22 ديسمبر، 2024 9:21 م

التخلص من الخطأ….هدف الإنسان…؟

التخلص من الخطأ….هدف الإنسان…؟

الخلاص من الخطأ الحياتي للأنسان عبر الزمن موضوع مهم وصعب للغاية..ولا اغالي اذا قلت انه اصعب موضوع يواجه الانسان في حياته..هذا الموضوع شغل فكر الآلهة القدماء حتى تحول الى ارشادات ونصائح ملزمة في فكر الأنبياء والرسل والمصلحين.فأذا كان الخلاص له الاهمية في معرفته والخلاص من خطورته ..اذن فما معنى الخلاص ؟ ومما ينبغي ان نخلص منه..؟
ورد مفهوم الخلاص في الحضارات القديمة ،الأغريقية ،والمصرية ،والعراقية، والفارسية والهندية والصينية القديمة وحضارات اخرى كثيرة سادت ثم بادت..على أنه التحرر من سلطة الخطيئة ، والخلاص من عقوبتها الدنيوية والأخروية (دائرة المعارف العالمية) ،وقد اجمعت المصادر المعاصرة لهذه الحضارات جميعها.. ان الكهنة ورجال الدين هم اساس الخطأ الذي حل بالبشرية ، نتيجة جهلهم في تفسيرالنص الديني خطئاً دون تعليل..لذا حذرت الاديان عند مجيئها من عدم تخويلهم حق الفتوى على الناس..وتفسرهم للنص الديني ..والأعتراف بهم كقادة دنيويين..ولم تُخصهم بلباس معين … ولاقدسية لهم ابدا..لكنهم كانوا وما زالوا لهم الكلمة النافذة في دول المتخلفين..ً
ورغم الملامح الحضارية الكبيرة التي وردت في الحضارة المصرية والحضارة الفارسية والعراقية القديمة ..كالشرائع والمدونات والدساتير لكننا لم نلمس مصلحا واحدا اراد لشعوب تلك الحضارات الاصلاح والخلاص

2
من الأخطاء التي رافقتهم .. سوى ما جاء في الحضارة الهندية على وجه الخصوص… كما ورد في ديانتهم البوذية…
البوذية… ديانة هندية،لنشوء صاحبها بوذا في شمال الهند(563-483 ق.م) نيبال الحالية ..وهي ثورة دينية على الكهان ورجال الدين آفة المجتمع يومئذٍ كما قال عنها بوذا ، ولا زالوا الى اليوم ..هؤلاء الذين أتجهوا الى السيطرة على عقول الناس بالكذب والأفتراء والتدجيل والشعوذة، حينما دعا بوذا الى الفضائل والتخلي عن الرذائل للوصول الى الكمالات ،ثم الى عالم السعادة الروحية والنفسية عن طريق السلوك الحسن وتصفية القلوب والتطبيق العملي لها دون أكراه ومن لم يلتزم فهو ليس بوذياً.
صاحبت ذلك عبادات وطقوس زرعت في نفس البوذي منها الطاعة وصفاء النفس الأنسانية ..كل هذه الصفات التي ظل متمسك المؤمن البوذي بها الى اليوم..لا يخونها ولا يتجاوز بها على حقوق الأخرين.قاد هذا التوجه بعد بوذا الفيلسوف( شنكار)الذي زرع التوجه الانساني في نفوس الناس بتطبيقه مبدأ الحق المطلق ، والعدالة الاجتماعية بقانون رقابي صارم .. ولا زالت تعاليم بوذا لدى معتنقيها الى اليوم تنفذ بحذافيرها..كما هي في التطبيق..حضارة الهند اليوم تمثل… التأمل والسكون لمجابهة الخلاص من الخطأ.
وحين انتقلت البوذية الى الصين عن طريق التجارة والدعاة ،واستقرت هناك اوصلت الصينيين الى الاعتقاد بضرورة التخلص من الخطأ الحياتي ومعاملة كل صيني بنفس معاملة الصيني الأخردون تفريق…لدرجة ان 3الصينيين – رغم أختلاف الأصول عندهم- ينظرون الى أنفسهم على انهم من قوم على خلق كريم وأمانة وسجايا طيبة.شعب واحد جدير بالاحترام والتقدير على وجه الارض،لذا ألتزم الصيني بعدم التجاوز على حقوق الأخرين ..حتى مكنت هذه الخصال الحميدة والأيمان بها الانسان الصيني الى اثبات وجوده الحضاري حسب نظرية التحدي والأستجابة..
هذا التوجه القويم ادى به الى ان يرسم الخطوط الرئيسية لتطوره السياسي والاجتماعي والفكري له ولأجياله المستقبلية بعيدا عن أنانية الانسان المتدين بالديانات الاخرى دون تطبيق..
الديانات الثلاثة …اليهودية والمسيحية والاسلام ،جاءت بكتب منزلة وانبياء موصى بهم…من الآله القادر القدير…الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير..وبتعاليم أكثر أنضباطية من تعاليم البوذيين أذن… لمَ لم تصل دياناتهم بعبادها الى مرحلة الخلاص من الخطيئة والخطأ والتوجه الى مرحلة السمو الخلقي والعدالة الاجتماعية ،وما نادت به من نظرية الحق المطلق.. ؟ ..فهل كان القصور فيها ام في مؤيديها…؟
انا اعتقد شخصياً ان ما يحتاجه الانسان للخلاص من أنحراف الخطيئة والخطأ ..ان يتحرر من سلطانها..فيترك عاداته السيئة،ويكف عن السير بموجب ميوله ونزواته المنحرفة بحرية تامة دون تضييق، وان يجاهد بأستمرار ضد الخطأ ، ويُعلم الابناءالسير في الصلاح بعدها يصل الى المجد الذي يُريد دون ان يوعد بالجنة والنار كمردود أكيد..حتى ان الكتب السماوية منحت الانسان هذا الحق(لكم دينكم ولي دين).
الله هو خالق البشر ..خلق فيه الفضائل والرذائل، أي الخير والشر ،كما في قول الحق :”وأنا لاندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا،الجن 10″…منها ما هي ملتصقة به دون خلاص مثل ممارسة الجنس
4
والرغبة الشديدة اليه..بينما العدالة جاءت عنده نسبية تابعة لميوله وتربيته…لذا جاهدت الأديان على محاربة الرذيلة واتباع الفضيلة بنصوص دينية كثيرة للانسان تنقلها له الكتب السماوية ورجال الدين بآساليب مختلفة ومتداخلة تشجعه احيانا على ارتكاب الجريمة …مقابل العفو والاعتذار للخلاص منها بأسلوب دنيوي غير مقبول..اعتقد ان هذا التوجه الديني من سلطة الدين عن طريق الأحاديث النبوية المزيدة والمفبركة.. خاطئا ومقصرا تجاه ما قدمته البوذية لاصحابها..حين يقول أصحابها ..”يا أبن أدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم أستغفرتني غفرت لك(حديث قدسي) مدون ومتداول بين الناس.
فماذا لوكان العرب قبل الاسلام مثلاً بقوا على ديانتهم وطوروها نحو الالتزام بها كما فعلت البوذية..؟ للوصول الى هدف الله الذي كان معروفا عندهم هو الحق المطلق والاحسان ومعاونة الضعيف …( أنظر مدونة مجلس الملأ) كوسيلة للوصول الى التكفير عن الخطايا وتطبيق العدالة..بدلا من المذاهب المخترعة والملل الدينية التي شتت البشر وحولته الى ذئاب مفترسة لها وللأخرين..
نحن لا نشكك في دين او رحمة منه.لأنها كلها آديان الله .لكننا نطرح وجهة نظر لديانات مضى عليها الاف السنين ولا زال معتنقيها يراوحون في الظلم والخطيئة والفقر والمرض والتخلف دون استطاعتهم احلال البديل..فهل سنبقى ننوح عليها دون تطبيق ..؟
انا اعتقد ان نظرية العفو والغفران التي وردت في الكُتب السماوية فسرت تفسيرا خاطئا من قبل فقهاء الدين تقربا للسلطة لا لحقوق الجماهير..وهي من وسائل اخلال المجتمع في التطبيق..فالرجل يسرق ويزني ويحنث القسم
5
ويخون الوطن..فما عليه الا ان يبقى صائما مصليا الليل كله في ليلة القدر ليغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر..والرجل يرتكب كل الموبقات ..فما عليه الا ان يصوم او يحج ليمسح عن رقبته كل ما فعل..فهل بهذا التوجه الذي زرعه رجل الدين في نفوس المتدينيين…. يعد اصلاحا للبشر ..يقبل به الآله الخالق والدين ؟أم خطئاً في التقدير ؟
انا شخصياً اعتقد ان لا احد يستطيع ان ينال الخلاص من الخطأ ..لا بكاهن ولا برجل دين..ولا بنبي ولا برسول يفريض مبادئه وتعاليمه فرضا دون قناعة بقوانين معينة .. او كتاب مقدس يتحول الى تطبيق ..لا بالحرب والجهاد وفرض نظرية القوة على الناس لينعم هووالأبناء بالأمتيازات دون الناس بحجة الدين…ويموت البشر كلهم جزاء التدجيل …بل يتحقق هذا كله للناس بسلطان واحد هو الضمير الأخلاقي… ولا غير..
نحن المسلمون لا زلنا لا نملك اسما تحت السماء ولا فوق الارض ان يمنعنا من ارتكاب الخطيئة والغفران منها لأن تفسير النص جاءنا بتشويش وكثرة الاحاديث المفروضة دون تقنين ..لم تقنعنا بعقيدة تضمن لنا العدالة والخلاص من الخطأ ..بعد ان اصبح القائد او الرئيس يتصدر خطأ التطبيق..لا نستطيع الا بعد ان نُخلص لعقيدتنا بحرية تامة دون أكراه ..كما اخلص البوذي لها..وهو الضمير..ويبقى الله العزيز هو القادر الحكيم..وانا به مؤمنون…؟
لقد حان الوقت للتخلي عن التعصب الديني والمذهبي… فيجب علينا ان نرفض رجل الدين الذي اشاع بيننا هذا المرض الخبيث،ونعترف بأن الحقيقة الدينية هي سلوك وضمير يتغير ويتطور..وليست هي أساليب مطلقة ومنقوشة على حجر.
6
ان الثورات والتغيرات السياسية والاجتماعية هي أساليب يرتبط نجاحها بتوفر القيادات المخلصة الاهداف والواضحة في البناء اللفظي السليم ..
على الشعوب ان تحرر نفسها بأيديها ولا تنتظر رحمة من الأخرين..كما في العالم العربي والاسلامي اليوم…؟