لم تحظ حكومة عراقية او عربية بمثل ما حظيت به حكومة رئيس الوزراء المكلف الدكتور حيدر العبادي من تأييد محلي واقليمي وعربي ودولي، وهي المرة الاولى التي تتفق فيها العربية السعودية والجمهورية الاسلامية على المرشح نفسه وترسل برقيات التهنئة بالتكليف، كما اجمع مجلس الامن الدولي على تأييده ودعمه في تشكيل الحكومة، فضلا على تاييد منقطع النظير من الفعاليات السياسية الشيعية يرافقه تأييد حذر من الفعاليات السياسية الاخرى. وبتقديري ان هذا التأييد سيُعَقّد مهمة الدكتور العبادي اكثر مما سيسهلها ويفرض عليه مهاما جديدة قد تؤدي الى حصول تقاطع معه من بعض الكتل الشيعية نفسها، لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ويمكن ان يكون جزء من هذا الاعتراض على إدامة وتوثيق العلاقة مع الولايات المتحدة بمستوى يفوق العلاقة الحالية، ولربما يأتي الاعتراض الاخر على توثيق العلاقات مع المملكة العربية ودولة قطر اللتين كانتا من اول المباركين لتكليف العبادي من قبل رئيس الجمهورية على الرغم من ان البعض يعلل الدافع وراء سرعة المباركة من تلك الدول هو ناتج عن عدم الارتياح الى رئيس الوزراء السابق اكثر من دعمهم لرئيس الوزراء المكلف. لكن هل المطلوب ان نقف ضد اجراءات الحكومة الجديدة لتحسين العلاقات مع المحيط الاقليمي والعربي والدولي ام ندعمها ونقف خلفها لنُسهم في تمكينها من بناء علاقات وطيدة يمكن ان تنعكس على الوضع المحلي، لاسيما واننا لمسنا بشكل واضح النتائج السلبية لسياسة التقاطع مع الدول المجاورة والاقليمة والدولية وكيف تحشدت تلك القوى ضد الكابينة الوزارية السالفة بعدما تأكد لتك القوى المجاورة من ان هذه الكابينة ليس في برنامجها فتح قنوات تعاون معهم. ونحن ندرك ان العراق دولة فتية لديها خيرات كثيرة وكفاءات متميزة مما يجعل الدول الاخرى تخشى ظهور وتنامي قوة في المنطقة يمكن ان تشكل خطرا عليها، لاسيما وان بعض تلك الدول ذاقت بأس وعدوان تلك الحكومات العراقية المتعاقبة ، لذا فإن الطريق الاسلم لبناء دولة عراقية قوية تحضى بقبول وطني اولاً وقبول اقليمي عربي ثانياً وتأييد دولي ثالثاً هو ان تعيد النظر في السياسيات السابقة وتعمل على تصحيحها وبناء علاقة طيبة مع الشعب لانه هو الذي يعطي القوة والسلطة وهو الذي يسحبها كما فعل ذلك في تكليف حكومة العبادي وتنظيم علاقات طيبة مع المحيط العربي والاقليمي اساسه الاحترام وعدم التدخل في الشأن المحلي واستثمار الوضع الاقتصادي العراقي في دفع الدول للوقوف مع الحكومة والابتعاد عن لغة التهديد والوعيد التي كانت تستخدمها الحكومة السابقة طيلة سنواتها الثمانية في تعاملها مع الخصوم المحليين او الخارجيين وإدانة عمليات القتل التي تحصل هنا وهناك بغض النظر عن هوية الفاعلين.