21 ديسمبر، 2024 7:45 م

التداعيات السياسية لازمة المياه على الواقع الأمني

التداعيات السياسية لازمة المياه على الواقع الأمني

دعوة لأفكار خارج الصندوق
مدخل:
في ورشة مطولة لمؤسسة الرؤى للتعليم والتنمية المستدامة، نوقشت هموم المياه وهموم المهتمين بالمياه، أدارتها الدكتورة سندس احمد وتطرق الدكتور رمضان إلى مواضيع متعددة منها التغيير المناخي وحروب المياه وكانت مشاركة من نخبة طيبة من بلد ثري بالطاقات وواسع الاهتمامات وملتصق بأرضه وحبه لخدمتها، ولقد ارتأيت أن أضع في هذا المقال ما يشبه التوصية لحكومة عراقية ممكن أن تضعه في برنامج للارتقاء بالموارد المائية من خلال استثمار الطاقات، الحقيقة أن التغيير المناخي هو محاولة لوصف حالة متوقعة غير ذات ملامح واضحة، فليس هنالك جزم أن التغيير سيحصل ويستقر في يوم معلوم أو إن كان سيستقر على ما كان عليه أو بتحول مسمي قطبي أو تغير في كميات ودورات المطر، لهذا فالمهمة ليست سهلة للباحثين والخبراء في إعداد آليات المواجهة ولابد من عمل خارج الصندوق
ما لمقصود بالتداعيات السياسية
دون شك هنالك تداعيات سياسية واستنفارات وتجاذبات واستقطاب عندما يواجه البلد مشكلة في المياه أو غيرها مما يعني المصير، بيد أن المصير مشترك في هذا الأمر فالكل معرض للتغيير المناخي القادم هل هو تغيير بمواسم الأمطار الشتوية والصيفية.
بغياب اتفاقات ثنائية حول المياه ــــــــــ وليس المقصود مذكرات تفاهم حتما ـــــــــــــ يجعل كم من الضبابية وسوء التفاهم ومشاكل مفتوحة تولدها غياب الثقة أو غياب افتراض حسن النوايا فمشاكل المياه مع التغيير المناخي هي في احتمالات متعددة:
هل هو تغيير الأنواء من حيث الحرارة ودرجاتها العليا والواطئة.
نوعية المحاصيل التي تزرع وتقنية زراعتها.
والاهم من هذا كله مياه الشرب.
لكن التفكير في هذا الموضوع يحتاج إلى جلوس السياسيين وهم يحملون ما توصلت اليه الأفكار خارج الأساليب المعروفة من حلول تقليدية، وان أخذنا التغيير المناخي بتحول تدريجي للجداول المطرية إلى انقلاب تام للأقطاب، فان هذا يعني التغيير في البرامج الزراعية بالكامل وبأنواع المحاصيل وهذا يعني الأمن الغذائي ، أما التفكير بحصول حروب بين الدول فهذا عجز لمنظومة الإنسان العقلية عن الحلول المطلوبة الآن الذي هو متأخر أصلا، وأما الصراع على الماء بين العشائر والأفراد، فهذا امر متوقع مع وفرة المياه وليس شحته فقط لذا لابد من حراك لمنظومات مجتمع مدني تتكلم بلغة هذه الشرائح من المجتمع، ودوائر لمرشدين زراعيين يتعاونون معها.
ظرف غير تقليدي حل غير تقليدي:
هنالك من الحلول ما يبدو صعبا ومكلفا لكنه في بلد غني سيكون اقتصاديا إن درسنا مجموعة العوائد من الحل:
أولا: منظومة السدود:
هي منظومة للسدود المتوسطة والكبيرة الغاية منها تجهيز المياه للاستخدام المنزلي والصناعي، تقام على الأنهار ولكن تصمم بشكل مختلف به تفاصيل لحماية الماء في حوضها الأكبر للمياه القريبة من جسم السد حيث تعالج تربة الحوض لتكون اقل نفاذية، هذه السدود تمتلئ طبيعيا من الفيضان أو الأمطار المحلية أو من منظومة الأنابيب من تحلية مياه الخليج عند الحاجة، ويختار لها مواقع ذات مواقع مهمة للخدمات والمنحدرات، وهذا الموضوع للدراسة من كل النواحي الفنية والجدوى.
ثانيا: منظومة الأنابيب التركية الخليجية:
باختصار مشروع أنابيب ينقل المياه إلى خزان حديثة وينشأ في مقدمة السد ناظم ومأخذين لأنابيب، أحدها ينقل المياه إلى دول الخليج، والأخر حط ينتهي في البصرة أو يمتد إلى الكويت لنقل الماء إلى مجموعات الإسالة المدن الجنوبية كافة لتجنب حالات الشحة وما تسببها من أوبئة وأمراض، وهذا أيضا يحتاج إلى دراسة وتصاميم.
ثالثا: منظومة الإدارة (التخطيط المشترك والاستثمار المشترك)
البلاد الأربعة التي تؤثر على حوض دجلة والفرات هي تركيا وإيران كدول منبع، وسوريا والعراق كدول تشحن روافد فيها النهرين وتعبر من خلالها إلى الخليج.
لا يوجد عمليا اتفاقية ثنائية أو رباعية عدا اتفاقية الجزائر التي تفصل الأنهار والروافد من إيران إلى دجلة، وهذه الآن تغيرت تضاريسها وحولت مساراتها لذا فينظر إن كانت إيران ترغب بالحديث عن إعادة النظر في كل شيء والدخول ضمن تعاون عابر للحدود بمنظومة تشبه الوزارة لإدارة الزراعة والموارد المائية من التخطيط والتصميم إلى التنفيد والاستخدام فالصيانة وتوزع مهامها مع الوزارات القطرية بتنسيق مشترك.
الاتفاقية من هذا النوع تخطط وتشرف على تدريبات الكوادر فنيا وإداريا وإعداد القادة المتشبعين بفكرة التعاون الإيجابي في البلدان الأربعة.
الوضع الحالي:
في العراق نقص كبير في التخطيط والإدارة والسيطرة ومقومات التأهيل والإعداد للكوادر، وإنشاء المشاريع بشكل مدروس أو توجيه القوى العاملة في استثمار للطاقة البشرية كمورد طبيعي من الموارد الفاعلة، كما أن استثمار الموارد الطبيعية كالنفط والعوائد الأخرى في تفعيل الموارد البشرية وتنمية الدخل القومي والقدرة الشرائية للفرد في آن مفقودة لانها لا ترى على الأرض.
فابتداء فيما يتعلق بوزارة الموارد المائية وتنحو نحوها الوزارات الأخرى فنحن بحاجة إلى التأسيس إلى مركز تدريب ممكن أن يتشارك في مرحلة لاحقا مع دول الجوار في تعاون ضمن مشاريع تتوسع تدريجيا فتكون هذه مؤسسة فاعلة مهامها
التدريب والتأهيل الفني والإداري ضمن برامج التعليم المستمر
ندوات التوعية للمجتمع والعاملين
تصاميم أولية ومقترحات تطويرية تحال إلى الوزارات أو المديريات المختصة لبرمجتها ضمن أعمالها
جمع قاعدة بيانات منتظمة وإجراء حسابات لتوثيق واستقراء الأوضاع المائية واتجاهها وكيف يمكن الاستفادة منها
تحليل ودراسة البيانات من السدود في البلاد لتقييم وضعها الصحي كمنشآت ومدى تأثير الصيانة أو الحاجة إليها.
هذه الأمور طرحت في مقالات سابقة وضمنيا على هامش الورشة كعوامل للتفكير بغير الحلول التقليدية التي لم تتبع في الرخاء لتكون مقبولة في الأزمة.