22 نوفمبر، 2024 7:53 م
Search
Close this search box.

التاسع من نيسان ..ذكرى هزيمة البعث

التاسع من نيسان ..ذكرى هزيمة البعث

بعد الخراب الكبير الذي حصل للعراق على يد الاحزاب الاسلاموية تكاثرت الاصوات التي تقول ان يوم التاسع من نيسان (وهو يوم قيام امريكا باسقاط النظام الصدامي في عام 2003 ) هو يوم اسود في تاريخ العراق .
قبل كل شيء لنترك الحديث عن نظريات المؤامرة وعن اخطاء وخطايا امريكا ولننظر الى انفسنا ووضعنا قبل وبعد سقوط النظام البعثي وبعيدا عن مصطلحات التخوين او اتهام اعداء التاسع من نيسان بانحيازهم للنظام البعثي المقبور .لنطرح اسئلة تخص الجانب العراقي في موضوعة التاسع من نيسان على اعداء التاسع من نيسان ونقول لهم :
1 – هل كان بامكان الشعب العراقي اسقاط هذا النظام الاجرامي لولا التدخل الامريكي ؟ الكل يعرف هذا الحواب بمن فيهم المكابرون .
لو لم تقوم امريكا باسقاط النظام البعثي لكنا بمواجهة احتمالين :
الاول بقاء النظام جاثما على صدر العراق الى يومنا هذا بما يحمله معنى بقائه من معان معروفة للجميع ،فلا احد ينسى جرائمه ازاء الشعب العراقي.
اما الاحتمال الثاني فهو تاثر الشعب العراقي بموجة الربيع العربي عندها اما سينجح النظام بقمع الثورة ( حتى لوكانت سلمية ) وارتكاب مجازر وحشية لايسلم منها احد ،او قيام حرب اهلية طاحنة ووحشية جدا ليصبح ما حصل في سوريا مقارنة بما سيحصل على يد صدام حسين ،مجرد لعب اطفال لان النظام الصدامي معروف بقسوته التي ليس لها حدود ، وفي الحالتين ( بقاء النظام او الثورة ضده )ستذهب ضحايا اضعاف الضحايا الذين سقطوا على يد الارهاب الذي حصل بعد اسقاط النظام.
ان اسقاط النظام الصدامي على يد امريكا انجاز ضخم لصالح الشعب العراقي رغم كل شيء حدث بعد سقوط البعث .
2 – هل كانت الفوضى والخراب نتيجة حتمية لزوال نظام ديكتاتوري وحشي حتى نحمل التاسع من نيسان المسؤولية عما جرى بعد زوال النظام ؟ قطعا لا، لان زوال الديكتاتورية فتح امام الشعب مستقبلا زاهرا وكان ممكنا جدا بناء عراق مزدهر . ماحصل من خراب بعد السقوط سببه قيام النظام الصدامي بارتكاب جريمتين استراتيجيتين هما اللتان من افرغ حادثة زوال النظام في التاسع من نيسان من كل معانيها الايجابية .
الجريمة الاولى قتل الروح الوطنية والانتماء الوطني وجعل الولاء للبعث هو الولاء الوحيد المطلوب من العراقي اثباته و صار الوطن سجنا كبيرا لغير المنتمين للبعث. لقد مسخ البعث وطنية العراقي الى درجة صار فيها اغلب الناس يفرحون بهزائم العراق لانها تعني في شعورهم الباطني هزيمة للنظام البعثي .وهكذا عندما سقط النظام برزت حقيقة ان الشعب العراقي يخلو تقريبا من الروح الوطنية وليس له هم غير تاثيث اخرته بطقوس دينية . فتصوروا كيف يكون مصير شعب تنعدم فيه روح الوطنية ؟
أن من قتل الروح الوطنية قتل مستقبل العراق ويتحمل الجزء الكبير من هذا الخراب الوطني .
اما الجريمة الثانية فهي قيام النظام الصدامي بافراغ العراق من اي قوة وطنية يمكنها ان تملا الفراغ بعد رحيلة .لم يُبقي في العراق اي نشاط سياسي او اجتماعي غير النشاط البعثي وغير انشطة الجوامع والحسينيات والتكايا وهي في مجملها انشطة لايمكن باي حال تسميتها انشطة وطنية لانها انشطة دينية مذهبية بحته وبعيدة في معظمها عن السياسة ومع هذا تعرضت للاضطهاد ،لان النظام يخاف من اي تجمع، لكنها بقيت موجودة فقامت بمليء الفراغ بعد السقوط وتم استغلالها من الاحزاب السياسية الدينية التي جاءت من المهجر او التي انشئت بعد سقوط النظام ، في حين ان الاحزاب المدنية التي عادت من المهجر او التي أُسست بعد السقوط
ظلت ضعيفة جدا وانصارها يتعرضون للمضايقات والتهديدات المستمرة من المجاميع الدينية .. لم تجد الاحزاب الوطنية المدنية الا نفر قليل من العراقيين يناصرها لان الشعب لايهتم لاي حديث غير الحديث عن المذهب والاندفاع لممارسة الطقوس الدينية التي كان النظام السابق يمنعها ..هذا الواقع فرض على امريكا استدعاء الاحزاب الدينية وتسليمهم السلطة لانهم الناشطون الوحيدون تقريبا في الساحة العراقية ، ولو ان امريكا سلمتها لغير هؤلاء لقامت قائمة العراقيين ولم تقعد الى الان. وحتى الانتخابات التي شرعنت سيطرة الاحزاب الاسلاموية على مقدرات العراق لم تكن رغبة امريكية بل تمت بضغط من المرجعية الدينية التي كانت قريبة من الاحزاب الدينية الشيعية . فامريكا لم تختر هذه النخب الدينية الفاسدة بل ان الشعب العراقي هو الذي اختارها بسبب قوة اعتقاده المذهبي وضعف شعوره الوطني ولو اجريت انتخابات غدا لما اختار شعبنا غير ممثلي احزاب الفساد .فالتاسع من نيسان ليس مسؤولا عن وصول الاسلامويين للسلطة بل النظام الصدامي هو المسؤول عن ذلك بسبب اضعافة للشعور الوطني وافراغ العراق من الحركة الوطنية المدنية…
3 – من انشأ مجاميع ( المقاومة ) التي احلت دم العراقي ولم تفرق بين مدرسة وثكنة عسكرية وعطلت كل مشاريع الاعمار ؟
الجواب الذي يتغافله المتباكون على حال العراق هو ان البعث لاغيره هو من اسس ورعى الارهاب بعد ان اختطف المذهب السني فجعل من السنة حاضنة للزرقاوي وداعش وجيش محمد وجيش النقشبندية وووو.. معظم ماجرى للعراق من سفك للدماء وتدمير البنية التحتية مصدره الاول البعث ، وقد وفرت الاحزاب الاسلاموية الشيعية الفرصة للبعث كي يختطف السنة من خلال سياساتها اللاوطنية التميزية.. فالتاسع من نيسان ليس مسؤولا عن الدماء التي سالت بعد السقوط لان المسؤول هو البعث واحزاب الاسلام السياسي مع ملاحظة ان البعث تغلغل في مفاصل الدولة بامر او تسهيل من احزاب الاسلام السياسي مما جعل الارهاب يصل لاكثر المناطق تحصينا .
4 – هل صورة العراق بعد سقوط البعث بهذه القتامة التي يصورها اعداء التاسع من نيسان ؟ الم تتحقق انجازات كبيرة ماكان ممكن تحقيقها في ظل النظام الصدامي ؟ لقد تحققت انجازات كبيرة ابسطها قدرة اعداء التاسع من نيسان على الكلام والنقد .ماهو مصير من ينشيء فضائية معادية للبعث في زمن البعث ؟الانجازات كثيرة وكبيرة رغم الفساد الكبير واهدار المال العام، غير ان صدام اوفى بوعده حين قال : من ياخذ السلطة منا فلياخذ ارضا يبابا . الخراب الذي تركه صدام واسع جدا يضيع فيه اي منجز ، والخراب الذي سببه العمل الارهابي البعثي حد من حركة الاعمار واخاف المستثمرين وخرب جزأ كبيرا من البنية العراقية .. نعم كان بالامكان ان يكون العراق بعد سقوط النظام البعثي امنا مرفها غير ان التعاون غير المكتوب بين عصابات البعث وعصابات الاسلام السياسي عطلت مشروع الحلم العراقي ، لكن وبفضل التاسع من نيسان صارت لدينا القدرة على الحلم ، الحلم بعراق جميل، هذا الحلم كان مستحيلا لولى غرة التاسع من نيسان.

[email protected]

أحدث المقالات