23 ديسمبر، 2024 6:00 ص

التحالف بين الاعداء -أمريكا وايران مثالا!

التحالف بين الاعداء -أمريكا وايران مثالا!

قد يكون عنوان المقال غريبا للبعض نوعا ما ,لكننا سنجعل هذه الغرابة تختفي حسبما أعتقد و سنجد أن علم ادارة الصراع والبقاء والانتصار متطور وغريب للبشر من خلال غرابة ما يقوم به الطرف القوي ,حتى يجعل الكثيرين في حيرة ممن اَفاق تفكيرهم محدودا فغالب الشعوب لا تمارس التحليل السياسي بل تعتمد على ما ترى وما تسمع وما يقول من تعطيه الثقة لأي سبب كان .فمثلا نحن المسلمون نؤمن ولا نجادل في كل ما قاله الخالق في كتابه المبين ونحن المسلمين نضع علامات استفهام على غير كلام الله . حتى أن الاخرين يمارسون نفس العملية وفق معتقداتهم فكل ما غريب عنهم يكون في وضع الشك .

حينما ظهر مصطلح (الفوضى الخلاقة ) اعترض الكثيرون على هذه التسمية وقالوا هي فوضى فكيف يمكن ان تتخلق منها حسنات ونتائج ايجابية ؟! وهذا تفسيرا صحيحا لو اخذناه مجردا من معانيه العميقة ونتائجه فالفوضى تصنع الخراب لكن هذا الخراب ينفع مثلا شركات النظافة والسكراب وايضا شركات الصيانة اذا ما ادت الفوضى الى خراب البنيان والخدمات …كذلك من الناحية السياسية فهي تخدم من يحرك هذه الفوضى ويغذيها وفق متطلبات مصلحته لذلك فالقوي يمكن أن يتحالف ولو بصورة غير معلنة مع خصومه اذا كثروا من خلال تبني وجه نظر على أخرى أو جهة ضد أخرى أو يسكت على فعل مشين فتفهم صاحبة هذا الفعل ان القوي مؤيدا لها أو هو يعطيها حرية التصرف في هذا النوع من العمل فتأمن جهته الا أن هذا الاسلوب وهذا الفهم قد يولد مخاطر على هذا الطرف فينخدع من موقف القوي ويستمر في غيه ثم يجد نفسه على حين غرة بمواجهة لم تكن بالحسبان مع القوي .!

حينما نقول أن هناك تحالفا بين أمريكا وبين الفرس ترتفع رايات الاحتجاج والاستنكار فكيف يمكن أن تكون ايران التي تعلن أن أمريكا هي الشيطان الاكبر حليفا لأمريكا ؟ حسنا .. لنضع أمثلة تقربنا من هذا الاستنتاج لنأخذ مثلا القاعدة ,لقد كان لتحالف القاعدة و مجوس ايران مصلحة مشتركة على الرغم من الاختلاف الايديلوجي الكبير بينهما فقدمت ايران ملاذاً امنا لافراد القاعدة وداعش وصل الى ابناء بن لادن حمزة وسعد وتحول تنفيذ شعارات القاعدة وداعش الى قتل السنة أنفسهم والامريكان وتنحوا عن الشيعة او مهاجمة ايران وبالمقابل قامت أمريكا باسناد معظم قوة داعش وتحالفت داعش مع الامريكان والاكراد ووجهت بعض الضربات ضد ميليشيات ايران والجيش في العراق وسوريا وانقسمت القاعدة وداعش الى قوتين قوة تضرب مصالح ايران وقوة تضرب مصالح أمريكا الا انهما مارسا قتل السنة سويا !,بينما تحالفت مع الحوثيين ضد الشرعية الدولية في اليمن لذلك فليس غريبا اننا سجلنا أن أمريكا وايران وحتى حكومة العملاء بالعراق يقدمون السلاح الى القاعدة وداعش بطرق مباشرة وغير مباشرة! وكما نرى فان التنظيمات الارهابية قد استفادت بشكل كبير من الفوضى الخلاقة التي أوجدتها أمريكا وقلدتها ايران من اجل ان يستتب الامن لها ولعملائها المزدوجين ..كما دخل حزب الله الارهابي اللبناني على الخط وساهم بتدريب عناصر من القاعدة من الذين نفذوا التفجيرات في سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام ..

على الرغم من استفزازات الزرقاوي لشيعة العراق الا اننا لم نرى اي عملية لهم ولداعش قامت في جنوب العراق ! او داخل ايران ..كذلك تحالفوا في اليمن و في سوريا فكانت القاعدة او داعش تضرب الفصائل التي تحارب قوات الاسد ايضا! بيد ان زواج المتعة بين القاعدة والمجوس يختلف مع أمريكا فالعلاقة مبهمة و ليست معلنة وشاهدنا ان أمريكا سلحت داعش حين اسقطت جوا معدات واسلحة عسكرية لهم بشمال العراق وغرب مصر بينما ساهم حزب اللات في تدريب وتزويد القاعدة بالسلاح و ساهم وكيل الفرس بالعراق بتسليمهم معسكرا فيه تجهيزات فرقتين عسكريتين جنوب الموصل .

لكن الذي سيستفاد بالتالي هو القوة الكبرى أي أمريكا من هذه التحالفات فهي اولا استفادت من التحالف الغير معلن مع ايران بان ساهمت قواتها الموالية لايران والدواعش بالقضاء على المقاومة العراقية ضد الاحتلالين الصفوي والامبريالي الامريكي وبدأت تلعب مع ايران بتحالف القوي .. لقد شاهدنا كيف انه بعد تخلي أمريكا وايران عن القاعدة وداعش كيف تم القضاء عليها وبحجتها قاموا بتدمير مدن العراق فوق ساكنيها باسلوب بربري وهمجي معدوم الضمير.أمريكا تهدد حكومة ايران منذ ثلاثين سنة لكنها لم تقضي عليها لانها مستفادة منها وايران تعلم ذلك وعليه فهي تمددت في العراق والدول العربية وفق منطق غض البصر الذي يجعل الطرفين راضين عما يجرى ,فقط يختلفان وتظهر القوة كحل حينما تتضارب مصالحهما بقوة لذلك فامريكا تسعى لاضعاف ايران من أجل ان لا تتجاوز بمصالحها مصالح الامريكان بينما ايران تحاول الهاء الامريكان عن طريق ذيولها في الوطن العربي وبالذات العراق الذي حولوه الى منطقة انتقام متبادل .
هكذا اذن يتم التحالف بين الاعداء ودائما الاقوى بتخليق الفوضى الخلاقة هو الفائز رغم ما يخسره هنا وهناك. هكذا هي الحقيقة التي يراها اصحاب العقول المنفتحة !.