اعتقدنا بأن النظام الفاشي المقبور قد وصل إلى مرحلة من القسوة والسوء، لا يمكن معها أن يأتي بعده ما هو أسوأ منه !. والنتيجة وكما أكدته منظمة الشفافية الدولية ومراكز بحوث اقتصادية – سياسية عالمية مختصة. ومن خلال مشاهدة ما يعانيه المواطن العراقي ، جاءت الأوضاع والظروف عكس جميع ظنوننا، وجاء ما هو أسوء من التي سبقتها. والحال والشواهد التي يعانيها العراق اليوم كدولة ( فاشلة ) والمواطنين كشعب يعاني الآمرين, أمر لا ينسجم والتطلعات لبناء دولة ديمقراطية يسودها العدل والمساواة والشفافية .
حكومة السيد نوري كامل المالكي ( الفارطة ) لم تعتمد سياسة متشددة صارمة لمكافحة الفساد ،لا بالعكس فهي والأطراف المشاركة معها في إدارة الدولة والعملية السياسية ، كانت ولا زالت مثلا سيئا للفساد المالي والإداري وجمعت ما بين الخاص والعام، واستولت وصادرت لصالح منتسبيها ومسؤوليها مختلف المشاريع ( الوهمية ) والحقيقية، من مثل مقاولات ( الكهرباء ، بناء المدارس ، المستشفيات ، الأدوية ، الماء والمجاري ) واغلبها لم ينجز . صفقات توريد الأسلحة والمعدات والمركبات المدرعة ، والتي فرط من خلالها بتجهيزات خمس فرق عسكرية لصالح دولة الخلافة ( داعش ) الإرهابية والصحوات قديمها وحديثها والميلشيات المسلحة ، القصور والشقق وقطع الأراضي . واستنفرت ووظفت الحراسات الشخصية واستنزفت ميزانية الدولة .
واخيراً فرطت حكومة السيد نوري المالكي البائسة وفريقه الأمني والعسكري ( قنبر – غيدان ) بمحافظة نينوى ومدن وبلدات عديدة لصالح القوى الإرهابية، من فلول البعث و ( داعش ) وما رافقه من جرائم قتل وتمثيل مروع وإعدامات بالجملة وحملات تهجير وسبي ونزوح للمواطنين العراقيين ( المسيحين ، الشبك ، الايزيدين ، التركمان ) ، أنها تركة وارث مظلم ستلاحق السيد نوري المالكي وحزبه ، حزب الدعوة الإسلامية أولا ، و السيد صالح المطلك – جمال الكربولي وحركة الحل ، والنجيفي وكتلته وغيرهم الكثير من سياسي الصدفة والقطار الأمريكي أخيراً .
على الرغم من إجماع والتفاف القوى والأحزاب السياسية والتيارات الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني والنخبة المثقفة العراقية ، وترحيب المجتمع الدولي ودول الجوار العراقي ، بتكليف الدكتور حيدر العبادي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ،علينا أن لا ننخدع بالتحول الظاهري أو السطحي المقدمة بصيغ الوعود والآمال في التغيير الموعود. فالسيد حيدر العبادي ( أبو يسر ) عضو قيادي في حزب الدعوة الإسلامية ويتحمل كما المالكي وحزبهما المسؤولية عن ما آلت إليه مؤسسات الدولة العراقية من وهن وضعف وآليات فساد مستشرية ( اضخم فضيحة فساد في التأريخ ) حتى باتت الميزانية العامة تعاني العجز وبنسب كبيرة .
أن أراد السيد حيدر العبادي النجاح بمهمته ومساعيه بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، فينبغي عليه أن يلغي وينفي اشتراطات مسبقة يحاولها السيد نوري المالكي وحزبه فرضها، بشأن التشكيلة الوزارية القادمة. فقد جسدت سلطة المالكي وعلى صعيد الثمان سنوات الماضية ابتلاعاً حقيقيا للمجتمع المدني ومؤسسات الدولة العراقية ، والعبادي اليوم بحاجة ومن اجل النجاح، الخروج من أسر ( الدعوة – الطائفة ) نحو فضاء وطني عراقي . فالعراق ليس ملكا لأحد بل لجميع أبنائه وثمة حاجة كبيرة للإصلاح والتغيير .
هل معنى ذلك تعثر أو أخفاق السيد حيدر العبادي بمهمته ؟ ، وأن العراق لن يشهد تغييراً سياسيا – اقتصاديا – امنيا ؟
لا شيء مستحيل عندما يحسن السيد العبادي القراءة الموضوعية والتشخيص واختيار الفريق الوطني المنسجم والكفء والنزيه ، ونظيف اليد واللسان ، والوقوف عند احتياجات الدولة والمواطن الحقيقية والمشروعة.
المطالب متعددة ومتداخلة منها الأمني وسياسي وكذلك الأجتماعي – معيشي ، وسأتوقف أمام أمرين، اعتقدهما جازما وتناولتهما مرات عديدة في مقالات سابقة ، الأمر الأول أو المطلب الأول يكون في الجانب الأمني ،ويتوجب عنده أن تتوحد جهود وطاقات أبناء شعبنا العراقي لدعم وتعزيز الجهد الأمني والعسكري للحكومة العراقية وحكومة إقليم
كردستان لمجابهة إرهاب دولة الخلافة ( داعش ) والقوى الفاشية من بعثية ونقشبندية وفرق ظلامية وتحرير محافظة الموصل ومدن وبلدات عديدة،لتمكين المهجرين والنازحين العودة لمناطقهم .
الظرف الأمني وتدهوره بعد 10-06-2014 ونتيجة ضعف الدولة العراقية والعجز سلطة ( المالكي ) وضعف المؤسسات العسكرية والأمنية ، وفر الظرف لعودة الميلشيات في مدن مختلفة وبالأخص داخل العاصمة بغداد ( عصائب أهل الحق ) و ( كتائب حزب الله العراقي ) والتي عول عليها السيد نوري المالكي لإرهاب الخصوم السياسيين والاستئثار بالسلطة للوصول إلى ( الولاية الثالثة ) ، وأصبحت ظاهرة خطرة حالياً ومستقبلاً ليس فقط على أبناء الشعب وإنما على مؤسسات وهياكل الدولة. فالسيد المالكي وعلى لسان السيد قيس الخزعلي ( مسؤول العصائب ) ومن على شاشة الفضائية العراقية و خلال مقابلة مع السيد كريم حمادي بعد أحداث الموصل صرح، أن العصائب تحظى بالدعم الحكومي عبر التزود بالسلاح والعتاد والمركبات والمال ، وماحدث في منطقة القاهرة في بغداد ( 15 آب ) من مواجهة عسكرية راح ضحيتها عدد من أفراد الجيش والميلشيات وقبلها ما حدث في منطقة زيونة والكرادة والعامرية وابو غريب من جرائم قتل وظهور الجثث في أنحاء مختلفة من بغداد لمواطنين مغدورين والتي توعز دائما لأسباب قتل مجهولة، قد أستفحل أمرها. فالميلشيات تفرض اليوم الخاوة وتمارس الابتزاز في مناطق الشعب وبغداد الجديدة والصدر والدولعي والشعلة ومناطق كثيرة أخرى ،وباتت الميلشيات عامل قلق يعقد من المشهد الأمني ويدفع نحو الهاوية . على السيد حيدر العبادي المكلف بتشكيل الحكومة وفريقه الاستشاري والبرلمان العراقي والأجهزة الأمنية التعاطي مع موضوعة المليشيات بجدية لما يمثله من خطورة على العملية السياسية، ووضع المعالجات والحلول ولعل أهمها السيطرة على أي سلاح خارج السلطة الشرعية .
المطلب الثاني , فتح ملف الفساد المالي المستشري في دوائر الدولة، لما يشكله من عائق كبير أمام إعادة بناء البنية التحتية، وعليه لا يمكن للبرلمان العراقي أن يواصل أعماله واغلب أعضائه قد انتفع ولازال ينتفع وبدون وجه حق وبشكل غير مشروع و قانوني بأموال عامة تعود ملكيتها للشعب العراقي ، ولا يمكن للسيد حيدر العبادي أن يغض النظر عن ملفات الفساد التي طالما هدد بها السيد المالكي خصومه السياسيين ، ويجب أن يخضع الجميع للتدقيق والمحاسبة وتحت شعار ( من أين لك هذا ؟ ) .
من معايير السلوك السوي لعضوة أو عضو البرلمان العراقي والتي من الضرورة الأخذ بها , إقرار البراءة والذمة المالية من خلال كشف ما يملك عضو البرلمان وأفراد عائلته من أموال منقولة وغير منقولة ومصدرها ، وهنا يمكن للأعضاء الذين أقاموا في الخارج ( وما أكثرهم ) وضع الضوابط والمعايير لهذه المكاشفة والمحاسبة وبالتالي إعطاء وزارة المالية ودوائر الضريبة الفرصة لتثبيت الأصول و بكيفية حساب الضريبة السنوية لاحقا .
المستغرب في المشهد العراقي في حالة بؤر الفساد المستشري ، الميل لطمس أو تغيب الحقائق والتستر عن الفساد المالي والإداري ، وإخضاع الدولة ومؤسساتها لهيمنة الأطراف السياسية الفاعلة ، ابتدأ من مجلس الحكم وانتهاءا بحكومة السيد المالكي , هذه الأطراف جعلت من الدولة العراقية مرتعاً خصباً لاستشراء واتساع الظاهرة التي لا يمكن التصدي لها والقضاء عليها بالسهولة واليسر الذي يتصوره البعض . الظاهرة لا تقتصر على بغداد العاصمة وإنما مستشرية في العراق من أقصاه إلى أقصاه ، وهنا نستطيع أن نشخص بعض الظواهر الملفتة للنظر والتي يطال ضررها المواطن العراقي، وهي قواسم مشتركة لأغلب القوى السياسية ، والغاية منها ليس التشهير ، فقط من اجل وضع النقاط على الحروف وبالأخص بعد أن بدأ البرلمان أعماله ونشاطه وتشكيل لجانه، وفي المقدمة وضع الموازية لعمل الحكومة العراقية المرتقبة ومن الضرورة بمكان أطلاع الجميع على الوضع بعمومه .
1- ملف وزارة الكهرباء وفضيحة السيد أيهم السامرائي ( الهارب ) والعقود الوهمية وإنشاءه مكتب في الأردن لإدارة عمليات النصب والاحتيال والسرقة وإشراك رجال من الكوادر البعثية وعلى رأسهم صلاح يوسف كزير وزير الصناعة والكهرباء في عهد البعث الفاشي ،ومثلهم الوزير كريم وحيد وهروبه إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
2 – ملف وزارة التجارة والحصة التموينية وعقودها ووزيرها السابق الهارب فلاح السوداني ، المبلغ الذي بذمته مبلغ لا يقل عن خمسة مليار دولار أمريكي .
3- ملف وزارة الدفاع بدأً من وزيرها الهارب حازم الشعلان ( الذي بذمته أكثر من مليار دولار ) ثم وزير الدفاع في حكومة المالكي الأولى عبد القادر وكذلك وكيل الوزارة ووزير الثقافة بالوكالة السيد سعدون الدليمي في صفقات الأسلحة الروسية والأوكرانية والبولندية.
4- ملف وزارة الداخلية بدأً بفضحية السيد فلح حسن النقيب وتوظيف الآلاف ( على الورق ) ويتم قبض رواتبهم كل شهر ميلادي وما زال الأمر ينخر وزارتي الدفاع والداخلية وصولا للسيد عدنان الاسدي وفاضل الدباس وفضيحة جهاز الكشف عن المتفجرات ( لعبة الأطفال . مكتشف قناني العطور ) والتي راح ضحيتها الالآف من المواطنين العراقيين الابرياء .
5- ملف وزارة الصناعة ووزيرها احمد ناصر الكربولي وتضخم وتراكم ثروته .
6- ملف وزارة الصحة العراقية وبالأخص قضية المفتش العام السابق للوزارة السيد عادل عبد المحسن وزوجته والمتعلقة بعقود بناء المستشفيات واستيراد الأدوية المنتهية الصلاحية ، وبعد هروبه إلى القاهرة، عاد إلى العراق دون محاسبة بموافقة السيد المالكي .
7- ملف وزارة التربية بداً من وزيرها السابق السيد خضير الخزاعي والعقد الايراني ( 200 ) مليون دولار للبناء الجاهز للمدارس , والوزير الحالي السيد محمد تميم والمتعلقة أيضا ببناء المدارس وطبع وتجهيز الكتب المدرسية والبسكويت المنتهية صلاحيته .
8- ملف أمانة العاصمة بدأً من السيد معين الكاظمي إلى وكيلها الحالي السيد نعيم عبعوب الكعبي وبالأخص ما يتعلق بمشروع ماء الرصافة وتغليف قناة الجيش ومقاولات المجاري والتواطؤ مع السيد عصام الاسدي برفع قيمة عقد ماء الرصافة لأكثر من مليار ومائتين مليون دولار .
9- ملف السيد نمير العقابي وشركاته الأمنية واستيلاءه على أملاك الدولة وحوزته أسلحة كاتمة للصوت وباعتراف السيد نوري المالكي وبما بات يعرف بقضية ( احمد المالكي ) .
10- ملف الهلال الأحمر العراقي وفضائح السيد جمال ناصر دلي الكربولي واستيلاءه وآخرون على أرصدتها وقيم التبرعات وسيارات الإسعاف ، والسيد إبراهيم الجعفري يعرف كما الآخرين جميع الحيثيات حول الحادثة.
وهناك ملفات فساد مالية شخصية على السيد جودت العبيدي ( من الحواسم ) والسيد مشعان الجبوري والوزير الأسبق لوزارة الثقافة العراقية الهارب اسعد الهاشمي وغيرهم الكثير مما استدعى الفضائية البغدادية وعلى مدى سنوات الكشف عنهم وبالأسماء والأرقام والوثائق الساندة ، مما أثار حفيظة سلطة السيد المالكي وتم ملاحقتها لحين إغلاقها مع بدء العدوان الإرهابي لـ ( داعش ) والفلول البعثية .
هذه صورة فساد النخبة من السياسيين التي كان من المؤمل أن يقودوا عملية التغيير وبناء الدولة العراقية ( الجديدة ) . وهو انطباع ومثال سيئ للمواطن العراقي المحروم من ابسط مقومات الحياة من مأكل ومسكن وعمل وكهرباء وصحة وأمن مفقود وتهجير وسبي ونزوح وقتل على الهوية .
هل يمكن إعادة الثقة للمواطن العراقي والشارع العراقي والرأي العام بممثليه المنتخبين ؟
الجواب عند السيد حيدر العبادي وفريقه .