المجتمعات القوية الحية المعاصرة متآلفة وطنيا , ومتفاعلة إيجابيا , وتقف وقفة شعبٍ واحدٍ أمام المخاطر والتحديات , وتذود عن سيادتها وكرامتها وعزة وطنها , وتصونه من العدوان والإمتهان.
والتآلف يعني الإجتماع على وئامٍ وإخاءٍ.
فمن أركان التآلف التآخي والوئام , مما يعني إستحضار عناصر التفاعل الإيجابي , كالتحمل والتسامح والمحبة والظن بالخير , وعدم الشك والعدوان والبغضاء والكراهية , وأن تكون هناك قيم سامية مشتركة تظل خيمة التآلف الإنساني الطيب العطاء.
ومن الواضح أن هذه الحالة تتكرر في المجتمعات البشرية عندما تواجهها التحديات المصيرية , فتراها تتناسى ما يفرّقها وتستثمر فيما يعضّدها ويقويِّها , فتتماسك وتتفاعل بقدرات جماعية ذات طاقات دفاعية هائلة تؤمّن إرادة الإنتصار على التهديدات المحيقة بها.
فلو نظرنا في المجتمعات من حولنا لتبين ذلك السلوك جليا , ولرأينا كيف أن مجتمعات ذات إختلافات عميقة وقاسية , قد حولتها التحديات إلى بنيان مرصوص , فخاضت غمار المواجهة وأبقت على وجودها العزيز.
هذا قانون مصيري كوني ينطبق على المخلوقات كافة , وحتى الحيوانات عندما تداهمها الأخطار في الغاب تتكاتف , وتكون كتلة واحدة تمنع إختراق المهاجمين من الوحوش المفترسة , بينما في مجتمعاتنا يتحقق التفرّق السريع حين العدوان عليها , فمجتمعاتنا مؤهلة للتشظي أمام التحديات , وهذا ما يميزها ويضعها على حافات الإستغراب البعيد المنافي لبديهيات الأمور , وموجبات البقاء الحضاري والحضور الإنساني.
فهل لدينا القدرة النفسية والفكرية والروحية , لزيارة معاني ومبادئ وقيم التآلف الوطني , لكي لا نغيب في مجاهيل العصور؟!!