10 أبريل، 2024 4:26 ص
Search
Close this search box.

التحاورية!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

هي القدرة على التحاور أو إمتلاك مهارات وأدوات وخبرات الحوار المقتدر الذي يوصل إلى تحقيق الأهداف والطموحات , والتحاورية تتناسب طرديا مع السعادة والأمان , بمعنى كلما تمكنت الأطراف من إجادة فنون وأساليب الحوار كلما تحقق الفوز أو النجاح لهما معا , وكلما ضعفت أو غابت قدرات الحوار فأن الخسران سيصيب الطرفين أو الأطراف المتفاعلة.
والواقع العربي يشير بوضوح إلى فقدانه لأبسط مهارات وآليات الحوار , بل أن الحوار يُعتبر عيبا وسبة ولا بد من التحدي والتناحر والإقتتال , ففي ذلك رجولة وقوة وبطولة وغيرها من الأوهام والهذيانات الفتاكة التي تدفع بالناس إلى سفك الدماء.
وما أصاب العرب على مدى القرن العشرين ولا يزال بسبب هذا الفقدان المروع للحوارية , فتجدهم لا يعرفون سوى التعادي والعدوان , ولو أخذنا حالة في أيٍّ من دول العرب لوجدنا الحوارية غائبة تماما وغير معهودة , فأبناء الوطن الواحد لا يعرفون التحاور ولا يجيدون التفاهم , وإنما تكون القوة هي الآلة والأداة اللازمة لتمرير ما يراه هذا الطرف أو ذاك , والأمر واضح في التفاعلات السياسية وما إرتكبته الأنظمة في جميع الدول العربية.
فالعرب يتناحرون ويتقاتلون ويتذابحون للتعبير عن الرجولة والفحولة والقوة الواهية العصماء , وقد خسروا قضاياهم لعدم إجادتهم لفنون الحوار , ولجهلهم بسياسات النفس الطويل والصبر الواعي الأمين , فهم يتميزون بالإندفاعية الصاخبة الصارخة , وبغياب الحلم والحصافة التقديرية والعقلية اللازمة للوصول إلى الإنجاز الصحيح.
فقد أضاعوا قضية فلسطين نتيجة لذلك , فالسادات خصم الموضوع في كامب ديفد ببضعة أيام , والعراق لا يمتلك أبسط مهارات التحاور , ولهذا تم إسقاطه في أوحال الحروب الخليجية المتكررة , وما إعتبر وتعلّم كيف يمكنه الوصول إلى حل بالحوار.
فالعرب يحسبون الحوار ضعف , ويستسلمون ويرضخون بسرعة لإرادة الآخرين , الذين يسعون للضغط على عواطفهم وإنفعالاتهم فيحصدون الإستجابات المطلوبة لتنفيذ ما يريدونه.
واليوم تجدهم في صراعات تدميرية فائقة بسبب إنعدام قدرات الحوار الإيجابي البناء , وهذا ما تسبب بما يدور في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وغيرها , وربما بسبب الإنفعالية العالية وهيمنتها على العقل أو أسره وإستعباده , مما أدى لتقاتل الأحزاب وتدميرها للوطن الذي من المفروض أن تعمل من أجله وترقى به , لكنها تتدمر وتدمره.
ومن هنا فأن السؤال الذي يفرض نفسه للخروج من ورطة الإنقراض الحضاري , كيف يتعلم العرب أساليب الحوار المعاصرة؟!!
وعلينا جميعا أن نبحث عن الجواب الكفيل بإنقاذ الواقع العربي من محنة الضياع والتأندلس الفتاك , الذي سيمحق الوجود العربي مثلما محقه في بلاد الأندلس.
ولا بد للباحثين والدارسين والمهتمين أن يفكروا مليا وجديا بما يساهم بوضع الأسس المعاصرة لتربية حوارية , وثقافة حوار إنساني يعتمد العقل الذي يمتلك قدرات إبتكار الحلول , وينأى عن العواطف القاضية بسفك الدماء والهلاك المبين.
ترى هل سيتمكن العرب من إعلاء قيمة البشر , وتعلم إحترام حقوقه وتطلعاته والتحاور معه على أنه إنسان؟!!
إنها في جوهرها محنة قيمة إنسان!!
وما تعلمنا مهارات وجادلهم بالتي هي أحسن!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب