8 أبريل، 2024 10:20 م
Search
Close this search box.

التربية الوجدانية

Facebook
Twitter
LinkedIn

إن الإسلام أهتم اهتماما كبيرا في بناء الإنسان فرديا واجتماعيا وهذا يعني أن هناك نوعان من التربية تربية فردية وتربية اجتماعية….
والتربية سواء كانت فردية أو اجتماعية فأنها تنقسم إلى نوعين من التربية هما التربية التثقيفية والتربية الوجدانية…
والمراد من التربية التثقيفية هي نشر العلم والمعرفة والثقافة ومحاربة الجهل ابتداءاً من محو الأُمية الأبجدية ووصولاً إلى محو الأُمية الحضارية….
وقد حث الإسلام على طلب العلم ((طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة))
و((أطلب العلم من المهد إلى اللحد)) و((أطلب العلم ولو في الصين))…الخ
وهذا النوع من التربية مهمٌ وضروري ولا يمكن للإنسانية الاستغناء عنه بل أنها وصلت بهذا النوع من التربية إلى درجات عالية من العلم والمعرفة وتطورت من خلالها الخبرة البشرية في الطبيعة والكون مما أدى إلى سيطرة الإنسان على الطبيعة بعد أن كان في الماضي البعيد خائفا من ابسط ظواهرها إلى درجة التأليه والعبادة!!!!
وهذا يمثل جانب علاقة الإنسان بالطبيعة…
وبالرغم من هذا التكامل النسبي في العلم والمعرفة إلا أنه لازال تحت رحمة أهواء الإنسان ورغباته وما تقتضيه أنانيته وتحقيق مصالحه الشخصية على حساب كل شئ ولذلك قالوا أن السياسة لا قلب لها…
فالعلم المتطور أصبح خاضعا لسياسة الإنسان الظالمة التي جعلت من العلم سوط عذاب مسلط على البشرية وهنا شهدت علاقة الإنسان بأخيه الإنسان تراجعا وتدهورا وتخلفا والذنب ليس ذنب العلم بل هو ذنب الإنسان الذي أصبح عبدا ذليلا لشهوته وغضبه وطمعه وسياسته الظالمة….
إن باطن الإنسان له دور في تسخير العلم نحو الخير والشر فنحن نلاحظ ذلك من خلال نوعان من معطيات العلم:
النوع الأول الجانب الإنساني السلمي المتمثل بالتقنيات الحديثة في مختلف المجالات الطبية والزراعية والاتصالات والشوارع والجسور والطرق ووسائل النقل والكهرباء وغيرها كثير من الوسائل التي ساهمت في تذليل العقبات أمام الإنسان…
والنوع الثاني الجانب الوحشي العدواني من خلال الأسلحة الفتاكة والسموم القاتلة ووسائل التعذيب ….الخ
وحيث أن العلم خاضع لإرادة الإنسان فإن إرادة الإنسان بأمس الحاجة إلى النوع الآخر من التربية أعني التربية الوجدانية وهي تربية الفرد والمجتمع على أساس العدل والعدالة والاهتمام بالمصالح العامة وتجاوز الذات عن طريق التحلي بالموضوعية..
أن هذه التربية وظيفتها هو خلق التوازن في داخل الإنسان من خلال سيطرة العقل على الغضب والشهوة والنفس الأمارة بالسوء…
إن الإنسان يجد صعوبة في هذه التربية أكبر بكثير من التربية التثقيفية وذلك لأن هذه التربية تقتضي أن يخالف الإنسان ميله نحو الدعة والراحة وحب الذات المركوز في باطن نفسه ومخالفة شهواته ورغباته ولذلك نجد أن الكثير يفشل في ذلك…
وعلى هذا الأساس قال الشهيد محمد الصدر(قدس) في الموسوعة المهدوية مفسراً سبب طول غيبة الإمام المهدي(ع) وذلك بسبب طبيعة التربية الوجدانية بخلاف التربية التثقيفية لأن المجتمع ينبغي أن يصل إلى نوعين من التكامل تكامل معرفي ثقافي وتكامل روحي وجداني ويرى الشهيد محمد الصدر (قدس) أن وصول البشرية إلى التكامل المعرفي الثقافي أسرع بكثير من التكامل الروحي الوجداني الذي يقتضي طول مدة الغيبة حتى يحصل التكامل الوجداني من خلال مرور الفرد والمجتمع بصعوبات كبيرة …
أن التربية الوجدانية تمثل أحد أهم أنواع الجهاد في الإسلام وهو جهاد النفس الذي هو الجهاد الأكبر كما جاء في الخبر الصحيح عن الرسول الأعظم(ص)…
إن الإسلام من خلال العقيدة والشريعة ضمن كل أسباب النجاح والتكامل للفرد والمجتمع والدولة بشرط الإيمان والعمل الصالح وجهاد النفس….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب