إذ تلقى المتلقي سماع موضوع اقتصاد العراق على الفور يخطرُ في باله أن لا نفاذ لهُ لأنه يطفو فوق بحر من النفط ومشتقاتهُ المختلفة لكن هذا مُجرد ظاهرًا لمن يراهُ من الخارج بينما إن قرر أن يراهُ من الداخل سوف يتغير كل شيء في منظورهِ أو الفكرة التي أخذها من غيره، لأن النفط ليس هو الوحيد الذي يمكن أن يُساهم في رفع اقتصاد العراق لأنهُ غير كافي لسد النُقصات الأخرى فمن جهةً الديون المُتراكمة عليه والدمار الذي قيد إعادة إعماره، ومن جهةً أخرى أغلب المعامل المتوقفة عن العمل فلو عادة إلى وضعها الطبيعي لحلت جزء كبير من مشاكل الاقتصاد المُتضارب في السنوات الأخيرة، ففي عام ٢٠١٤ أرتفع اقتصاد العراق بشكل كبير ومن بعدها أنخفض إنخفاضًا كبير بسبب ديون الحرب على تنظيم داعش الإرهابي وأستيلائيهِ على مساحات شاسعة ومنها حقول نفطية و أراضي زراعية ومعامل كانت تعمل لسد الحاجات وتعطيل التجارة وتوقف الاستثمار لانعدام الثقة لدى المستثمرين وتدمير البنى التحتية والأصول، وعدم إقرار الموازنة كان تأثير ذلك سلبيًا على الكثير من القطاعات سواء من ناحية تعطيل الخطة الخمسية (٢٠١٣- ٢٠١٧)، مما أدى إلى اختلال توازن النظام الاقتصادي في البلاد وعدم استقراره، لكن كانت المفاجأة الأكبر أن أسعار النفط انخفضت خلال فترة الحرب حيث حدث عجز كبير وصل إلى (١٤.١٣%) من GDP في عام ٢٠١٥ على الرغم أتخذوا إجراءات التقشف قبل حدوث ذلك، بسبب الانفاقات العسكرية وبعدها وصل العجز الحساب التجاري (٦.٤%) من GDP إذ بلغ (٢٦) ترليون دينار عراقي، وأصدرت سندات للاكتتاب طرحت للجمهور بقيمة (٥) تريلون دينار، حين كان التمويل الخارجي بصورة قروض من المؤسسات المالية الدولية، لكن لم يكون هذا كافيًا حيث تلقى صدمةً أخرى بعد أن بدأ الاقتصاد العراقي يتعافى تدريجيًا من الأزمة المزدوجة (٢٠١٤- ٢٠١٦) نتيجة التحسن الملحوظ في أسعار النفط والتي كانت (٦٠) دولار للبرميل الواحد عام ٢٠١٩ وبداية عام ٢٠٢٠، حيث أن هذا التحسن النسبي أصطدم بأزمة ثلاثية الأبعاد صحية واقتصاديةوسياسية، أستقال رئيس الوزراء خلال هذه الفترة دون إقرار الموازنة، مما أدى إلى سوء الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة لعدم توفر فرص العمل، من ما ولد أزمة سياسية اجتماعية ومن جهة أخرى تمثلت الأزمة الصحية بسبب تفشي فايروس كورونا في عموم البلاد، وفي ظل عدم توفر بنى تحتية صحية مناسبة للسيطرة على المرض والحد من تداعياته كون ذلك حالة هلع بين الناس، أما الأزمة الاقتصادية فقد تمثله بتوقف حركة العالم بصورة كارثية بسبب أنتشار الوباء، وفقد برميل النفط من قيمتهُ السوقية (٥٠%) ليسقط السعر من (٦٥.١) دولار إلى (١٧.٧) دولار للبرميل خلال شهر أبريل هذا السقوط الكبير والمفاجئ لأسعار النفط في الأسواق العالمية اربك أوضاع المالية العامة في البلد لأنها تعد قاطرة النمو ومحركًا نشاطيًا للاقتصادلأن حينها أصبح تمويل الإنفاق العام الممول في الإرادات النفطية يواجه تحديات وصعوبات كثيرة، ومن الواجب أن يعتمد العراق على إنتاج الطاقة المتجددة وعدم اعتماده على النفط وتوسيع طرق جديد لزيادة الاقتصاد وتوفير عمل يقلل من الفقر والبطالة وتشجيع على إعادة أحياء الإنتاج الوطني من الزراعة والمواد الغذائية التي يستهلكها الفرد العراقي. كما أن توقع الصندوق الدولي أن يعود نمو الاقتصاد في العراق من جديد في عامنا الحالي ٢٠٢٤ بنسبة ١.٤% و ٥.٣% في عام ٢٠٢٥ فأشار الصندوق إلى أن هناك حاجة إلى تعديل مالي تدريجي كبير في العراق لأجل تحقيق استقرار الديون لمدى متوسط وإعادة بناء احتياط مالي حتى لا يكون هناك عثرات في المستقبل القريب للبلاد.