18 نوفمبر، 2024 12:29 ص
Search
Close this search box.

التحالف الوطني الجديد برؤية بعيدة عن ابتزازات مسعود البارزاني

التحالف الوطني الجديد برؤية بعيدة عن ابتزازات مسعود البارزاني

كنّا نتمنى أن تكون التحالفات السياسية العراقية , تحالفات وطنية عابرة للانتمائات القومية والطائفية وقائمة على أسس وطنية صرفة , وبعيدة عن الخطاب القومي والطائفي , خطابات تبدأ بالمواطن وتنتهي بالوطن , لكن وللأسف الشديد ليس كل ما يتمناه المرء يدركه , فالواقع السياسي العراقي قد فرض علينا واقع آخر ما كنّا نتمناه , فكما يقول المثل ( تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ) , وكنّا نتمنى أن تتكسرّ هذه التحالفات القومية والطائفية وتنتهي وتزول آثارها السياسية والاجتماعية , لكن على ما يبدو أنّ الخطاب القومي والطائفي لا زال هو السائد , فالمكوّن الكردي يتجه نحو توحيد خطابه , وكذلك المكوّن السنّي هو الآخر يتّجه بذات الاتجاه , ويبقى المكوّن الشيعي الذي يمّثل المكوّن الأكبر في النسيج الاجتماعي العراقي , هل سيتّجه هو الآخر بذات الاتجاه ؟ أم أنّ خلافات اطرافه الشخصية ستكون لها الغلبة وبالتالي سينفرط عقد تحالفهم الهش ؟ .
ويبدو أنّ الحراك السياسي بين أطراف التحالف الوطني يدور حول نقطة أساسية , وهي من سيكون مرّشح هذا التحالف لرئاسة الوزراء القادمة ؟ وما هي الآلية التي سيتم التوافق عليها لتكون معيارا لاختيار المرّشح القادم لرئاسة الوزراء ؟ , وهذه النقطة بالذات كانت عبئا على هذا التحالف في الدورة الانتخابية السابقة , وكلنا نتذكر كيف تأخرّ إعلان أسم نوري المالكي كمرّشح لهذا التحالف لأكثر من سبعة أشهر , فتحالف دولة القانون الذي يترأسه نوري المالكي والذي يشّكل الكتلة الأكبر في التحالف الوطني , يدعو لاستخدام المعايير الديمقراطية في اختيار المرّشح لرئاسة الوزراء , بينما ترفض كتلتي المواطن والأحرار هذه المعايير وتدعوا لأن يكون التوافق بديلا عن المعايير الديمقراطية .
وهنالك قناعة باتت شبه راسخة عند جميع أطراف هذا التحالف , بضرورة إجراء تغييرات جوهرية في طبيعة وأهداف هذا التحالف , فكتلة المواطن ترى في أن يكون لهذا التحالف دور محوري في رسم وصناعة القرار السياسي الوطني , وأن يكون دور الأطراف الأخرى في هذا التحالف اساسيا وفاعلا وليس هامشيا كما كان عليه الوضع في التحالف السابق , أي بمعنى أن يكونوا شركاء حقيقيين مع رئيس الوزراء في صناعة القرار السياسي الوطني .
وفي تقديرنا أنّ هذا الأمر صحيح إلى حد ما , إذا لم يتقاطع مع الدستور العراقي ويحوّل هذا التحالف إلى بديل عن مجلس الوزراء المسؤول عن رسم السياسات العامة للدولة العراقية , ولا بأس بإيجاد علاقة متوازنة بين هذا التحالف ومجلس الوزراء , وهذا بطبيعة الحال سيوفر مجالا حقيقيا للمشاركة الفاعلة في صنع القرار السياسي الوطني .
أمّا بالنسبة لاختيار المرّشح لرئاسة الوزراء , فمن الطبيعي والمنطقي أن يكون من الكتلة الأكبر في هذا التحالف , فإذا كان الدستور العراقي نفسه قد أعطى الكتلة الأكثر عددا , الحق في تشكيل الحكومة , فلماذا لا يكون هذا المبدأ نفسه مطبّقا كآلية لاختيار المرّشح لرئاسة الوزراء في داخل التحالف الوطني ؟ , وكيف ستقبل الكتلة الأكبر أن يرّشح شخصا آخر من غير كتلتهم ؟ وهل ينسجم هذا مع معايير الديمقراطية ؟ .
فإذا كان اختيار المرّشح لرئاسة الوزراء هو حق للكتلة الأكبر , فليس من حق الكتل الأخرى في هذا التحالف أن ترفض مرشح الكتلة الأكبر في ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي حضى بثقة الشعب العراقي , وليس مقبولا أن تتذرّع برفض مسعود البارزاني وأسامة النجيفي لنوري المالكي , فكيف لنا أن نقبل برفض من كان حليفا لصدّام لآخر لحظة في حياة النظام السابق ؟ والذي تسبب بقتل آلاف العراقيين حين استدعى عام 1994 قوات الحرس الجمهوري للتدخل في القتال الدائر بينه وبين جلال الطالباني والتي سمّيت بحرب الكمارك ؟ وهل يحق بالمقابل أن يرفض التحالف الوطني مشاركة مسعود في تشكيل الحكومة القادمة لأنه جعل من إقليم كردستان دولة منفصلة عن الدولة العراقية وفرّط بنفط الشعب العراقي الذي هو ملكا لكل الشعب العراقي ؟ كيف ستكون لنا هيبة ومسعود الذي لا يمتلك عشرون نائبا في البرلمان أن يتحّكم بخيار الشعب العراقي ؟ هل يعلم مسعود إنّ الأصوات التي حصل عليها نوري المالكي لوحده في بغداد أكثر من أصوات حزبه في كل أنحاء العراق ؟ ما هذا الصلف و هذه الوقاحة وهذا الإزدراء بخيار الشعب ؟ ولماذا ينحني الشيعة لمثل هذه الابتزازات الرخيصة ؟ وماذا سيقول عمار الحكيم ومقتدى الصدر لأبناء شعبهم إن وافقوا على إملائات وابتزازات صديق صدّام وحليفه ؟ .
فالذي يسعى لإعادة التحالف الوطني بأسس جديدة , عليه أولا أن يتّخلص من حساسيته المفرطة تجاه نوري المالكي , وأن ينظر لمصالح حزبه من خلال المصلحة الوطنية العليا للشعب , كما إن السيد نوري المالكي عليه بالمقابل أن لا يجعل من التحالف الوطني طريقا فقط للوصول إلى رئاسة الوزراء , وعليه أن يشرك شركائه في التحالف الوطني في صناعة القرار الوطني .

أحدث المقالات