فتوى المرجعية, واضحة جداً؛ لم تكن إنفعالية, وليس بها نقص؛ شملت الحدث العراقي برمته وتعاملت معه بواقعية تفتقر إليها الكثير من القوى السياسيىة..”قتال الإرهاب, شرط أنّ يكون التطوّع عبر مؤسسات الدولة, وإيجاد الأرضية المناسبة للحوار السياسي ووحدة الموقف” هذه الشروط يجب توفرها عند كل من يحمل رؤية المرجعية, ويلبي نداءها؛ الأخذ ببعض الفقرات وترك الأخرى, يعد مخالفة صريحة للفتوى.
تكاثرت الحشود, وكلها من أبناء الشعب وقواه المخلصة, ملبية لنداء الجهاد, بعضهم حمل السلاح بيد, ومد اليد الأخرى لمصافحة الخصم؛ فاليوم هو يوم الحسم, العراق كله برز للإرهاب كله..
تأجلّت الخلافات, صارت نسياً, وحتى أسباب “نكسة الموصل” لم يتطرق لها أحد, الكلمة للرجال والمواقف, فميداننا واحد..في كل ثورة, منغصات, ولعل أهم منغصات الثورة العراقية الكبرى ضد الإرهاب, هي الأصوات الناشزة التي أخذت من فتوى المرجعية ما ينسجم مع توجهاتها, وتركت الجزء الآخر!..
في الجبهة أجساد عراقية, لم ترتدي الخوذة أو الدرع؛ بعضها أقصته الأقلام الإنتهازية, وشطبته من دائرة الوطن, ذهبت إلى سوح المواجهة مكشوفة الرأس, لا تملك سوى إيمانها بعراقٍ خالي من الإرهاب, وأخرى تمتعت بخيرات الرخاء, وعادت في لحظة إشاعة الخبر السيء, لم تكلف نفسها عناء حر العراق ولو ليومٍ واحد..!
داعش يريد الموصل ولاية, والعراق يريد طرد الحثالة الكونية, فأن يحكم هناك كرديٌ أختلف معه, خيارٌ ممتاز, فالأخير لا يبيح دمي إطلاقاً, وليس له أخذ مايريد؛ فأنا وهو سنتخاصم على أشيائنا, ثم نتصافح..خندق واحد, العراق كله, ضد الإرهاب كله.
في يوم المواجهة الأول, ليس هناك موقف واضح للكرد, غير إن الموقف أتضح بعد فتوى المرجعية مباشرة؛ الكرد بقتال شرس ودموي مع (داعش).. هل هي الصدفة التي جعلت الكرد في طليعة الملبين لنداء المرجعية, أم إن المصلحة؟ وإن كان الكرد كذلك, فلماذا نستهدفهم إعلامياً, أكثر من إستهداف (داعش) نفسها؟!
قد يكون للكرد أهداف معلنة, أو مجهولة؛ غير إن الهدف الأسمى هو ما يتوافق مع الرؤيا التي تحملها المرجعية, هم اليوم, جزء مهم من معركة المصير والشرف, معركة القضاء على الإرهاب.
إصرار البعض على إستعداء الكرد, خيانة للوطن, وللمرجعية التي سحبت البساط من الجميع, وأخذت زمام المبادرة, وغيرت خيوط اللعبة.
قد نكون متفائلين كثيراً, عندما نقول إن الكرد قاتلوا, لإن المرجعية قالت..بيد إن الواقع يعكس هذا الرأي, فالزائر لكردستان, يدرك حجم الإحترام والتقدير الذي يكنّه أولئك القوم للمرجعية التي أفتت بوقتٍ سابق بحرمة قتالهم, ومن الحكيم محسن إلى السيستاني علي, تقوم البيشمركة برد العرفان, ذلك لا تذكره المرجعية؛ إنما الكرد كأمة وفية, طالما تغنت بتلك الفتوى التي تجرّم من يقاتلهم..
(البيشمركة) تقاتل, وهي جزء من الجيش العراقي, فلا داعي لإلقاء اللوم على من يقاتل الإرهاب, بينما يأمن الخونة من عقاب يفترض أن يقتص لهيبة الدولة منهم..إلتقاء مصالح الأعداء؛ يمهد لإنهاء أكبر الخصومات التاريخية, فلماذا لا نستغل قتالنا المشترك ضد الإرهاب (نحن أبناء الوطن الواحد) لخلق تسويات شاملة؟!