صراع النفوذ والمصالح الذي يعمّ البيت “الشعي”، المعروف بوحدته المطلقة، في التمسك بالعملية السياسية رغم فشله الكبير في إدارة “الدولة”، يؤكد أنه ليس بمنأى عن الخلافات السائدة في الشارعين الكردي والسني، وهو ما ينذر بصدامات قد تصل الى المواجهة المسلحة، نظراً لما تمتلكه مكونات هذا البيت من سلاح وافر، يسعى أصحابه لزيادة نفوذهم وتوسعة مصالحهم، بما يوازي قوة السلاح والجهات الداعمة لهم على عكس المكونين الكردي والسني، فيبقى الصراع داخلهما سياسياً، وذلك لعدم امتلاكهما المليشيات المسلحة .
فمع قرب الإنتخابات زادت حدة الخلافات بين حزب الدعوة والتيار الصدري، على إثر الزيارات التي قام بها أمين عام الحزب “نوري المالكي” لمحافظات الجنوب، لمحاولة كسب ودّ الشارع “الشيعي” الغاضب من أداء حزب الدعوة وقادته الذين يحكمون العراق لأكثر من ثلاثة عشر عاماً . لكن هذه الزيارات لم تلق قبولاً، حيث تحولت الى تظاهرات غاضبة ضد المالكي اتهمته بالوقوف وراء تدهور الوضعين الإقتصادي والأمني، خلال توليه رئاسة الحكومة لدورتين جراء سياساته الطائفية، والتي تسببت بظهور داعش، وتسليمه مدينة الموصل . الشعور بالصدمة من قبل تيار المالكي، جراء فشله في كسب الشارع الشيعي دفعه لإتهام التيار الصدري بالتحريض على تلك التظاهرات ، وتبعها تهديدات بشن حملة عسكرية شبيهة بالحملة التي اُطلق عليها “صولة الفرسان”، التي شنها “نوري المالكي” عام 2008 عندما كان رئيساً للحكومة ضد الصدريين، مستغلاً أي -تيار المالكي- النقمة على التيار الصدري إثر اقتحام متظاهرين تابعين للأخير مقار الاحزاب والميليشيات في نيسان الماضي، بمدينة العمارة .
هذا التصعيد من قبل المالكي تجاه الصدر يعد تحولاً في العلاقة المتأزمة أساساً بين الطرفين، وينذر بصدامات قد تكون طاحنة إذا ما تحولت إلى صراع مسلح .
خلافات أخرى طفت على السطح الى جانب ما سبق ذكره ، حيث تتحدث مصادر مقربة من دائرة “صنع القرار”، عن نية رئيس الحكومة “حيدر العبادي” الإنشقاق عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه الأمين العام لحزب الدعوة “نوري المالكي”، لخوض الانتخابات المقبلة بعيداً عن مظلة الأخير، معتقداً أنه حقق بعض الإنجازات خاصة في مواجهة تنظيم داعش، وتبنيه ملف الإصلاح ومكافحة الفساد .
اذا ماصح حديث المصادر فهذا يعني أن العبادي سيستغل تلك الخلافات لإستثمارها في تحالفات جديدة، في خطوة لكسب التحالف الشيعي من أجل استقطاب القوى الأخرى المؤيدة لتوجهاته، لكن المالكي لن يبقى مكتوف الأيدي وقد يتجه الى تشكيل تحالفات مع بعض قيادات الحشد الشعبي بعيداً عن التحالف الحاكم، متعكّزاً على أنه من أسس الحشد .
كل هذه الخلافات والتهديدات تنذر بوقوع صدام شيعي شيعي مسلح، وذلك لتوفر كل شروط حصوله بدءً من وجود السلاح الوفير ومروراً بالخلافات الاديولوجية بين مكونات البيت الشيعي . صحيح أن إيران ستضغط لمنع وقوعه خشية أن تفقد هيمنتها على العراق، لكن يبدو أن الشقاق الحاصل في العلاقات الشيعية الشيعية أكبر من أن تحويه طهران، في ظل تعاظم دور المليشيات في مفاصل “الدولة”، واكثر من ذلك هي مَن ترسم سياسة العراق الداخلية بقوة السلاح .