للمرة الاولى في التأريخ الحديث للعراق , قرر مجلس الوزراء تعليق امتحانات نصف السنة في مدارس وزارة التربية في العراق للعام الدراسي الحالي , وقد جاء هذا القرار بسبب تأخير بداية العام الدراسي الحالي من 22 / 9 الى 22 /10 / 2014 , حيث كان من المفترض ان تتم معالجة هذا التأخير من خلال جعل يوم السبت دواما من كل اسبوع ولكن الجهات الرسمية لم توافق على صرف اجور المحاضرات او الاعمال الاضافية كبدل عن دوام يوم السبت كونه عطلة رسمية في الوزارات والدوائر الرسمية في عموم العراق , وقد عزت تلك الجهات اسباب الرفض الى عدم توفر التخصيصات المالية لان البلد يعاني عجزا في الايرادات الاتحادية وهو ما يعني ضمنا انه من اجراءات التقشف .
ويمثل القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة أمس ( 18 / 11 / 2014 ) اعترافا منه بالعجز عن معالجة المشكلات التي تعاني منها وزارة التربية , ومن ابرزها اشغال نسبة كبيرة من المدارس من قبل النازحين وعدم امكانية اخلائها لرفض النازحين ذلك لعدم وجود اماكن بديلة , ويتم حاليا انشاء مدارس كرفانية ولكنها في طور الاحالة او النصب لان اجراءاتها تأخرت كثيرا , حيث لم يتم استثمار العطلة الصيفية لهذا الغرض باعتبار ان بوادر الازمات الامنية بدأت منذ حزيران الماضي او قبله ولكن هناك من بقى متفرجا دون اتخاذ اية اجراءات , كما ان مدة الشهر التي تم بها تأجيل بداية العام الدراسي الحالي لم يتم استغلالها حيث لم تشهد اية تحركات جدية بهذا الخصوص .
وجدير بالذكر ان اعضاء الهيئات التعليمية قد ابدوا معارضتهم للدوام يوم السبت من كل اسبوع بدون تعويض لعدم صرف الزيادات في الرواتب التي تضمنها قرار مجلس الوزراء السابق والتي من المفترض بداية استحقاقها من 1/ 1 / 2014 , وتعود اسباب عدم الصرف الى عدم اصدار قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2014 لحد الان , اذ ان وزارة التربية مقيدة بالصرف بحدود 1 / 12 من المصروفات الفعلية لسنة 2013 والتي لم تكن تتضمن الزيادات موضوعة البحث , وفي ضوء الوضع الحالي فان هناك العديد من المدارس لم يتم افتتاحها بعد مما اضطر مديريات التربية اللجوء الى الدوام الثلاثي والذي يعني ان المدرسة يتم الدوام فيها بثلاث وجبات مما يجمع اكثر من مدرسة في بناية واحدة .
وحسب مصادر مطلعة , ان قرار تعليق الامتحانات لم يلغي العطلة الربيعية التي تعود جميع العراقيين الدارسين في مدارس وزارة التربية وعبر السنين السابقة التمتع بها بعد امتحانات نصف السنة كمكافاة لهم عن ادائهم الامتحانات او لإراحتهم بعد انجازها , مما يشير ان الدافع من تعليق الامتحانات ليس للاستفادة من وقتها وانما لأسباب لوجستية قد تتعلق بعدم القدرة على اجرائها او اعترافا بان المدارس لم تنجز من مناهجها ما يستحق امتحانات نصف السنة وربما بسبب تكاليفها , وبيانات وزارة التربية لم تشير الى الاسباب الحقيقية ففي المقابلة التي ظهر بها السيد محمد اقبال وزير التربية امس قد اعطى وعودا بإبقاء العطلتين الربيعية والصيفية على توقيتاتها دون مزيدا من التفاصيل .
ويمثل الغاء امتحانات نصف السنة وللمراحل كافة عدا الصف الرابع الاعدادي الذي بدا بتطبيق نظام الكورسات الذي لا يتطلب امتحانات نصف السنة اساسا , انتكاسة كبيرة في المسيرة التربوية فهذه الامتحانات تمثل صمام الامان للمدارس لمراحلها كافة باعتبار ان سيرها ونتائجها لا يمكن ان تخضع للاجتهادات والتلاعب , لأنها تجري بشكل مركزي من قبل ادارة المدرسة وتخضع الى الرقابة والتدقيق من قبل مديريات التربية في المحافظات والاجهزة المختصة في الوزارة المعنية , والدرجات التي تظهر في هذه الامتحانات يتم التعويل عليها في وضع درجات السعي السنوي وتحديد من يشملهم الاعفاء الكلي او الجزئي للصفوف غير المنتهية ومن يسمح له بدخول البكالوريا في نهاية العام الدراسي .
ونعتقد بان تعليق هذه الامتحانات سيكون له بالغ الاثر في حدوث مزيدا من التدهور في واقع عمل مدارس وزارة التربية والتي شهدت تراجعا واضحا خلال السنوات السابقة , بدليل إنخفاض نسب النجاح في الامتحانات العامة للدراستين المتوسطة والاعدادية وانخفاض معدلات الناجحين من السادس الاعدادية باستثناء مدارس المتميزين والمتميزات التي تحظى باهتمام واضح من قبل وزارة التربية , ونشير بهذا الخصوص ان نتائج القبول المركزي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعام الدراسي 2014 / 2015 , قد أظهرت قبول طلبة بمعدل 50% في بعض قنواتها التعليمية في معاهد الجامعات التقنية وهو ما يثبت هبوط المعدلات , نتمنى ان لا يكون هذا القرار احد المسامير التي توضع في النعش التربوي .