18 ديسمبر، 2024 8:48 م

التابوت المفتوح قصة واقعية جرت احداثها في مدينة الموصل

التابوت المفتوح قصة واقعية جرت احداثها في مدينة الموصل

الاهداء
الى كل الذين عانوا الامرين في فترة الحروب .
الى الذين فقدوا احبابهم من الاباء والامهات.

الى الذين تحطمت قلوبهم في هذه الحياة الدنيا وهم مازالوا احياء يعيشون مرارة الحياة..

الى الذين تحملوا مسؤولية الحياة بعد فقدان ذويهم

الى ارواح الاشخاص الذين فقدناهم ونحن نشتاق لرؤيا وجوههم الباسمة…
الى كل الاخوة متابعين صفحة الكاتب إبراهيم المحجوب

الى كل هؤلاء اهدي هذه القصة الواقعية وهي من ارض الواقع وليس من عالم الخيال…أملي ان تنال رضاكم

المؤلف

القصة طويلة وحقيقية وقد جزأتها الى خمسة اجزاء وهي احد مؤلفاتي تحت الطبع… واملي ان تنال رضاكم

التابوت المفتوح
قصة واقعية جرت احداثها في مدينة الموصل
بقلم ابراهيم المحجوب
الجزء الاول
عاش بطل قصتنا هذه الذي سوف نعطيه اسمه الحقيقي في القصة ابو سيف طفولة صعبة جدا بسبب تردي الاوضاع المعاشية لعائلته فلقد كان والده فلاح بسيط يكاد ان يؤمن قوت عائلته كونه يسكن قرية زراعية تسمى الشمسيات وكان هذا عام ١٩٦٣ وبعد ولادته بسنة واحده تقريبا انتقلت العائلة جميعها الى قرية قريبة منها تسمى يارمجة ورغم قربها للمدينة الا انها تنعدم فيها كل الخدمات العصرية فأبناء هذه القرية في ستينات القرن الماضي يعيشون مع الفقر وصعوبة تقلبات الاجواء الطبيعية كان حلمه الوحيد ان يتفوق في مدرسته ويرحل ليعيش في المدينه.ولكن الظروف المعاشية تفرض على الانسان امور خارجة عن ارادته فيتقبل تلك الظروف ويتعايش معها بصورة طبيعية ..

مارس دوره العائلي اسوة بأبناء الطبقة الفلاحية في منطقته حيث كان يدرس في الصباح ويساعد والده في الزراعة بعد نهاية دوامه المدرسي مشارك افراد عائلته تأمين لقمة العيش .ولد ابو سيف في عائلة يبلغ عدد أفرادها مع الاب والام ثلاثة عشر شخصا وكانوا ستة من البنين وخمسة من البنات كان لديه اخ توأم اسمه عبدالله وكونه شقيقه التوأم كان اقرب الناس له ولم يكن هو التسلسل الاول في العائلة ومع ذلك كان احد اصحاب القرار من خلال مشاركته كل التفاصيل الدقيقة لعائلته.. ترعرع واكمل طفولته في قرية يارمجة التي انهى دراسته الابتدائية فيها وهذه القرية تبعد كيلومترات قليلة عن مركز مدينة الموصل في حينها ومع الزحف العمراني والكثافة السكانية اصبحت تلك القرية اليوم احد الاحياء السكنية لمدينة الموصل …ثم واصل دراسته المتوسطة في احدى مدارس مدينة الموصل وبالتحديد في احد احيائها تسمى الفيصلية ولكنه لم يكمل دراسته المتوسطة كون التنقل بين البيت والمدرسة بعيد ومكلف مادي ا وخاصة بعد ان توفي والده في بداية الثمانينات…

وبعد ان بلغ الثامنة عشر من عمره التحق الى التطوع في صفوف القوات المسلحة والتي كانت فرصة للحصول على درجة وظيفية ينتهزها اغلب الشباب بعد ترك الدراسة وكان هذا في عام ١٩٨٤…واصبح مشارك في مصروف العائلة التي انتقلت بعدها للسكن في حي سومر داخل مدينة الموصل والقريب من سكنهم القديم….
تعارف على احد الفتيات من بنات المدينة عن طريق احد معارف العائلة وبعد مدة من الزمن ونتيجة لتطابق وجهات النظر والمشاعر من قبل الطرفين وقناعة الاهل من قبل الطرفين تقدم لخطوبتها رسميا وكان النظام المتعارف عليه في مثل هذه الحالات ان يذهب اهالي الشاب الى اهل الفتاة للتعارف عليهم وطلب يد ابنتهم لابنهم الذي ينوي الزواج في حينها وبعد ان تحصل موافقة الفتاة واهلها يحددون مبلغ من المال ي سمى المهر ويقوم بعدها الشاب بتجهيز لوازم الزواج يبدأها بشراء خاتم الخطوبة اومايسمونها اليوم ( بالحلقة) وبعدها مخشلات من الذهب وحسب الاتفاق بينهما ثم يقوم بشراء الملابس المطلوبة للفتاة وبعدها يقوم بشراء غرفة للنوم وعادة تكون مصنوعة من الخشب وتكون وفق ديكور حديث ومقبول …

وبعد ان اتمم السيد ابوسيف كل هذه الامور الضرورية المطلوبة جرت مراسم الزواج في وكما ذكرنا في بيتهم الجديد في حي سومر وكان هذا عام ١٩٨٨وبقيا مستقرين مع العائلة لمدة اربعة سنوات تقريبا لتنطلق بعدها رحلة حياتهم من جديد بتأسيس منزل جديد

استمر زواج ابو سيف من حرمه السيدة ام سيف اكثر من عشرين سنه متعاونين فيها بالألفة والمحبة وقد انجبوا ابنه البكر سيف عام ١٩٩١ وبعده جاءت الى الدنيا ابنتهم ساره لتتواصل العائلة في الانجاب ليأتي سرمد ثم سرى وآخرهم سفيان ولو تلاحظ ايها القارئ الكريم ان ابوسيف اختار اسماء ابنائه جميعا تكون البداية بحرف السين ولانعرف هل هذا رمز للسلام ام للسعادة ومهما كان الامر ورغم كل الحروب والظرف الاقتصادي الصعب الذي كانت تعيشه اغلب العوائل العراقية الا ان عائلة السيد ابوسيف بقيت محافظة على توازنها الاقتصادي بفضل التفاهم بين ربة الاسرة ام سيف وتدبيرها اللامحدود وبين رب الاسرة ابوسيف المكافح الذي يريد ان يعمل ليلا ونهار من اجل توفير السعادة لعائلته وتأمين مستقبل افضل لأبنائه.. بدأت العائلة تتوسع مع مرحلة نمو الابناء ودخولهم المدارس
وفي احدى الليالي اشتكى ابا سيف من آلام قوية في صدره فذهب مع ابنه الكبير وزوجته ام سيف الى المستشفى لإجراء فحوصات طبية تبين بانه يعاني من مشاكل في القلب وانسداد في الشرايين وكان التشخيص الطبي الدقيق ضعف بالبطين الأيسر للقلب وان الامر يتطلب اجراء عملية فتح للصدر واجراء تداخل جراحي للشرايين المسدودة. لكن الامر ليس بالسهل حيث ان هكذا عمليات جراحية تواجهها صعوبات جمه اهمها تردي الوضع الصحي في البلاد وعدم توفر قاعدة صحية صحيحة في اغلب المستشفيات الحكومية وانعدام الادوية والمستلزمات الطبية الاخرى ومن جهة اخرى ان المريض بأمس الحاجة الى اجراء هكذا عملية وقد صادفت هذه الاحداث ومدينة الموصل مفصولة عن مدن العراق الاخرى بالكامل نتيجة ما حدث بعد احداث عام ٢٠١٤ والطرق اصبحت اغلبها مسدودة وصعوبة الوصول والتنقل بين مدينة واخرى وقد قصرت الدولة في حينها لترك ابناء تلك المدن يعانون الامرين بين الخوف من الحرب والمرض الذي انتشر لعدم توفر ادوية

وصالات عمليات مع قلة الكادر الصحي نتيجة هروب اغلب الاطباء ذوي الاختصاص الى خارج القطر او الى المحافظات والمدن الآمنة الاخرى..

بدأت حالة السيد ابوسيف تسوء جدا وبدأت المضاعفات تظهر على جسده وبدأ يشعر بالآلام لكن بنيته القوية استطاع ان يقاوم ولايشتكي من العلة ابدا حتى وصل الامر الى طريق مسدود وان اجراء العملية الجراحية اصبح امرا لابد منه رغم علم الجميع ان نجاح هكذا تدخلات جراحية اصبح ضعيف جدا والخوف من مضاعفات ما بعد العملية وارد في الحسبان ولكن الانسان يبحث دوما عن اي مخرج يتوقع من خلاله انهاء لتلك الآلام التي ترافقه ..