23 ديسمبر، 2024 1:00 ص

التاريخ الأسلامي بين ما كتب .. وما كان يجب أن يكتب

التاريخ الأسلامي بين ما كتب .. وما كان يجب أن يكتب

أستهلال :
الحقيقة هي أكثر ما نفتقده في العصر الحديث ، والقلة التي تستخدم الحقيقة تواجه هجوما عنيفا ، لأن الناس أصبحت لا تريد سماع الحقيقة ، ولا تريد أن تواجه نفسها بها .. / نقل من موقع أجيب
الموضوع : أولا . بداية ليس لدينا من وثيقة حقيقية تبين لنا ، أن كل ما حصل من وقائع وأحداث وأخبار قد جرت فعلا ، سوى ما كتب لنا في كتب التاريخ ، فكتب التاريخ فقط هي الشاهد الأوحد على كل ما حدث ! ، وذلك لأن كتب التاريخ هي التي قد أرخت كل هذه الوقائع والأحداث والأخبار ، وقد تكون هذه المؤرخات معارك وغزوات / بكل أنتصاراتها وهزائمها ، وقد تكون فتوحات / كالفتوحات الأسلامية ، بكل ما وقع بها من أحداث ! ، وقد تروي لنا كتب التاريخ أيضا ، سيرة الأنبياء والقادة والأمراء والخلفاء .. كسيرة رسول الأسلام محمد بن عبدالله / لأنها الأشهر ، وسيرة صحابته وأتباعه ، وقد أرخت كتب التاريخ ، وقائع العهود التي تلت الحقبة المحمدية ، من الخلفاء الراشدين – مرورا بالدولة الأموية فالعباسية فالدولة العثمانية .. الى العهد الحديث . فكتب التاريخ / التي بين أيدينا ، هي حقيقتنا الوحيدة وهي مصدرنا وهي دلالتنا على صحة كل الوقائع والأحداث الماضية .
ثانيا . أذن دلالتنا هو ما دون في كتب التاريخ ، ولكن هل تسطر كتب التاريخ الحقيقة كما هي فعلا ، وذلك لأن لكل حدث أكثر من رواية وقصة / وفقا لمن يكتب وتحت سلطة من يكتب ، فمثلا المعارك يكتب تاريخها المنتصر ، ولكن للمهزوم رواية أخرى خلاف ما كتب . والفتوحات الأسلامية يكتب وقائعها مؤرخوا الفاتح المحتل ، زاعمين أن المحتل ينشر العدل والسلام والتعايش ، أما مؤرخوا البلد المحتل – فلهم رواية أخرى ، وهي أن الفاتح : ظالم وقاتل ، ينهب الثروات ويغتصب النساء ويستعبد العباد .. وكل هذه الرؤية المزدوجة للأحداث تنطبق على سيرة محمد ، وعلى كل وقائع وأحداث العهود اللاحقة .
ثالثا . ونحن في هذا المقام ، لا بد لنا أن نستشهد ببعض ما كتب في سيرة محمد – حيث تعتبر أيضا مرويات ماضوية : 1 – فقد جاء في موقع / فيصل نور ، التالي ( أخرج البخاري عن أنس بن مالك ، قال كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار ، وهن إحدى عشرة ، قال : قلت لأنس : أو كان يطيقه . قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين . وقال سعيد عن قتادة : إن أنسا حدثهم تسع نسوة . وأخرج أيضا عن قتادة أن أنس بن مالك ، حدثهم أن نبي الله كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة . ) . * التساؤلات في هذه الرواية : (أ) في هكذا علاقة حميمية بين الرسول وآزواجه . هل كان من مرافق للرسول يعدد له عدد وطأه لنسائه ! . (ب) حتى الروات أختلفوا في عدد زوجات الرسول ، فأنس قال أنهن أحدى عشرة ، أما قتادة فقال تسع نسوة / والروايتن عن أنس ! . (ج) وهل من أنسان طبيعي يطوف على هكذا عدد من النساء في ساعة من الليل والنهار . 2 – هل كان رسول الأسلام فقيرا ! ، ومن موقع أسلام ويب ، أنقل الحديث التالي ( الحديث في الصحيحن ، وهذه رواياته بشكل مختصر : عَنْ عائشة ، قَالَتْ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ ، بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ .) . * والتساؤل : أذا كان الرسول فقيرا ، ويرهن درعه ليعيش ، فمن كان يلبي حاجات أزواج الرسول / توفى عن تسع أزواج ، ومن كان يلبي حاجات عبيده والخصيان . علما أن محمدا ورث تجارة زوجته خديجة ، فهل ثروة خديجة تناقصت أو تضاعفت خلال دعوته ! أضف الى كل تلك الثروة ، حصة الرسول من الغنائم . مما سبق أعتقد أن هذا الحديث لا يمت للواقع ولا للحقيقة بشئ ، أن الرسول لم يكن فقيرا ! بل كان غنيا ! ، وما كتب عن ” رهن درعه ” مجرد هراء لا يقبله العقل .
رابعا . وكتب التراث الأسلامي ، أيضا تعج بقصص وأحداث أشكالية ، فشخصية هارون الرشيد ، قيل عنها الكثير ، ( لم تخلُ مصادر من التراث الأدبي العربي من روايات وصفت هارون الرشيد بالخليفة اللاهي الغارق في شهواته ، العاشق للسهرات ، المحب للشراب والخمر ، ولعل على رأسها كتاب “الأغاني” لمؤلفه أبي الفرج الأصفهاني الذي تناثرت في كتابه الضخم حكايات وقصص تكشف هذا الجانب من شخصية هارون الرشيد . من تلك القصص أن مُغنيا اسمه يحيى المكي طلبه هارون الرشيد .. ، فلم أزل أُغنّيه إيّاه ويتناولُ قدحا إلى أن أمسى ” يغيب عن الوعي ” . فعددتُ عشر مرّات استعاد فيها الصوت ، وشرب عشرة أقداح ، ثم أمر لي بعشرة آلاف درهم ، وأمرني بالانصراف / نقل من موقع ميدان ) . ولكن مصادر أخرى تصفه بأوصاف أخرى ( فالخليفة الذي قيل عنه إنه يحج عاماً ويغزو عاماً هو الخليفة العباسي هارون الرشيد. وقد كان شجاعاً قوياً ورعاً ، ذكر أنه يصلي مائة ركعة في الليلة ، وكان كثير البكاء من المواعظ / نقل من موقع أسلام ويب ). * فالقارئ هنا أمامه روايتان ، أحدهما خليفة غارق بالشهوات سكير ، والأخرى – ورعا يصلي مائة ركعة في كل ليلة ! .
خاتمة : 1. التاريخ عامة يكتب من وجهة نظر واحدة ، وهذا لا ينطبق فقط على وقائع وأحداث الموروث الأسلامي ، بل حتى على الأحداث الأخرى خارج نطاق الموروث الأسلامي ، ولكن لأن موروثنا الماضوي أغلبه أسلامي – هذا أذا تركنا الوقائع والأحداث السياسية ، لذا كان أستشهادي ، بأمثلة من الموروث الأسلامي . علما أن لكل حقبة مؤرخين يسطرون تاريخها ، وهم من في دائرة السلطة أو الحكم – وسيف السلطان مسلط على رقبتهم ، ولا يمكن أن يشذ هؤلاء المؤرخين عن نهج أو مدح ولي نعمتهم . 2 . يبقى التاريخ بحقائقه الفعلية طي النسيان – في ذاكرة من عاش في تلك الحقبة .. والتساؤل : هل بالأمكان أن تؤرخ الحقب الأسلامية مرة ثانية ، أغلب الظن ، أرى أن هذا الأمر مستبعد ، وذلك لأن المراجع الدينية تعتبر هذا مسا بالمقدسات ، وأستهانة بالموروث الأسلامي الذي لا يمكن أن يتعرض للنقد ، ” فكل ما كتب قد كتب ، ولكن الحقيقة غير ما كتب ” .