المعروف ان التاريخ مر بمرحلتين هي التدوين الشفوي والتدوين الكتابي ، ويعتبر الشفوي له السبق وهو المعتمد في اغلب ما دون كتابيا ، فالمؤرّخ هيرودوت (484 ـ 425 ق م) اعتمد على شهادات شفويّة وشهود عيان لكتابة تاريخ الحروب الميديّة. أما ثوسيديد (470 ـ 395 ق م)، فقد طوّر منهج التأريخ بالاعتماد على الرواية الشفويّة في مقدمة كتابه حول حروب البيلوبونيز، فالمؤرخ الذي يريد ان يدون ما سبقه من الحدث او ما لم يحدث امامه فانه يعتمد على الرواية الشفوية لتدوينها .
وحتى ايام الدولة الاسلامية كان يعتمد على الرواية الشفوية واستحدثوا علم الحديث وعلم رجال الحديث لتوثيق الروايات الصحيحة عن الضعيفة ، كما وظهر مؤرخون يكتبون ما يمر بهم من احداث واصبحت كتاباتهم مخطوطات مصدر موثق لمعرفة التاريخ ، وهذه النصوص المخطوطة ظهر علم متخصص بها وهو علم تحقيق المخطوطات .
اليوم دخلت التقنية الالكترونية لتكتسح الشفوي والتحريري وتعتبر المواقع الالكترونية وخصوصا المتخصصة بالاحداث والتراث والتاريخ والبحوث التي تدون المعلومات الكترونيا وهذه المعلومات مهما تكن تبقى محل شك وليس توثيق الا الحدث الذي لا قرينة كتابية او شاهد موثق يتحدث عنه وينفرد موقع الكتروني في تثبيته يكون محل دراسة وليس اهمال .
ولكن من هو المتحكم بهذا التاريخ ؟ انها الدولة التي تتحكم بالاقمار الصناعية التي تعتبر مصدر طاقة هذه المواقع والتي تستطيع ان تحذف وتحرف ما لا يتفق وادارة هذه الاقمار .
كم من حدث عرض من على المواقع الالكترونية سرعان ما حذفوه او حرفوه فلا يمكن ان يكون مصدر ، بل واثرت الكتابة الالكترونية عندما اعتمدت على تحويل النصوص المكتوبة الى نصوص الكترونية حيث ازدادت المعوقات في تثبيتها فلربما يكون فيها خطا طباعي وليس املائي او لربما هنالك نفوس خبيثة تعبث بحقائق التاريخ وتخدع كل من لا يملك نسخة ورقية لهذا الكتاب فلا يستطيع ان يتثبت من صحة المعلومة ويعتقد بانها صحيحة ، لذا اكثر الباحثين يتجنبون المصادر الالكترونية خصوصا للمعلومات الحساسة ولكن رايت الكثير منهم يعتمدون الالكتروني بذكر رابط الموقع وهذا لايمكن ان يعتبر دليل مع صدق الباحث .
مثلا هنالك تصحيف في المخطوطات من خلال الالتباس بالاحرف المتشابهة في الرسم يعني مثلا الحاء والخاء والجيم الاختلاف بينهم النقطة فلربما لقدم المخطوطة قد تكون النقطة محذوفة ، اما النص الالكتروني فان الالتباس يكون بين الاحرف المتجاورة في لوحة الكتابة ( الكيبورد) .
ولكن لا يمكن تهميش الفائدة العظيمة التي يحققها التاريخ الالكتروني من خلال خزن المواقع التي فيها الاحداث المطلوبة بعيدا عن خدمة الانترنيت ، والالكتروني حاله حال الكتابي فالالكتروني يتعرض للفايروس والكتابي يتعرض لدودة الارضة وبقية التاثيرات الطبيعية .
المشكلة الاخرى عندما تقرا حدث كتابة وتصويرا بالموقع الالكتروني ويظهر صاحب الموقع بعد انتشار الخبر ليقول ان موقعه مخترق وما عرض غير صحيح ، فمن اين تتحقق من ذلك ؟ التحقق منه يتم عبر الادارة المسيطرة على ممول الخدمة الالكترونية للموقع والاكثر تاثيرا هم ملاك الاقمار الصناعية .
لكن الامر الخطير هو ان التاريخ الالكتروني بلحظات يحدث تاثيره على الراي العام ولا تحده حدود وعندما يحدث تاثيره من الصعب اقناع الناس بان الخبر كاذب ان كان كاذبا .
تبقى الوثيقة المكتوبة تحريريا هي الاصدق في معلوماتها بل هي المعتمدة حتى عند التحقيق في الجرائم اكثر من الصوت والصورة ، فالبرامج الالكترونية المستحدثة يمكنها تغيير الصوت والصورة وفق ما يريدون بحيث تثير الشك والقلق وعدم المصداقية من جهة وتشويه الحقيقة من جهة اخرى .