التأويل من أخطر التحديات التي واجهت الإسلام بعد وفاة الرسول وحتى اليوم , وتسبب بإثارة الخلافات بين الصحابة في المدينة , وتواصل الخلاف على أشده حتى أدى إلى أن يقتل الصحابة بعضهم بعضا.
فأكثر الصحابة الأوائل ماتوا بسبب التأويل وكل يقاتل من أجل ما يراه.
ومعارك وحروب صدر الإسلام تبرهن ذلك , بل أن التأويل أدى إلى أن تأكل الثورة رجالها , فالإسلام ثورة وكأي ثورة في مسيرة البشرية , إنقض رجالها بعضهم على بعض , وفاز بها القوي الشديد إلى حين.
ولا يزال موضوع التأويل يضرب طولا وعرضا في سوح الأمة , وتتولد بموجبه الفرق والجماعات والأحزاب والتنطيمات , التي تسعى تحت رايات تأويلاتها وأن ما تراه هو الدين الحق.
بينما هي تساهم في تدمير الدين , ومحق جوهر الإسلام , والإمعان في تكريس الفرقة والعدوان بين أبناء الدين الواحد.
فالمذاهب والمدارس والجماعات مبنية على تأويلات , ترسخت وتعززت بمزيد من التأويلات المتراكمة المساندة للتأويل الأساسي , وبمرور القرون تحولت إلى مسلمات , وتفوقت على النص المؤول ونفته تماما.
ولعبة التأويلات تحقق إستعمالها لتدمير الدين منذ مطلع القرن التاسع عشر , وبلغت ذروتها في العقود الأربعة الأخيرة , بسبب تنامي قدرات التواصل والتفاعل البشري.
وفي بداية هذا القرن برز العديد من أبناء الأمة , الذين إنهمكوا في التأويل بذريعة التجديد والقراءة المعاصرة للنص الديني , وكأنه مبهم ومجهول وما عرفته الأجيال , وهاهم قد أوضحوه وبينوه.
وفي واقع ما يذهبون إليه أنهم يشنون حملات تشويه للدين , وتأمين مسيرة الإنشطار المهين , اللازم لتدمير الدين بالدين , وتجدهم يطرحون رؤاهم وتأويلاتهم بحماسة ودعم إعلامي كبير , مما يؤكد أن هذه النشاطات تخدم القوى المستهدفة لأمة الإسلام , وتحويل أنظارها من التفاعل المعاصر مع الحياة إلى الإندحار في ما لا ينفع ولا تحمد عقباه.
ووفقا لهذه النشاطات يتحقق تبديد طاقات الأمة , وإلهاء أجيالها بموضوعات خائبة بائسة , تبعدهم عن العلم وضرورته لصناعة الحياة الحرة الكريمة.
فهل من إعمال للعقل بالعلم وبما ينفع الأجيال؟!!