18 ديسمبر، 2024 9:07 م

قصة واقعيّة جرت احداثها في مدينة الموصل
الجزء الرابع

كانت ام سيف قد جمعت بعض المال من التوفير الشخصي وتتأمل انت اشتري به قطعه ارض سكنيه يقومون ببناء بيت صغير تستقر به العائلة وهذه المشاريع هي حلم كل عوائل المدن والارياف…
لقد كانت ام سيف ربه منزل ناجحة كونها تعتمدوا على نفسها في كثير من امور المنزل اضافه الى متابعتها دراسة ابنائها اما ابو سيف فكان يعمل ببيع وشراء السيارات في تلك الفترة…اضافة الى شراءه قطعة ارض زراعيه في ناحية ربيعة الواقعة في المنطقة الحدودية مع سوريا وكان هناك فلاح من اقاربه هو من يقوم بواجبات الارض
وزراعتها مقابل نسبة من الحاصل الزراعي متفق عليه فيما بينهم…. كل هذه الأشياء اعادتها له ا شريط الذاكرة وبسرعة..وهذا ما يحمله الانسان في ذاكرته من مجمل لحظات حياته ومنها ذكريات جميلة ومنها ما نحاول نسيانها …ولكن الظروف لعائلة ابوسيف واحلام تلك الاسرة قد سبقتهم بذلك نعم انه الموت… الموت قاهر كل شيء الموت الذي يهدم كلام امنياتنا واعمالنا وامالنا بلحظه..
هذا الموت الذي يفرق بين الحبيبين بين الام وابنها و بين البنت و ابيها و بين الزوجة وزوجها هذا الموت الذي لا يعرف صغير ولا كبير يدخل بيوتنا في حجج كثيره منها المر ض ومنها اقدار اخرى و تتعدد الاسباب ولكنه واحد …
في مجلس العزاء تذكر صديق ابوسيف امنيته الذي قالها له صديقه اتمنى يا اخي ان يأتي اليوم الذي تعود مدينتنا الى سابق عهدها والا طبيعتها الاعتيادية وبدون حرب واتمنى ان يأتي اليوم الذي نسافر فيه الى العاصمة بغداد او الى خارج العراق دون ان تكون هناك تعقيدات في السفر او مشاكل في الطرق الخارجية كانت هذه هي الأمنية الوحيدة التي حفظها صديقه لصديقه ولكنها لم تتحقق فقد رحل ابو سيف قبل ان تعود المدينة الى سابق عهدها وقبل ان يعود السفر فرحيل ابو سيف باكرا وترك خلفه اصدقاء يبكون عليه و يتذكرونه لكرمه وطيبه قلبه في كل لحظه وفي كل مجلس يذكر به ذلك الجبل الشامخ ذلك الرجل الشهم الاخ ابو سيف …
تذكرت ام سيف ما اسعفتها الذاكرة في تلك اللحظة المؤلمة ولكنها اصبحت تتمنى على نفسها ان تلتحق بزوجها لأنها شعرت في تلك اللحظة وكأنها شيء يتحطم…. وهواجس نفسها تسوء في كل شيء لقد اصبحت الدنيا اكثر سوادا من الليل…. واصبح ذلك اليوم اكثر الايام بؤسا لم تعرضت في تلك اللحظة الى ضربة كبيره في راسها وكأن شخص ما قام بضربها بمطرقة حادة ….
اين التخطيط الذي كانت تخطط مع زوجها لمستقبل ابنائها وبناتها كيف سوف ينهون دراستهم؟ كيف سوف يكون لهم مستقبل متى ومن سوف يقوم بتزويجهم؟
ومازالت صامتة لا تك لم من حولها من هول الصدمة تنظر الى بناتها الاثنتين من حولها بنظرة غريبة نظرة لايفهم معناها الى من عرف ماذا جرى في اليوم الثاني لمجلس العزاء.. كان وجهها شاحب جدا تدندن مع نفسها وتقول ماذا سوف نفعل بعدك يا ابا سفيان لقد تركتنا في عالم الدنيا في ظروف صعبه جدا.. وتقول لمن حولها ما زلت لا اصدق ان ابا سيف قد رحل ولماذا لم يفكر بنا لماذا اتاه المرض لماذا يا موت تفاجأنا هكذا مازال في عز الشباب ورحل عنا ابناءه مازالوا غير بالغين بناته مازلن طالبات في المدارس وابنه الاصغر طفل لم يتجاوز الخمسة سنوات. كانت اختها الوحيدة تجلس قربها وتصبرها على مصيبتها ولكن في قلبها كانت هناك نارا تتوقد دون هوادة مضى الليل و شق الفجر طريقه وفي الصباح الباكر بدأت قوافل المعزين تأتي اليهم من كل انحاء محافظه نينوى وسارة الامور بشكل طبيعي رقم حجم المصيبة الا أن الانسان يتقبل الموت والفراق بنعمة النسيان نظر سيف واخته الكبرى سارة الى والدتهما وقد لاحظوا في وجهها الحزن الشديد.. اوصى سيف خالته واخته بأن يهتموا بوالدته ولا يتركوها وحدها اثناء مجلس العزاء كونه مشغول مع عمامه باستقبال المعزين مضت ساعات النهار لقد كان يوماً ثقيلا وفي عصر يوم الجمعة المصادف ١١ / ١٢ / ٢٠١٥ ولم تمضي ساعات على وفاة ابوسيف واذا النساء تبدا عويلها من جديد هب الحاضرون الى البيت يتقدمهم سيف واخاهم الثاني سرمد واذا بأخته ساره تصيح اسرعوا انقذوا امي.. انقذوا امي لقد سقطت مغشية عليها وعلى الفور جهزوا السيارة وانطلقوا بها الى المستشفى كانت الساعة تشير الى الرابعة عصراً تقريباً وكانت الشوارع شبه خاليه كانت المدينة في وضع حرب وصلوا المستشفى وقد رافقها ابنها واختها وقسم من اقاربهم وعندما حضر الدكتور الخفر ابلغهم ان السيدة ام سيف قد فارقت الحياة متوفيه وقد لفظت انفاسها الاخيرة منذ ان سقطت مغشية عليها نتيجة صدمه قلبيه قويه وبالتحديد بعد صلاة العصر قام سيف يلطم على وجهه يا الله لطفك بنا بالأمس والدي واليوم والدتي ارحمنا يارب فالمصيبة كبيرة جدا . ومن هول الصدمة الثانية قالت اخت ام سيف التي اتت معهم انها تشعر بدوار وصداع قوي في رأسها فأشاروا لها الحاضرون بالذهاب الى احد المغاسل لكي تضع ماء بارد على رأسها ربما ترتاح قليلا من الم الصداع .
وعندما ذهبت وهي تتمتم كلمات مع نفسها لقد ماتوا جميعا بالأمس ابوسيف واليوم اختي الوحيدة وسندي في الدنيا ام سيف وعندما وصلت الى انبوب المياه وضعت في كفيها قليل من الماء لتمسح به وجهها وماهي الا دقائق معدودة عندما شعروا بها قد تأخرت قليلا توجهوا اليها وكانت الصدمة الاخرى فلقد اغمي عليها حملوها الى نفس غرفة الطبيب الخفر ولكنها بلحظات اصبحت جثة هامدة لا تتحرك وبعد محاولة الطبيب بإسعافها الا انه لم يفلح بذلك فلقد سبقه الموت لتلتحق بأختها ام سيف وزوج اختها ابو سيف والجميع ودعوا هذه الحياة الدنيا خلال فارق زمني لم يتجاوز اربعة وعشرون ساعة. ما هذا التابوت المفتوح الذي لم يكتفي الا بثلاثة اشخاص من عائلة واحده..
اصبحوا حائرين في هذه اللحظة ماذا يفعلون لقد فقدوا ام سيف واختها خلال ساعه واحده ماذا يقولون للناس الموجودة في مجلس العزاء وكيف سيتقبلون الصدمة ..
عادوا الى البيت في نفس السيارة ومعهم جثتان لاختان الاولى يبدوا انها قطعت لنفسها عهد ان تلتحق بزوجها الذي رحل قبلها بيوم واحد والثانية اكملت عهدها لأختها ان يدفنان في مقبرة واحدة وفي نفس الساعة… وماذا يعني مفارقات القدر …نعم كانت ام سيف وفية لزوجها مخلصة له وهاهي اليوم لم تتحمل فراقه فالتحقت به الى عالما آخر. عالم الرحمة والمغفرة.. الى جوار الرحمن الرحيم.. تاركين خلفهم الدنيا وهمومها…قبلها بساعات كانت البنت الكبرى سارة تبكي وتنوح على والدها وكانت هناك امرأة تقرأ القرآن كما متعارف في مجالس العزاء في مدينة الموصل فقالت ام سيف للقارئة ارجوك اقرأي على ابنتي سارة او كما يسمى بالمصطلح العامي (عزامه) ولكن القدر يبدوا انه ينتظرها وقريب منها وقد فارقت الحياة في اول يوم من مجلس العزاء لزوجها..