التأريخ العربي المدوّن يتميز بالخيالية , والإبداعات الفنتازية البعيدة عن واقع الحياة , فرموزه موجودات لا بشرية , وأكبر من ملائكة وذات قدسية عالية.
فكيف نتعلم من حالات غير موجودة أصلا , ومسوَّقة بأساليب لا تصلح للحياة فوق التراب.
فتجدنا أمام كتابات تتحدث عن حكايات خرافية وأساطير خارقة للمعتاد , وبعيدة عن قدرات البشر , ولا تتصل بمسيرته اليومية , فكيف نتعلم مما يشبه الأوهام والإنحرافات الإدراكية؟
فالبشر يتعلم من التجارب الواقعية , التي تحصل في ميادين الحياة , ويكون أبطالها من البشر الذين يتحركون في الدنيا , ويكافحون ويعانون ويقاتلون ويموتون.
بينما رموز تأريخنا أشباح خيالية , وموجودات سرابية , وحالات محاطة بتصورات خارجة عن جاذبية الأرض.
الخلفاء , القادة , الأبطال , كلهم عبارة عن أساطير , ومخلوقات لا يمكن تصديقها وقبولها مهما توهم الواهمون.
فهذا الشخص أكثر من مقدس , وما هو إلا بشر كأي البشر , وهذا إله وما هو إلا كغيره من البشر , وهذا الخليفة يمتلك قوة خارقة , وما هو إلا مخلوق ضعيف , ويعاني من أمراض ورغبات منحرفة فاعلة فيه , لكننا صورناه وتخيلناه , وأخرجناه من آدميته رغم أنه قد إلتحف التراب.
إنها عجائب سلوكية مدوّنة في الكتب على أنها تأريخ , وما هي إلا أوهام فاعلة في الأجيال , ولا يمكنها أن تتعلم منها , فالآوهام لا تعلم , وعلينا لكي نتعلم فعلا من التأريخ أن نقرأه بعيون العلم , ونؤمن بأننا نتعامل مع البشر , وأي سلوك لا يتوافق مع كونهم بشرا لا يجوز قبوله.
فالخلفاء والقادة , وغيرهم من الرموز لهم حسناتهم وسيئاتهم , ولا يمكن القبول بأنهم من المقدسين المنزهين من الخطأ , فالبشر محشو بالرغبات الدونية!!
و” قل إنما أنا بشرٌ مثلكم…” الكهف: 110