18 ديسمبر، 2024 11:23 م

التركمان …. الى أين ؟؟؟ ( ٣ )

التركمان …. الى أين ؟؟؟ ( ٣ )

نعود مجدداً لنستكمل الحوار ، وكما قلنا في بداية المقال إننا نخاطب المثقف ، وليس السياسي ، لأن السياسي أستغنى عن حاسة السمع ، وخُلق ليخطب ويتحدث !!! وعلى الآخرين حسن الأستماع . وخطابنا في هذا المقال ليس إستهدافاً لأحد ، وأنما نحاول التفكير بصوت أعلى ، لأننا جربنا التفكير بصمت منذ ثلاثة عشر عاماً !!!!وكثيراً ما يتبادر الى ذهني مجموعة من الأسئلة ، التي لا أَجِد لها أجوبة ، وربما تأتي هذه الأسئلة بسبب طبعي المتشائم ، لأنني دائما أمعن النظر الى النصف الفارغ من القدح ، وأتحاشى من توجيه هذه الأسئلة لأي مسؤول ، لأنني وصلت الى حالة التخمة من التصريحات الزائفة ، وما أراه أمام عيني يبعث الأشمئزاز والسخرية !!!!منذ سنين وهناك مواطنون تركمان يراجعون هيئة النزاعات الملكية ، لأسترداد حقوقهم التي تتمثل في إعادة الأراضي المصادرة ، أو المستملكة ، في حال عدم التصرف بها من قبل النظام السابق ، أو المطالبة بالتعويض في حال التصرف بها . ويعلم الجميع أن النظام السابق عندما مارس هذه السياسة  فقد مارسها بكل ذكاء ، لأنه يعلم أن الأرض عبارة عن مسألة ( وجود ) . وقديماً شبّه أجدادنا الأرض بالعرض ، وكان من العار أن يفرِّط أحد بأرضه . فهل من المنطق ؟؟؟ وبعد ثلاثة عشر عاماً من المراجعات والأعتراضات والأستئنافات ، لا يسترد التركماني أرضه ؟؟؟؟

وهي شاخصة أمامه ، والكارثة العظمى ، أن النظام السابق عندما صادر أوأستملك الأراضي كان ، يصادرالمساحات الشاسعة على شكل مقاطعات تضم المئات من القطع وبقرار عبارة عن سطرين !!!  وبدوافع سياسية من الباطن ، أما  ظاهرها فيتم تبريرها لأنشاء مشاريع خدمية ، مثل محطة قطار ( كركوك- بيجي- حديثة ) وكأن المحطة لا يمكن إنشاؤها إلا داخل المدينة  ، وبأزالة منطقة سكنية ( تسعين القديمة ) كاملة بحدود ( ٦٠٠) دار . فيهجّر هذه العوائل وبشكل قسري ويوزعهم الى مناطق متفرقة  ، طبعاً بعدما تم أعدام ( ٢٠٠) شهيد من خيرة مثقفي وشباب المنطقة .وليقطع صلتهم ببعضهم ، ويدمر وجودهم ، فقد صادر  النظام السابق واستملك جميع الأراضي الزراعية التي كانوا يملكونها ، وبحجج عجيبة وغريبة !!! (( أعمال توسعية لوزارة الدفاع ، محرمات مطار كركوك ، محرمات معسكر خالد ، أعمال توسعية لغاز الشمال ، مناطق آثارية ، توسيع الحدود البلدية لمدينة كركوك ……الخ )).

وأستبشر المواطنون التركمان خيراً بتشكيل هيئة النزاعات الملكية ، ولم يعلموا أنهم سيدخلون في دهاليز ومتاهات لن تنتهي !!! . لأن الجهات المستفيدة التي أُستملكت الأراضي لمصلحتهم تستطيع رد قرارات هيئة النزاعات الملكية ، كون الأستملاك حصل بحجة  (( النفع العام )) . وكلنا يعلم أن مفهوم النفع العام في معظم الدول لا يتجاوز مشروع ( شق الطرق ) وحتى هكذا مشروع يتطلب التوصل الى قناعة ورضى صاحب الأرض عند تعويضه بشكل منصف ، وكثير من الدول تضطر لتحريف مسار الطريق بسبب عدم التوصل الى اتفاق مع صاحب الأرض . ولكن أن يعترض مثلاً وزارة الدفاع لأعادة آلاف الدونمات من الأراضي لأصحابها بحجة الأعمال التوسعية للوزارة علماً أن مقرالفيلق الأول في كركوك متجاوز عليه بكل أبنيته وأراضيه !!!! أو أن تتمسك وزارة البلدية والمالية بهذه الأراضي المصادرة ، بحجة النفع العام لأن لديها مشاريع توسعية وأبنية حكومية في المدينة !!! فما من وسيلة للمواطن إلا أن يسلك الطرق القانونية  ، وفي هذه الحالة  فربما يحصل على تعويض مالي وغير مجزي وبفترة قياسية ربما تصل الى (٦-٧) سنوات !!! .

أما الذين عجزوا عن الأستمرار في هذا الطريق ، بدؤا بالتصرف بأراضيهم ، من أجل البناء أو البيع ، لأنه ليس من المنطق أن النظام السابق حرمه من الدراسة والتعيين ومصدر قوته ورزقه ، وهو يرى بأم عينه أن الآخرين ( المرحلين والمهجرين ) بدؤوا بالبناء والتجاوز على أراضي تابعة للدولة ، وهو ينتظر من دون أمل !!!! .وكانت المفاجأة أن الحكومة المحلية أعتبرتهم متجاوزين ، وأقدمت على تهديم ما بنوه ، وألقت بهم في الحجز !!!و بدلا من أن تُستثمر هذه القضية للمطالبة بحقوقنا الضائعة ، سارعت العديد من الجهات بتكميم الأفواه وقتل القضية وتحويلها إلى المناكفات السياسية ، وعندما بادرت مجموعة من المواطنين التركمان  بقطع الطريق في تسعين ، أحتجاجاً على الأجراءات ، ظهر من السياسيين ورجال الدين من ينادي بأنهاء الأعتصام ، مبررين تارة أن المرجعية  إستلمت الشكوى وستحيل الموضوع الى الجهات المعنية !!! و أن الظرف الأمني لا يسمح بالتظاهر ، وقد يتم إستغلال الوضع  وينتج عنه إزهاق الأرواح ، رغم أن مجاميع من التيار الصدري وفي نفس الفترة ، قطعوا طريق بغداد- كركوك في الخالص ولمدة أكثر من أسبوع وأجبروا الحكومة المركزية للتدخل في حل مشاكل ديالى .و أودّ أن أشير هنا الى أحدى اللقاءات التي جمعت مجموعة من وجهاء كركوك مع أحد قادة التحالف الوطني عام/٢٠٠٩ وبحضور مجموعة من السياسيين التركمان ، وهو يخطب بهم موجّهاً اللوم ومحمّلاً التركمان مسؤولية معاناتهم في مدينة كركوك ، نتيجة أنقسامهم و تشتتهم قائلاً (( أنتم التركمان ، فيكم الأسلاميون وفيكم العلمانيون ، وفيكم القوميون ، وفيكم الصدريون وفيكم البدريون ، وعليكم أن تتوحدوا لتجلسوا الى طاولة المفاوضات وتطلبوا مطالبكم بقوة )) !!!!

فهل من المنطق أن تتحدث بأسلوب التوبيخ مع أناس قدموا من كركوك لأجل طلب الدعم والأسناد منكم سيدنا !! بعد معاناتهم من حلفائكم ؟؟؟؟ وأي دعمٍ تتحدث عنه وأن أكبر مقر لأحزابكم عبارة عن بيوت مؤجرة في ضواحي كركوك ، يُدار من قبل أفراد معدودين تم توظيفهم من أجل ( السمع والطاعة ) أو صرف رواتب لهم لأجل تأريخهم الجهادي  !!ومن المؤسف أن نشير هنا إلى أنه بقدر إهتمام الأحزاب الكردية بملفات كركوك وجعلها قضية مركزية واستراتيجية لهم ، أهملت الحكومة المركزية  و( الأحزاب الشيعية ) هذه الملفات أو غضت الطرف عنها أو أجلت النظر فيها ، لتلافي الوقوع في المزيد من الخلافات مع الأقليم ، ولا سيما عندما كان ولا يزال  التحالف الكردستاني  يمثل الحليف الأقوى للطرف الشيعي ، وما هذه الخلافات والتعارضات التي تدور رحاها اليوم إلا نتيجة هذا التعليق الغير مبرر والتي وجدت الحكومة المركزية نفسها اليوم بعيدة كل البعد عن تخطيط الأقليم  وتوجهاته .مشكلة الأحزاب السياسية التركمانية ( ذات الصبغة الدينية أو القومية ) بغض النظر عن الأنتماء المذهبي ، أنها تمثل إمتداداً للأحزاب الأساسية ( الأم ) وربما أن الأحزاب الأم تمتلك ستراتيجية ومنهاج ، ولكن الأحزاب الفرعية ، تفتقر الى الأستقلالية والنضج ، بحكم التمويل والدعم والتبعية ، وأن المؤسسون للأحزاب الفرعية ، هم مكلفون بتنفيذ الأوامر فحسب . ولكي يستمر النهج نفسه ، فمن النادر أن ترى تبديلاً للقيادات في الحزب ، حتى وأن تم ذلك فيتم من خلال أوامر  ادارية صارمة و صادرة من الجهة الممولة ، ولن ترى حزباً يعقد مؤتمراً دورياً لتجديد قياداته أو لجانه ، وحتى القيادات الفرعية عبارة عن شخصيات تجيد ( السمع والطاعة ) وعادة يتم أستبعاد المثقفين بسبب أنتقاداتهم أو حتى كثرة أستفساراتهم ، ويتضح هذا النهج بشكل جليّ عند مواسم الأنتخابات ، فتأتي الأوامر والأيعازات من الجهات الممولة ، الى الأحزاب الفرعية ، بالتحالف مع الحزب الفلاني أو الدخول مع القائمة الفلانية. متجاهلين المصلحة العليا للتركمان .فماذا قدمت الأحزاب الدينية للتركمان ، رغم كونهم قريبين من مركز القرار والسلطة ؟؟ غير مراعاة المصالح الفئوية والحزبية ، وكان هذا واضحاً للعيان في نتائج أنتخابات /٢٠١٠ حيث تم هدر بحدود (٢٦٠٠٠) صوت انتخابي في معقل التركمان في كركوك  نتيجة التفرد والتعنت !!!

وماذا قدمت الأحزاب القومية للتركمان  غير القرارات الصادمة والمبهمة !!! . فمرة تدخل الأنتخابات في إئتلاف مع أحزاب قومية عربية معظم قياداته بخلفية بعثية /٢٠١٠ . ومرة تدخل الأنتخابات بقائمة مستقلة مقابل قائمة تركمانية !!! وتتهم الأحزاب الأخرى بالتهاون في صيانة حقوق التركمان ، وهي لم تحقق غير الخفوت يوماً بعد يوم ، فخسرت مقاعد جمهورها في أكثر من محافظة (ديالى ، الموصل ، بغداد ، أربيل ) .ثم تأتي الأتهامات ، من سياسيي كلا الطرفين ، بأن الطرف المقابل أهدر حقوق التركمان ، وأن الطرف الآخر هم  طائفيون !!! ولا يملكون إيماناً بالقضية التركمانية ، وليسوا أُصلاء !!!! . ولا يؤمنون بشهداء القضية ، ولا يعترفون بالرموز القومية  ،  وأنهم ينتمون ( أسماً) للتركمان !!! . أو أن الطرف الآخر (قومچيون) ومشروعهم ليس وطني !!! وأنهم يستلمون الأوامر من جهات خارجية !!! بل يتعدى الأمر الى تسخير الأقلام المأجورة لكيل الأتهامات  التي ليتها تقتصر ما بين السياسيين . بل أصبحت تتعدى الى الجماهير ، والمحاولة لتقسيم هذه الأمة على أساس مناطقي أو طائفي ، التي كانت طيلة السنوات السابقة نسيجاً موحداً لا تعترف بالتفرقة الطائفية أو المناطقية . وكنت أتمنى أن تصدر الأتهامات أو الأنتقادات من قياديي كل حزب بشكل أصولي تجاه الأحزاب الأخرى ، فيكون الأنتقاد موجّهاً لسياسة الحزب أو سلوكه أو برنامجه ، وليس تبادل الأتهامات بشكل شخصي ، فهذا القيادي يتهم القيادي الآخر بالتهاون في المطالبة بحقوق التركمان وانشغاله بالأيفادات ، والآخر يردّ ويتهم القيادي الآخر بغيابه عن البرلمان عند مناقشة القرارات الخاصة بأستعادة الأراضي المصادرة من التركمان ، حتى أن الردّ من الطرف الآخر غالباً ما يأخذ قالباً شخصياً ، فبدلاً من أن يدافع القيادي المنتقد عن نهج حزبه ، يُمجّدُ في أنجازاته الشخصية ، وكأن الحزب قد تم أختزاله في شخص المؤسس أو الأمين العام الحزب وأنجازاته الفذة !!! وهذا ليس بجديد ، ففي الدورة السابقة وعندما طرح موضوع للنقاش في البرلمان يخص التركمان أراد رئيس البرلمان رأي ممثل التركمان وظهر بأنه كالعادة غائب عن الجلسة ، فكان تعليقه (( أين ممثل التركمان ، وأذا قررنا اليوم منح حقوق التركمان ، فمن سيستلمها ؟؟؟؟)) . وبالنتيجة ، أن الطرفين لم يقدما شيئاً للقضية التركمانية غير الخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع !!!نحن نعلم أن لكل تيار ، أنصاره ومؤيدوه في صفوف الشعب ، فأن كانت لديك خلافات سياسية مع الطرف الآخر ، والكلام موجه الى التيار القومي ، فكيف تنعت نصف الشعب التركماني ، بأنهم ينتمون ( أسماً ) الى التركمان ، لمجرد الأختلاف في الرأي ؟؟؟ وكيف تتهمهم بالطائفية ، لمجرد أختلافك سياسياً معهم ؟؟؟؟  ولم تقدم شيئاً ما يثبت أنك لست طائفياً !!!! .

 أفسح المجال لمؤسساتك المعطّلة ، بكسب الجماهير ، من خلال تدعيمها بالكوادر الكفوءة والمثقفة ، والأعتماد على الدراسات العلمية والأحصاءات الدقيقة ، والتحليل الصائب ، بدلاً من أختزال القضية التركمانية بالولاء الشخصي أو الأنتماء الشكلي ، ولتكن  لدى السياسيين بُعد النظر في المستقبل التركماني إستناداً الى دراسة الأنتكاسات التي حدثت في الماضي القريب من خمسينات القرن الماضي ولغاية الآن ، بدلاً من بُعد النظر الى الماضي السحيق والتفاخر والمغالاة بتأريخ أجدادنا العظام ، وتشخيص ومعالجة أسباب الضعف الحالي إن كنّا فعلاً أحفاداً لأجدادنا العظام . وإن كانت لديك خلافات سياسية مع الطرف الآخر والكلام موجه الى التيار الديني ، فكيف تنعت نصف الشعب التركماني ، أن مشروعهم ليس وطني !!! لمجرد الأختلاف في الرأي ؟؟؟ وكيف تتهمهم بالأرتباط بجهات خارجية ، لمجرد أختلافك سياسياً معهم ؟؟؟ ولم تقدم شيئاً ما يثبت أنتماءك لقوميتك مثلما تدّعي أنتماءك الوطني ، وأين أنجازاتك تجاه أبناء قومك ، وأين موقفك من حلفائك في الحكومة تجاه التهميش وعدم الأنصاف لأبناء قومك ؟؟؟ إن كنّا نؤمن أن التيار الأسلامي الذي نمثّله لا يقبل بالظلم والتفرقة .(( يتبع ))