مع اقتراب العراق من الانتخابات المبكرة، والتي يتوقع أن تكون مفصلية، فهي سترسم خارطة وملامح العراق الجديد، وربما تنجح في الانتقال به الى مرحلة تنجح في وضعه على سكة الاستقرار والهدوء..
كما لهذه الانتخابات من مدخلات متعددة، فبالتاكيد سيكون لها مخرجات، او استشراف يتوقع ان يصاحبها.. فهناك قوى ستنتهي الى الاضمحلال في، قبالها ستكون هناك قوى صاعدة تتصدر المشهد السياسي برمته.. وعلى الرغم من التراجع الي سيصيب هذه القوى السياسية، بسبب الصراعات السياسية والاستهداف المبرمج لها، الا انها ستحظى بفرصة تاريخية إذا ما احسنت استثمارها وبالشكل الصحيح.. على الرغم من جميع هذه المتغيرات البينية، التي ستصاحب عملية الاقتراع، الا ان هناك سؤالاً مهما يطرح نفسه؛ في حال أجريت الانتخابات بموعدها المحدد، وانتهت هذه الفعالية الانتخابية من دون ان تحمل معها التغيير المنشود، كما يتوقع بعض المحللون المتشائمون، وربما لن تنجح في إزالة الاحتقان واستعادة ثقة المواطن بنظامه السياسي الديمقراطي، فكيف سيكون موقف القوى السياسية، المتصدرة للمشهد السياسي عموماً حاليا؟
واهم من يظن أن الحل الامثل لهكذا ازمة، هو بتفكيك النظام السياسي او تغييره.. فهذا امراً يصعب تطبيقه، مع كل هذه التعقيدات من حيث المكونات السياسية والمذاهب والقوميات، والتي تريد ان تجد نفسها ومكانتها في هذا النظام، وربمايكون من الاسلم التوجه نحو تشكيل تحالف عابر للمكونات، يأخذ على عاتقه حمل الهوية الوطنية لا المذهبية القومية.. ويمثل الجميع ويكون قادراً على ردم الهوة بين الجمهور والنظام السياسي، ويمكن أن يكون النواة الأولى لتشكيل مثل هذه التحالفات، والتي بالتاكيد ستكون قادرة على تغيير معالم التحالفات القادمة، وعلى اساس فكرة الحكم والمعارضة..
من خلال تحالف قوى سياسية عابرة للمكونات والمذاهب، وتشكيل تحالف يتبنى الحكومة وحقائبها، ويبتعد عن توزيع المناصب على اساس المكوناتية ، بل يعتمد الكفاءة والنزاهة، بعيداً عن الضغوط الحزبية والفئوية، التي تمارسها تلك الكتل من اجل مصالح وعقود( كومشنات) وأموال طائلة مهربة الى الخارج ،أو استهدافها في شراء الذمم في اي انتخابات تجري لاحقا..
أن التحالف العابر سيكون مثابة للقوى السياسية من جميع المكونات، فهو نقطة التقاء لجميع هذه القوى، ضمن مشروع متفق عليه، وحتى المختلفة مع النظام السياسي، ربما ستجد هذا التحالف فرصة للتعبير عن نفسها وارادتها، خصوصاً مع انبثاق قوى جديدة من داخل حراك تشرين، والذي يراقب الجميع مدى قدرته على التمثيل السياسي في المرحلة القادمة..
من شأن هذا التحالف ان يكون حافزاً، لتشكيل تحالفات اخرى بنفس الهيأة والتشكيل، بحيث يكون التنافس بين هذين التحالفين، شريفاً وبما يحقق مطلب الجمهور ككل بغض النظر عن هويته القومية أو المذهبية، والذي بالتاكيد سيحظى بتاثير أكبر في البرلمان، من حيث قدرته الحصول على الاغلبية البرلمانية، والتي ستؤهله لتشكيل الحكومة القادمة، ويكون مرتاحاً في اختيار رئيس الحكومة أو فرض رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ويمتلك القدرة لإحداث تغيير كبير على النظام السياسي، وإجراء التعديلات المناسبة على الدستور، وبما يحقق طموح ومتطلبات الشعب العراقي، وفي المقابل فأن الجمهور سيجد نفسه مرتاحاً جداً في اختياره، بعيداً عن التأثير الحزبي أو القومي أو حتى المذهبي، في اختيار ممثليه في البرلمان القادم.
أن هذا المشروع إذا ما كتب له النجاح،فانه سيكون إنجازا سياسياً كبيراً في صلب المبادئ العامة، والتي يتفق عليها جميع العراقيون ،وأهمها المواطنة بين جميع مكونات الشعب العراقي، والسعي الجاد من أجل تشكيل حكومة قوية قادرة على إنهاء تفرد الاحزاب، والسعي الجاد من أجل تقديم الخدمات، الى جانب كونه سيكون نواة الحل لاكبر المشاكل وأعقدها..
إن هذا التحالف سينهي معادلة المكانة السياسية و النفوذ، الذي تتمتع بها بعض القوى السياسية، ويجعلها بعيداً عن مرمى المساءلة القانونية في ملاحقة قضايا الفساد الاداري والمالي، وتكون تحت طائلة الملاحقة دون وجود حصانة سياسية لهذه الكتلة او تلك، والسعي الجاد من أجل حل المشاكل والتحديات،بحلول ناجعة وليست حلولاً ترقيعية، لذلك فان مثل هذا الحل يمثل إجراء عملية جراحية ستكون حلاً للموت السريري الذي تعاني منه العملية السياسية والنظام السياسي ككل.
على الجميع الاعداد والاستعداد، واستثمار هذا الوقت والفرصة من أجل تهيأة البلاد لحل نهائي وناجع، ويكون التنافس فيه لخدمة العراق وشعبه على اساس المواطنة، و المشروع السياسي الجديد والذي بالتأكيد سيكون وطنياً بامتياز