وضعت الحكومة جدولين جديدين للتعرفة الكمركية على السلع المستوردة شملت مئات المواد منها ما هو له علاقة مباشرة بالاستهلاك اليومي والاخرى سلع كمالية ومواد زينة ونادرة الاستخدام وكان نصيبها الاكبر من الضريبة .
اعلى تعرفة كانت على المشروبات الروحية اذ بلغت 80% تليها على التبغ ” لفائف غليضة” (سيكار ) والعاب نارية ولوحات وصور .. وبلغت 50% وتاتي بعدها الشاحنات والزوارق وتتدرج الى5 % في حدها الادنى واخرى تم اعفائها “للاطلاع على الجدولين في موقع مديرية الكمارك ” .
اولى الملاحظات كان يمكن التوسع في الاعفاء ليشمل اعلاف الاسماك والمواد الاولية الداخلة في صناعات تلبي حاجة المواطنين على نطاق واسع.
التعرفة حسب قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984 المعدل ” تخضع البضائع التي تدخل اراضي الجمهورية او تخرج منها باية صورة كانت للرسوم الكمركية المقررة في قانون التعرفة والرسوم والضرائب الاخرى المقرة بموجب القوانين النافذة الا ما استثنى بموجب قانون او اتفاقية ”
الحاكم الاميركي بريمرعطل هذه المادة والغى فرض الضرائب في دعم للتجار وحرم خزينة الدولة من موارد مهمة وزاد من غنى التجار واعتبروه مكسبا دائما لايجوز المساس به بل يطالبون بالغاء القانون ، على الرغم انه لم تتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين ،التي يدعون لها شكلا وليس عمليا ،الا بمقدار ضئيل لانعدام الرقابة على الاسعار ونوعية جودة المواد ايضا .
هذه التعرفة اثارت حنق التجار وغضبهم وخرج افراد منهم وبعض العاملين معهم في تظاهرات يطالبون بالغائها الى جانب التهويل والتخويف من ارتفاعات حادة بالاسعار حتى ان بعضهم زعم ان سعر علبة معجون الطماطة سترتع من2000 الى 8000 دينار !
موضوعة التعرفة تحظى باهتمام من اعلى المستويات الحكومية فالاجراءات صادرة من مجلس الوزراء انتبهت الى المنافذ وتحاول ضبطها واخضاعها لسيطرة الدولة تماما لتعظيم الموارد المالية، وحتى رئيس الجمهورية اجتمع مع رئيس هيأة المنافذ كاظم العقابي .
وشدد معصوم على ” تطويرها ومكافحة الفساد والتهريب في كافة المرافق ذات العلاقة، واعتماد الطرق الحديثة والاجراءات الفعالة لمعالجة المشاكل الحالية لضمان الاستفادة القصوى من الموارد المالية للمنافذ الحدودية كمصدر أساسي للاقتصاد الوطني وكواجهة للمكانة الحضارية للبلاد”.
فيما اكد العقابي اسستشراء الفساد بقوله ان “ايرادات الكمارك لشهر حزيران في منفذ ميناء أم قصر الجنوبي لمدة 23 يومياً بلغت اكثر من 25 مليار دينار بعد استلام هيأة المنافذ مهامها ، وان ايرادات الكمارك في منفذ ميناء أم قصر الجنوبي من 1 كانون الثاني لغاية 30 نيسان بلغت اكثر 22 مليار دينار عراقي قبل مباشرة الهيأة في الثاني من أيار 2018”. أي لمدة اربعة اشهر اقل من 23 يوما .
منذ استلام الهيأة للمنفذ امتعض واحتج التجار على ذلك وامتنعوا عن اخراج حاوياتهم
وتبين انها لا تحمل اجازة استيراد او شهادة منشأ ، وتمت احالة بعض المخالفين الى القضاء ومنعت دخول اي شخص للمنافذ البحرية لا يملك وكالة اخراج كمركي ، و جاء الاضراب اثر احالة حاويتين داخلة للقضاء.
هذه التظاهرات لاعاقة “احكام السيطرة على البوابات الاساسية في المنافذ البحرية وتم أجبار جميع الدوائر العاملة هناك بالعمل وفق القوانين والاجراءات الأصولية”، و لمنع محاولات التهريب بكافة أشكاله، والحد من المساس بالواجب الوظيفي بكل مهنية.
والغريب ان كل الحاويات الخارجة من الميناء لا تخضع لفحص السونار لانه عاطل منذ ثلاث سنوات وكلفة تصليحه لاتتجاوز 1500 دولار ! .
الواقع ان الموانىء تقع تحت سيطرة مافيات ذكرت تحقبقات اعلامية عديدة مع سواق شاحنات وعاملين انها تشارك الدولة في مواردها وتفرض اتاوات مختلفة وتستطيع من خلال التفاهم معها اخراج البضاعة بسرعة وغض النظر عن المخالفات المرتكبة وبضريبة اقل . ويقول البعض ان هذه المافيات المدعومة من مراكز النفوذ والقوة تقسم قيمة الضريبة الى ثلاثة اقسام جزء تستولي عليه هي والاخر يدفع الى الدولة وجزء يعفى منه التجار والمستوردين الذين يتعاملون معها ، فالموانىء منجم ذهب يدر مالا وفيرا على القوى المهيمنة لتمويلها ،افراد وجماعات ،ومنفذا تهدر منه الثروة الوطنية التي ينبغي ان تدخل الخزينة …
الضرائب والتعرفة والرسوم من الموارد المهمة لتمويل نفقات الدولة واستثماراتها واعادتها الى المواطنين على شكل خدمات ومشاريع في الدولة والحكومات الناجحة وليس الحكومات التي ينخرها الفساد ، وهناك دول تشكل الضرائب مصدر اساسي لدخلها لذلك نلاحظ دافع الضرائب فيها له امكانية محاسبتها وتكون عاملا مهما في البرامج الانتخابية ..
كما ان التعرفة الكمركية من وسائل انعاش الاقتصاد الوطني وحمايته لانه يمكن تخصيص جزء من هذا المورد لدعم التصدير او اعمارالبلاد وما الى ذلك من النشاطات الاقتصادية وتخفيف حدة الفقر اذا احسنت الحكومة جبايتها وتوظيفها وفرضها بالاساس على السلع المستهلكة من الفئات الميسورة .
طبعا التجار يطمحون بشكل رئيسي الى تعظيم ارباحهم وتخفيف الرقابة عن البضائع التي يوردونها ، غير ان بعض مطالبهم كالحد من الروتين ومنع الفساد وتسهيل ادخال البضائع وغيرها من المطالب التي يمكن سماعها والاخذ بها وخصوصا ان كانت هناك اشياء ملموسة بشان بضائع تهم الفئات المحرومة من المواطنين .
لا احد ينكر ان الضرائب يتحملها المستهلك وهنا نتساءل عن الحمية غير المعهودة بالتجار فليس من بين من صرح ودعا الى مقترح لاعفاء السلع التي يستهلكها المحرومين والمعوزين ، نعتقد على الحكومة ان توضح الضرر ان وجد وكيفية تعويضه وامكانية اعطاء سماحات للسلع ذات الاستهلاك الواسع لهذه الفئات .