22 ديسمبر، 2024 6:24 م

التداعيات الأمنية للأزمة الاقتصادية في إقليم كوردستان

التداعيات الأمنية للأزمة الاقتصادية في إقليم كوردستان

مما لاشك فيه ان الامن والاقتصاد وجهان لعملة واحدة وان كان قد قيل سابقاً بأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وهذا يعني بأن الاقتصاد في ركوده وانتعاشه يؤثر على الامن سلباً وايجاباً، فان الوضع الاقتصادي الجيد للدولة والمواطن ايضاً يلعب دوراً مهماً في حالة استقرار البلد وتأمين حياته وحمايته من الاخطار والتهديدات الخارجية والداخلية، وهذا ما دفع وزير الدفاع الامريكي ان يقر بأن الامن هو التنمية, صحيح ان امن المواطن والدول كانت مرتبطة بالقوة العسكرية إلا انها لم تعد كذلك لأن القوة العسكرية غير قادرة على حفظ الامن من جميع الجوانب ودليلنا في ذلك ان الاتحاد السوفيتي السابق لم يقدر على مواجهة التهديدات الامنية الموجهه اليها رغم ترسانته العسكرية القوية، وكذلك النظام العراقي السابق لم يستطع بقواته العسكرية من مواجهة الهجوم عليه في ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية.
مع تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها العراق واقليم كوردستان تزداد الاوضاع الامنية تدهوراً وسوءاً لان هذه الازمة القت بظلالها المعتمة على كل مفاصل حياة المواطنين واحد هذه الجوانب هو الجانب الامني الذي يتدهور كثيراً مع تزايد وتيرة هذه الازمة، وإن تعددت اسباب الازمة الاقتصادية بين تدني اسعار النفط وتداعيات ازمة فايروس كورونا والهجمات الارهابية وسوء الادارة والتخطيط المالي والاقتصادي وقطع الموازنة المالية من قبل الحكومة الاتحادية مما دفع بحكومة الاقليم الى اتباع سياسة التقشف وقطع الرواتب ودفعها ناقصة ولمدة طويلة تصل الى (50) يوماً وهذا ما اثر بشكل كبير على حياة المواطن الكوردستاني الذي يعتمد كثيراً على راتبه الشهري وبالتالي اثر على حركة السوق والتجارة والقت الازمة الاقتصادية بظلالها على الجانب الامني واثرت عليه بشكل ملحوظ وهذا يعني ترابطهما وقوة الصلة بينهما ومن تداعيات هذه الازمة على الوضع الامني :
زيادة واضحة في نسب الجريمة وتنوعها وتعددها نتيجة الفقر والبطالة وخاصة الجريمة المنظمة من عمليات السطو المسلح على دور المواطنين و محلات الصيرفة بالاضافة الى الجرائم الاخرى من القتل والاحتيال والسرقة .
من المؤكد ان الوضع الاقتصادي المتردي يدفع بالموظف الذي يطول مدة استلامه لراتبه الشهري الى استغلال وظيفته لصالح تحسين احواله الاقتصادية وسيكون ذلك على حساب تطبيق القانون وتنفيذ التعليمات الصادرة اليه من الجهات العليا بالرشوة وقبول الهبات والهدايا وحتى مد يده الى من يحتاجه في عمله بأساليب وطرق شتى وتحت مسميات عديدة وهذا ما يؤثر على هيبة الحكومة وسياستها الاصلاحية المعلنة بالاضافة الى ان ذلك الموظف يكون فريسة سهلة للجهات المعادية للاقليم والتي تريد ان تعكر صفوة امن المواطن الكوردستاني ان تصطاد هذا المواطن واستغلال وضعه الاقتصادي المتردي لتحقيق سياستهم سواء بنقل المعلومات اليهم وتجنيده كجاسوس او تنفيذ مآربهم مقابل اموال بخسة وهذا ما يؤثر على امن الاقليم .
في ظل الازمة الاقتصادية يضعف ارتباط المواطن بأرضه و مبادئه ومقدساته ويصعب عليه الدفاع عنها عند تعرضها للخطر مما سيكون لهذا الامر النتائج السلبية على حالة الامن والاستقرار .
تلعب الاشاعة والدعاية في ظل الازمة الاقتصادية دوراً كبيراً في التأثير على نفسية المواطن اكثر فيما اذا كان الوضع الاقتصادي مستقراً وهذا ما نلاحظه بشكل يومي بأنواعها المختلفة سواء كانت اشاعة الخوف او الامل.
هذا عدد من تداعيات الازمة الاقتصادية على الوضع الامني وهناك الكثير، لذا نهيب بحكومة الاقليم ونطالبها ببذل كل ما بوسعها في سبيل تحسين هذا الوضع السيئ للغاية وتحاول جاهدةً على دفع رواتب الموظفين الذين طال انتظارهم وفقدوا الامل وان استمرار هذه الازمة سيفقد المواطن امله وحبه لوطنه ومبادئه ومقدساته وسينتظر الفرصة للانتقام والثأر لتوسع الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع الكوردستاني في الجانب الاقتصادي والتعليمي والصحي والترفيهي.