الكل تراقب مجريات الإحداث العالمية, والإقليمية خاصة, وما سوف تؤول إليه مخرجات التحالف المرتقب, بين الولايات المتحدة “بقيادة ترامب” والدول الإسلامية “بقيادة محمد أبن سلمان”, المتعطش لخلافة المملكة, الذي يدعو لخلق محور إقليمي, لمواجهة الوجود الإيراني في المنطقة, ما يعني إن المنطقة مقبلة على معسكرين, يصعب تحديد موقف العراق منهما.
لا يمكن أن نستبعد الصورة السوداوية, المقبلة عليها منطقة الشرق الأوسط, لاسيما بعدما نهاية داعش, العراق خرج منتصر من أشرس معركة, وأقذر ممارسات استخدمت بحق شعبه على مختلف الطوائف, النصر الذي تحقق على أيدي العراقيين, الذين لبوا نداء المرجعية العليا, على مدى ثلاثة سنوات, كان للدعم الإيراني دوراً كبيراً فيه, ما جعل اغلب الدول تعيد حساباتها, وفقاً للمعادلة السياسية الجديدة.
الإطراف السنية الخاسرة أخذت تبحث عن ملاذ لها بين عواصف التغييرات؛ منها من لجئت لأنقرة, ومنها من اصطفت مع الوجود الإيراني, وأخرى بقيت قابعة تحت عباءة الرياض, لا نستبعد إن الجمهور السني, سينتج قيادات جديدة, فضلاً عن تحديد مستقبله بين البقاء تحت مظلة بغداد, أو يطالب بإقليم أو أقاليم, لان سنة العراق أكثر الخاسرين, مع صعوبة إعادة البنية التحية لمحافظاتهم.
الحديث عن الوطن؛ مرتبط في وحدة الموقف الشيعي المتذبذب, حسب مصالح الكتل السياسية, التي تبحث اغلبها عن مساحاتها, أكثر مما تفكر في المصالح العليا للبلاد, كأنما الدماء التي سالت من أجل العراق, كفيلة ببقائها في مقاعدها الانتخابية, ما جعل بعضها تبحث عن اصطفاف مع هذا المحور أو ذلك, رغم قناعتهم إن سياسة التوازن, تعد الضمان لحفظ الوطن من طوارق الدهر.
في طبيعة الحال القراءات تشير إلى إن التحالف الجديد سيشعل المنطقة حرباً, خاصة إن الهدف الأساس منه تقويض القوة الإيرانية في المنطقة, الأمر الذي سيجعل طهران لن تسكت عن ذلك, ما يدعوها إلى إيجاد محور مضاد بقيادتها, الأذرع الإيرانية في المنطقة, هم اللاعبون الأكثر تأثير, لان الجمهورية سوف لن تجازف بالدخول في حرب استنزاف, تزيد من معاناة شعبها؛ الاقتصادية والمعيشية.
الحكومة العراقية برئاسة العبادي, الأكثر تروية في التعامل مع هكذا إحداث, عكس سياسة سلفها المالكي, الذي فشل في ممارسة سياسة التوازن, بين الطرفين الغربي والشرقي, العبادي لم يلقي بكل ما لديه في أحضان الولايات المتحدة, ولم يعلن عن اصطفافه مع الجانب الإيراني, رغم الدعم الكبير الذي قدمته الأخيرة لحكومته, خاصة في حربها ضد الإرهاب, فضلاً عن الجوانب الآخرة لاسيما الاقتصادية.
لذا نرى إن العراق بحاجة ضرورية لممارسة سياسة الاعتدال والوسطية, وعدم الانجرار لمعركة المحاور المقبلة, التي ستخسر البلاد فيها, حال تدخلها حليف لهذا الطرف أو ذلك, ما تفقدها إرادتها الوطنية, وسيسمح للتدخلات الخارجية, إن تكون مؤثراً سلبياً على الأوضاع الداخلية, وربما تكون للتحالف الانتخابية القادمة دوراً كبيراً في تحديد البوصلة.