-1-
في غمرة الانتكاسات المرّة التي تُمنى بها الانسانية المعذّبة ، لاتعدم أنْ تجد طبقةً من الناس تبرع في سرد المبررات الباهتة لحصول تلك الفجائع، وتغفل عن انها بذلك تُقدّم خِدمةً مجانية لكلّ مَنْ كان السبب وراء تلك المصائب …!!!
-2-
والتبريريون غالباً لا ينطلقون من سذاجة أو تبلد في الإحساس ، وانما هم من المستفيدين من اولئك الذين تتجه اليهم أصابع الاتهام في المسؤولية عن وقوع الانتكاسات الفظيعة ..!!
وكأنّهم يريدون أنْ يرّدوا الجميل لمن حاباهم وداراهم وأغدق عليهم بسخاء ..!!
-3-
استمعت الى أحدهم وهو يدعو الى تجميد البحث والتحقيق في قضية سقوط الموصل بيد الأوغاد من داعش الى ما بعد التحرير .
وقد ضرب أكثر من مثال في هذا الخصوص .
قال :
حين تشب النار في بيتك ، هل المهم أن تعرف مَنْ الذي سببّ هذا الحريق أم المهم ان تطفئ الحرائق المشتعلة في الدار ؟
انه يريدك ان تقول :
المهم أنْ نطفئ النيران .
وهذا المثال لايصح أنْ يُضرب في قضية تدنيس (داعش) للتراب العراقي وما رافقه وتبعه من عظائم وجرائم …
ذلك انّ مسألة الحريق في بيتك ، هي مسألة ذات بعد واحد ، هو البعد الشخصي ، وبمقدروك ان تتخذ من التدابير ما تشاء .
أما مسألة احتلال (داعش) (للموصل) وباقي المدن العراقية ، فانها مسألة ذات أبعاد عديدة :
سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية حاليّة ومستقبليّة …
انها باختصار :
مسألة الاعتداء السافر على الوطن أرضاً وشعباً وثروات وحضارة …
والتفريط بسيادة الوطن وأمنه وأرواح مواطنيه وممتلكاتهم … يدخل في باب الخيانة العظمى التي يجب الاسراع في معاقبة رموزها دون ابطاء .
إنّ بقاء المفرّطين بسيادة البلد وسلامته، بعيدين عن المساءلة والحساب، يفتح أبواب تكبيد الوطن بخسائر فادحة أخرى … وهذا مالايقبله العقل والعدل والدين والقيم المقدسة كلُّها .
-4-
انّ التبريرين يغفلون أيضا عن أنَّهم قدّموا مصالح ” المتهمين ” على مصالح الوطن والمواطنين …
وهذه مفارقة لا يمكن القبول بها على الاطلاق …
-5-
لقد انساق التبريريون – يقينا – وراء عواطفهم حينما دعوا الى تأجيل البحث عمن كان وراء الكارثة …
-6-
والانصاف يدعونا الى الاعتراف بانَّ هناك من قاتَلَ عصابات (داعش) ببسالة وضراوة ، ونازلها أروع منازلة وهو ممن اقتنع بخطاب التبريريين …
-7-
لا أحد ينكص عن مجابهة الداعشيين الأوغاد، ولكنّ قتالهم شيء وغض النظر عن الذين مكنوهم من تدنيس التراب العراقي شيء آخر .
-8-
وكانت هناك محاولة بائسة ، تمثلّت باصطياد بعض العناصر المقتنِعة بمنطق التبريريين ، للمناداة بتنصيب بعض المتهمين الكبار في سقوط الموصل بيد (داعش) في مواقع قيادية عليا ، ولكنها سرعان ما أحبطت، وانكشَفَ أنها نتاج خطّة سياسية ماكرة …!!
-9-
واذا كان القرآن الكريم قد ندّد ببعض أولاد كبار الانبياء (عليهم السلام) – كما هو الحال في (ابن نوح) – حيث قال تعالى :
قال يانوح إنه ليس من أهلك ، إنه عملٌ غير صالح ) 46/ هود
فانّ ذلك يعني انه ليست هناك اية حُرمة أو حصانة لمن يتجاوز الخطوط الحمراء .
ولابُدَّ أنْ يتجرّع المقصرون والمخطئون كؤوس العقاب .