23 ديسمبر، 2024 6:39 م

التجارة مخازن خاوية ووزارة عاوية

التجارة مخازن خاوية ووزارة عاوية

ما انفك المسؤولون في وزارة التجارة يبشرون المواطنين العراقيين المنكوبين بهم وبأمثالهم من المسؤولين المفسدين في الوزارات الأخرى ؛ أقول يبشرونهم بوصول الكميات الوفيرة من المواد الغذائية ومن أفضل المناشئ العالمية كما يصرحون في وسائل الإعلام !! ولكثرة ما وصل منها فقد فاضت ، ولم تعد المخازن قادرة على استيعابها!!
     والحقيقة المرة أن هذا كله أكاذيب وهراء ، فالمخازن خاوية ، وهذه التصريحات الفارغة للمسؤولين في الوزارة ليست أكثر من ضحك على ذقون المواطنين المساكين !! إذ أن ما يحصل الآن في عدد غير قليل من المدن العراقية أن المواطنين لم يستلموا بعد حصصهم التي تكفلت البطاقة التموينية بتوفيرها لهم من السكر والرز منذ بداية هذا العام وحتى يومنا الحاضر على الرغم من دفع وكلاء الحصة التموينية مبالغها بموجب صكوك سلمت إلى دوائر الوزارة ، ويضاف لها الزيت لم يوزع منذ ثلاثة أشهر ، والمصيبة الأكبر أن دوائر الوزارة تطالبهم بصكوك جديدة لأشهر تالية ، وهي لم تسلمهم مواد السابقة المدفوعة الثمن !!
     أن مواد البطاقة التموينية هي الأهم في حياة أغلب العوائل العراقية ، وتأخير استلام موادها لأشهر عديدة يعني كارثة كبرى تحل على تلك العوائل الفقيرة ، كما أن أسعار المواد الغذائية في السوق سترتفع تبعاً لهذا التأخير الذي ربما كان مقصوداً بل هو مقصود بالتأكيد ، وستشتعل الأسعار في السوق نتيجة لذلك لتحرق ذوي الدخول الواطئة ..
     الفساد في وزارة التجارة متعدد ومتشعب ، والمدراء العامون غارقون فيه ، وقد اقتسموا فيما بينهم استيراد المواد ، فلهذا المدير استيراد الرز وعليه أن يجد الجهة الشريكة معه فيه ، ولذاك السكر ، ولثالث الزيت وهكذا ، وهذا القول معروف وواضح ويتداول تفاصيله العاملون في الوزارة والمقربون من مدرائها العامين ، ومن يراجع للحصول على إجازة استيراد عليه أن يتفاوض على مقدار الرشوة علانية مع الموظفين ومن دون خجل أو خوف فـ (الكل في الهوى سوا) و(مفيش حد أحسن من حد) !!
وإذا كانت هكذا الأمور تجري فأن ما يتم عليه الاتفاق ويتم استيراده من المواد الغذائية هو بالتأكيد والواقع من أردأ المواد ومن أسوأ المناشئ ، ومن أمن العقوبة فقد أساء الأدب وسرق الناس جهاراً وفي الظهر الأحمر !!
أما (معالي الوزير) ومكتبه فهو لا يختلف عن بقية أصحاب (المعالي الوزراء) الآخرين في عراقنا (الجديد جداً) ومكاتبهم الغارقة في الفساد والرشوة حتى قمة رأسها ، ولها الحصص الأوفر و(الأسمن) ، وحسبنا أن نعرف أنه في ظل العراق (الديمقراطي للنخاع) حالياً صار لتوقيع الوزير على معاملة لشركة موردة أو تاجر وسيط ثمن يحدده الوزير نفسه أو كبير موظفي مكتبه وبالدولار وليس بالدينار العراقي ، وبسعر خيالي قد لا يخطر على بال مواطن عراقي أبكته الحاجة وقتله الفقر وفجعته الحكومة بفشلها وفساد مسؤوليها ، فضاعت أيامه وأمله في الحياة بسببها وبسببها فقط ..