17 نوفمبر، 2024 9:38 م
Search
Close this search box.

التركمان والانسحاب الامريكي

التركمان والانسحاب الامريكي

من الأمور المسلّم بها أن التركمان هم الأقل استفادة من بين جميع مكونات الشعب العراقي من الاحتلال الأمريكي للعراق إن لم يكونوا الأكثر تضررا فلقد ذهبت جميع التوقعات التي كان يحلم بها أبناء هذه الأمة أدراج الرياح بل أصبح التشبث بالحد الأدنى لديمومة هذه المكون التركماني وهو الهدف المنشود. بعد أن تمكنت بقية المكونات السياسية من إدراك أصول اللعبة وتسخير قوات الاحتلال بالشكل الذي يضمن لها تحقيق أهدافها ابتداء من دخول العراق واحتلالها عسكريا وسياسيا والاستحواذ على مراكز القرار والاقتصاد وتهيئة دستور ملائم لأجنداتها وانتهاءً بالانتخابات والحكومة المشكلة على أساس الشراكة الوطنية والتي احتسبت استحقاقاتها على قوة الكتل المستحوذة عليها تاركة النسب السكانية للمكونات وراء ظهورها بعد أن أقفلت الوزارات المهمة والمناصب الحساسة لصالحها .
والشيء الذي يحز بالنفس ويؤلمنا أن جميع هذه الكتل قد استغلت الورقة التركمانية أبشع استغلال ولعبت عليها واستفادة من أصواتها وشاركت مشاركة فعالة في تمزيق وحدة الصف التركماني تحت ذريعة أنها راعية لها ومدافعة عنها متباكية على ما أصاب الشعب التركماني من ظلم وحيف خلال العهود المنصرمة وواعدة إياها بأيام نرجسية لكنها سرعان ما تتخلى عنها ساعة المطالبة باستحقاقاتها المشروعة.
وإذا ما أضفنا إلى هذا وذاك ما أصاب التركمان من تجاوزات وتهجير واستهداف واختطاف وانتهاك للحقوق وسلب للإرادة وتهميش في الحقوق والامتيازات يتبين حجم المأساة التي عاشها التركمان في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق وصحة ادعاءنا بأننا الأقل استفادة والأكثر تضررا من هذا الاحتلال .
ولا أريد من هذه المقدمة أن أبرئ أنفسنا من التقصير تجاه قضيتنا وان أتخلى من مسؤوليتنا حيال ما أصاب امتنا لكنني اريد من هذا الكلام هو البحث عن نقاط الضعف التي كانت سببا لمأساتنا والوقوف عليها لكي نتجاوزها ولو بالحد الادنى فنحن بعد أيام مقبلين على مرحلة حرجة في تاريخ العراق بصورة عامة والتركمان بصورة خاصة حيث ستشهد الساحة السياسية انسحاب القوات الأمريكية من العراق وما سيصاحبها من تطورات وتداعيات وفراغات سياسية وأمنية وما يخطط له الآخرون لبسط نفوذهم والاستفادة من الوضع الجديد الذي سيتيح ويمنح لهم الحرية الاكبر في التحرك والمناورة وتسخير الامور لصالحهم مما يعني هدر اكبر لحقوق الآخرين وإكمال المشوار الذي خططوا له ونفذوه في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق مما حدا ببعض القوى التي ادركت خطورة الموقف بالبحث عن السبل التي تحصن بها مستقبلها وتحافظ على وجودها فبدأت الدعوات تنطلق من افواه القادة السياسيين بتوسيع صلاحيات الحكومات المحلية ومجالس المحافظات وإقامة الأقاليم وما شاك من التدابير الاستباقية التي تؤمن وتحافظ على مستقبلهم .
ان فترة الاحتلال المنصرمة أثبتت بما لا يقبل الشك ان الواقع بعيد كل البعد عن الادعاءات وان
النوايا الحسنة من طرف واحد والظن بالآخرين خيرا لا يفهمه مفترسي السياسة وان الحقوق لا تمنح من الاخرين بل تؤخذ بإرادة الشعوب وإصرارها (ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)وان الطريق الى ذلك يبدأ بإعادة النظر بكافة المفاصل الذي سلكناه في الفترة الماضية بعد دراسة الواقع التركماني وتوحيد صفوفه وإيقاف توغل الكتل السياسية غير التركمانية في ساحتنا السياسية وانجرار ابناء امتنا وراءهم واستعادة ثقة امتنا بقادتها السياسيين لها واثبات وجودنا كمكون ثالث له ثقله الذي يتلائم مع تاريخه المشرف على مدى العديد من القرون في هذا البلد.

 

أحدث المقالات