أعود إليه بعد كل سفر، وأنتم الدفء الذي يملأ القلب في زمن قلّت فيه الصداقات الصافية. جزاكم الله عني خير الجزاء، وجمعنا وإياكم على المحبة دائمًا، في الدنيا، وفي الآخرة على منابر من نور. وأدام الله صلة التواصل بين القلوب الطيبة النقية وبين أصحابها، وسلام وألف سلام لكل من قام بزيارتنا أو في نيته سوف يزورنا، وسلامًا وألف سلام لكل من لم يستطع زيارتنا، فله منا كل الشكر والاحترام والتقدير، ونلتمس للجميع العذر، وبارك الله فيكم.
ملاحظه:- هذه المقالة ردا على مقالة نشرها الاستاذ نايف عبوش والتي اوضح فيها بعض تفاصيل هذا الموضوع فله منا كل المودة والاحترام…

أحدث المقالات

أحدث المقالات