28 ديسمبر، 2024 12:15 م

التأريخ يُدرّس في المجتمعات المعاصرة للوصول إلى هدف عدم تكرار الأخطاء الماضية , لأن التأريخ مدرسة وبوصلة تنير سبيل خطوات الأجيال.
ودراسة التأريخ تأتي بخلاصة حضارية نافعة وترسم المسارات بصوابية أعلى , لكي تمضي الأجيال أقوى وأكثر عافية.
هذا هو الهدف الأساسي من دراسة التأريخ والإطلاع عليه , لأن أحداثه يتم وعيها وتحليلها وإستخلاص العبر والنظريات والقوانين منها.
فالبشرية تعلمت عن طريق التجربة والخطأ , والحدث تجربة بكل أبعادها ومفرداتها , ولكل تجربة نتائج
لابد من الوقوف عندها.
وهذا الواقع التفاعلي ما بين البشر المعاصر وماضيه , واضح وساطع , فلا تجد مجتمعا متقدما منغرسا بماضيه , أو مندحرا فيه , وإنما يستخلص منه الدروس ويتجاوزه إلى غدٍ أفضل وتجربة أكبر , وبهذا تتواصل وتتقدم الأجيال.
وفي مجتمعاتنا , أصبح التأريخ طاعون وجودنا , وجرثومة إنقراضنا , فنحن لا نستخلص الدروس والعبر منه , وإنما نعيد أحداثه ونكررها ونستثمر فيها.
وما يعصف في بعض مجتمعاتنا , أنها تريد أن تعيد الزمن إلى الوراء , وتحاول أن تلغي مسيرة حياة على مدى قرون عديدة , وتتوقف عند فترة زمنية ذات بضعة عقود وتمعن بالتعبير عنها بشراسة وعدوانية وإنتقامية متوحشة!!
وهذا إضطراب سلوكي ونفسي وربما عقلي وخيم مُعَزز بتراكمات وهمية وإنحرافات تصورية , وتضاف إليه كل يوم أهوال أضاليل وعواصف بهتان وأكاذيب حتى تحول الواقع إلى جحيم.
والتأريخ إلى داء أليم , ووجع مقيم.
فكيف بربك يتحول الماضي إلى عدو لئيم للحاضر والمستقبل ؟!
وما فائدة التأريخ عندما يجلب السقيم البهيم؟!!