تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي مقطع من محاضرة للشيخ أحمد الوائلي رحمه الله يتحدث فيها عن السفلَّة ، ويعرفهم بأنهم رجال الدين الذين يأكلون الدنيا بالدين ، هؤلاء الذين يخدعون الناس بأسم الله والمقدس، دارت في بالي أسئلة كثيرة ، وأنا أستمع للشيخ الجليل , هل يا ترى السفلَّة فقط رجال الدين المزيفين أم ان هذا التعريف ينطبق على اخرين كـ
تجار الوطنية
تجار السياسة
تجار القيم و المبادئ
تجار الفضيلة
ربما أقذرهم عندي واحقرهم تاجر الدين ، لأنه يمارس الخديعة بأسم الشرف ليصطاد فرائسه، وهنا يقوم هذا المتقمص ثوب الفضيلة بإعدام الفضيلة وقتل الخير . لكن السؤال الواقعي : لماذا نُخدع بهؤلاء رغم كل قصص التاريخ وتجارب الماضين؟
يجيبنا الإمام الحسين عليه السلام حين سئل وهو متوجه الى العراق، لماذا تذهب للكوفة وتعلم ما فعله أهلها بابيك وأخيك؟ ، فقال : من خدعنا بالله انخدعنا، أي أن وسيلة الخداع باسم المقدس وسيلة لا تقاوم وهي أسهل أنواع الضحك على الذقون .
و هنا يحضرني قول المفكر الإيراني علي شريعتي : (إذا أردت ان تسوق أي عمل باطل فما عليك سوى أن تلبسه ثوب الدين) .
أليس من الجنون ان يكون السفلة خلفاء الله في دينه ؟، أليس من العبث ان يكون السفلة ممثلو قيم السماء والوطنية والمبادئ؟ .
والسافل كما جاء في في معاجم اللغة هو الذي يمارس الإعمال المشينة والدنيئة , وهل هناك أكثر بذاءة ودناءة من إستغلال الدين والقيم في تظليل الناس؟
في كتاب الفيلسوف الهولندي الشهير ايراسمرس ( ثناء على الجنون أو في مدح الجنون ) يقول: أليس من الجنون الحاد أن يكون خلفاء المسيح بابوات محاربين مقترفون المجازر مثل البابا جوليوس الثاني (وهو الذي حكم المسيحية بيد من حديد من عام 1503 – 1513 هل يعقل ذلك ؟ .
سؤال في غاية الأهمية . لأنه كما يقال: الرسول دليل عقل المرسل, فلا يمكن ان يكون رسل الله وخلفاء الأنبياء سفلًّة.
بالتأكيد ان أقوال الإمام الحسين وشريعتي وايراسموس كلها تصب في مصب واحد وتؤكد حقيقة واحدة ألا وهي أن الخداع الديني الذي يمارسه المزيفون هو جريمة بحق البشر، فلا يمكن ان يجتمع النقيضان في آن واحد ، فالذين يمثلون الإديان لو فكروا مرة واحدة بالألقاب التي يحملونها كالسماحة والقداسة والنيافة والعلامة والفضيلة هل يستحقونها ,هل هم أهل لهذا التبجيل والاحترام ، و هل هم مؤهلون لحمل الأمانة التي كلفوا بها، لو فكروا مرة واحدة لشعروا بالخجل وهم يلهثون وراء المال والجاه والمناصب والنساء , ويستخدمون كل أساليب الزيف والخداع كسيوف الحقد وسموم الطائفية وخناجر الكراهية للمحافظة على دينا زائلة كما يقولون . ويبشرون .
لو لم يكونوا سفلَّة هل سيحتاجون الى كل هذه الثروات والتشريفات والمناصب والمتع الدنيوية ؟
لو لم يكونوا سفلَّة هل سيدنسون المقدس ويسفِّهون القيم ؟
ألم يكن الأجدر بهم أن يعلموا الناس على الفضيلة وحب الخير والمحبة لو كانوا مؤمنين حقيقيين؟ .
فالسياسي الحقيقي ورجل الدين الحقيقي وصاحب القيم والمبادىء الحقيقي والوطني الحقيقي لا يحتاج الى الزيف والخديعة لتسويق ما يؤمن به ، لكن حينما يستخدم المتاجر بالدين الزيف سيتحول الى سافل, فالسفلَّة هم كل أولئك الكذابون والمتاجرون بالدين والوطنية والقيم .