ذات مرة كنت في حوار مع مفكر أجنبي حول موضوع القتل , فأشار إلى أن البشر لكي يقتل البشر عليه أن يجرده من بشريته وإنسانيته وآدميته ويحسبه حالة مغايرة تماما , ويوصّفه بأوصاف وتسميات تستدعي قتله.
فالبشر يُخلع منه الباء فيتحول إلى شر!!
أي أن القاتل ينتهي إلى إستنتاج مفاده أن الضحية تستدعيه لقتلها , وهو لم يفعل شيئا مغايرا لإرادتها ورغبتها الملحة.
هذا منطوق نظري يمكننا من خلاله أن نحاول فهم ما يجري في واقع مجتمعاتنا , التي فيها يقتل العربي العربي والمسلم يقتل المسلم وفقا لآلية التسميات والتوصيفات المتنوعة.
فالعرب أكثر مَن يقتل من العرب والمسلمون أكثر مَن يقتل المسلمين , وإبن البلد أكثر مَن يقتل من أبناء بلده.
فلو نظرنا لما يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر وبعض الدول المسلمة , لتبين بوضوح أن القاتل والقتيل من ذات الدين , وأن التفاعلات الدامية تتنامى في مجتمعات العرب والمسلمين.
فكيف يقتل العربي العربي؟
وكيف يقتل المسلم المسلم؟
سؤالان نتجنب الإجابة عليهما , لأنهما يدينان العربي والمسلم.
فهل رأيتم غيرة وحرص على دماء العرب والمسلمين المهدورة؟!
فما يقدمه العرب والمسلمون للعالم أن الإنسان في مجتمعاتهم لا قيمة له , وما دامت قيمة الإنسان مصادرة أو مجهولة , فأن الآخرين من أعداء العرب والمسلمين يوظفون هذه الحالة لصالحهم , فلا يترددون في قتل العشرات أو المئات منهم , وإستباحة ديارهم , ولا يحتاجون إلا لإطلاق التسميات ودفع العرب والمسلمين لقتل بعضهم , والإجهاز عليهم جميعا بلا إستثناء , فالتوصيف جاهز والتبرير حاضر.
ولن تجد قيمة للعربي والمسلم عند الآخرين , إن لم يستعيد العربي والمسلم قيمته في مجتمعه ووطنه ودياره.
وبما أن قيمة العربي والمسلم ضائعة في مجتمعاتهم , فأن قتلهم سيكون سهلا , ويُخشى أن يزداد القتل في القرن الحادي والعشرين!!
فهل سيستعيد العربي والمسلم قيمته وكرامته ويكون عزيزا في بلاده لكي يهابه الآخرون؟!