التربويون في العراق: بين الاحتجاج والاعتصام والاضراب في مواجهة التحديات المعيشية في ذي قار

التربويون في العراق: بين الاحتجاج والاعتصام والاضراب في مواجهة التحديات المعيشية في ذي قار

يعرف أستاذة علم الاجتماع السياسي الاعتصام على انه ” هو عمل منظم  يتمثل في لجوء فرد أو مجموعة من الافراد الذي تجمعهم رابطة معينة الى مكان معين والتحصن فيه وعم مغادرته إلا بعد تحقيق مطالبهم، يمكن أن يتخذ العصيان طابعاً سلمياً او عدائياً، كما يمكن أن يكون مؤقتاً او دائماً حسب الحاجه اليه” اما الاضراب يعرف على انه ” هو عمل منظم وسيلة يلجأ أليها الافراد سواء في القطاع العام او الخاص أو الموظفون الحكوميون ويتمثل في التوقف المؤقت عن أداء مهامهم مطالبين بزيادة رواتبهم أو تحسين ظروفهم المعيشية أو السعي للحصول على امتيازات أو ضمانات إضافية”( ). كما تعرف التظاهرات على أنها ” حق الافراد في التجمع والتجمهر السلمي في احدى الأماكن العامة ولسقف زمني محدود وذلك من اجل التعبير عن الآراء والمطالب المشروعة لهم والتي تكون بطريقة سلمية ومن أبرز صورها المحاضرات والمناقشات والهتافات التي تحفز المتظاهرين على المطالبة بحقوقهم المشروعة”
( ) . لقد كفل الدستور العراقي كل من (الاعتصام والاضراب والتظاهر) ضمن الإطار السلمي والقانوني، هو حق من الحقوق المدنية والسياسية التي تعبر عن إرادة الشعوب، اذ تنص النصوص الدستورية على ذلك منها المادة (38) من الدستور العراقي لسنة 2005 والتي تنص ” تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب ما يأتي( ):
أولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.
 شهد العراق في الآونة الأخيرة تصعيداً في الاحتجاجات والاضطرابات التي نظمتها الكوادر التربوية في البلاد في اغلب المحافظات بما في ذلك المعلمون والمدرسون، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، اذ بدأت هذه الحركة مع انتهاء عطلة عيد الفطر، نظم التربويون أضرباً عاماً عن الدوام في المدارس، مطالبين بتعديل سلم الرواتب وتوفير مخصصات مالية، مثل مخصصات تحسين المعيشة والمهنية وبدل النقل ومخصصات الأطفال، مما أثر على سير العملية التعليمية.
 في محافظة ذي قار تحديداً، شهدت تظاهرات حاشدة نظمها المعلمون والتربويون أمام مبنى مديرية التربية في مدينة الناصرية، مركز المحافظة، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية وزيادة المخصصات المالية ، تخللت هذه الاحتجاجات مواجهات مع قوات مكافحة الشغب، اذ استخدمن القنابل الدخانية لتفريق المتظاهرين مما أدى إلى وقوع إصابات والاعتقالات في صفوف المحتجين، اثارت هذه الاحداث استنكاراً واسعاً من قبل النقابات والجهات الحقوقية والمجتمعية التي طالبت بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء والافراج عن المعتقلين، ودعت مجلس المحافظة الى عقد جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع ، لكنه فشل في عقد جلسة ،رداً على هذه الاحتجاجات عقد مجلس الوزراء العراقي جلسة لمناقشة مطالب التربويين ، حيث أصدر حزمة قرارات من بينها إجراء دراسة لمنح علاوة مالية والترفيع مقابل سنوات الخدمة المجانية المحتسبة، إلا ان هذه القرارات قوبلت بالرفض من قبل ممثلي التربويين ووصفوها على انها” خجولة” ، كما اكدوا على الاستمرار في الاعتصام والاضراب عن الدوام الى حين تنفيذ مطالبهم التي منها تعديل سلم الرواتب، صرف مخصصات مهنية وانصافهم، صرف مخصصات الأطفال، احتساب الخدمة المجانية التعاقدية، ضمان حقوق الترفيع والعلاوة السنوية، شمول المعلمين بالتأمين الصحي، تحسين البنى التحتية للمدارس.
استعملت قوات الامن العنف والقوة ضد الكوادر التربوية في محافظة ذي قار مما أدى الى أصابه العديد من المحتجين من بينهم نساء، وهنا لابد أن نسأل عما أذا كان الحق في استخدام القوة ضد المحتجين يستند إلى قوانين؟ وما هو الإطار التشريعي الذي يتيح استخدام العنف ضد المحتجين؟
 عند استعراض النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم التظاهرات في كل من العراق والدول المقارنة، لم نجد أي مواد قانونية تجرم الأفعال التي يرتكبها أفراد السلطة ضد المحتجين السلميين، لذا يجب ان يتضمن القانون نصوصاً تحدد مسؤوليتهم في حال تجاوزهم حدود استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين، وما يترتب على ذلك من جرائم مثل القتل والضرب والجرح، وحتى الايذاء الخفيف.
أن الشارع الذي قاري يخيف باستمرار كل الطبقة المسيطرة على المستوى المحلي والمستوى المركزي، انه مصدر قلقها الدائم، لذا نرى استخدام العنف بشكل مستمر وعلني ضد أي حركة احتجاجية تشهدها المحافظة، لذا يجب على صانع القرار المحلي والمركزي التعامل بحكمة ومسؤولية، والمضي في إجراءات فورية لاحتواء الازمة من خلال:
1- فتح حوار مباشر مع ممثلي التربويين
2- إطلاق سراح المعتقلين، إصدار بيان رسمي يؤكد على احترام المتظاهرين ويعد بمراجعة مطالبهم.
3- تشكيل لجنة عليا مشتركة بين الحكومة المركزية والمحلية ونقابة المعلمين لمراجعة سلم الرواتب والمخصصات.
4- إدراج مخصصات التعليم في الموازنة القادمة، إعادة النظر في قوانين الخدمة التربوية.