23 ديسمبر، 2024 12:47 ص

البيت الذي فوق الحدود

البيت الذي فوق الحدود

ما أعرفه حين يسكن إنسان بمنزل جديد أوتستاجر عائلة ما بيتاً يجتمع الجيران عندهم يباركون لهم (تسكنون بأمان وسلام إن شاء الله ) لكن  حين بادرني العجوز الجالس خلف نافذة البيت المجاور لداري .
لو لم تستأجروا هذا المنزل لكان خير لكم كانت نظرتي للعجوز قاسية لكنه بادري قائلا :ان من واجبي أن أخبرك لأن اللصوص يدخلون هذا البيت كثيرا ولا يدخلون البيوت الاخرى .
وحين ذهبت الى البقال  لأشتري سجائر قال البقال :خير ان شاءالله فأخبرتة ان العجوز الجالس أمام النافذة قال :اللصوص يدخلون بيتكم كثيرا فقال لي البقال, كلام العجوز صحيح لأن لم تستاجر هذا البيت لكان افضل لان اللصوص يدخلونة كثيرا .بقيت منزعجا طوال اليوم وحين زارتنا العائلة التي تسكن بجورانا قال جارنا وهو ينصرف:هذا البيت جميل ولكن اللصوص يقصدونة .لم أسئل جاري عن السبب وكان كلام زوجتي مقنعا بعض الشيء بإن الناس يريدون ان يخرجونهم من البيت حتى ياتون بمستأجر يعرفونة .اقتنعت بكلامها إلا انني لم انم طول الليل وحين سمعت صوتا تحركت بسرعه البرق واخذت مسدسي وقلت لا تتحرك وإلا قتلتك ولأني مستاجر جديد لم اهتدي لمفتاح الضوء .عرض اللص ان يشعل النور تصورت الامر لعبة لأخراجي من المنزل لكن كان لصا حقيقيا. 
تجمع الجيران قرب المنزل وكانوا يعرفون اللصوص الذي يأتون لهذا البيت واللص لا يهتم بي وبقي يعبث بالمنزل بحثا عن شي يسرقه .طلبت من الجيران مساعدتي بربط اللص لكنة قال سوف تتعب ولن تجد من يقبض علي ولم يمانع بالقبض علية اطلاقا .ثم ذهبت انا وزوجتي للمخفر لنبلغ عن اللص وحين سأل المفتش عن مكان البيت قال هذا البيت لا يقع ضمن الحدود مسؤوليتنا, عليكم الذهاب على المخفر الواقع ضمن مسؤولية بيتكم .وكان المخفر الثاني بعيد جدا واتجهنا اليه وكان الجواب بان البيت لا يقع ضمن مسؤليتهم وعلينا الذهاب الى الدرك اي المخفر الاخر فقررنا العودة الى البيت خوفا على اللص من الموت, فقمنا باطعامة وهو غير مبالي بما نقوم به.واخيرا ذهبنا الى الدرك وكان قائد الشرطة يعلم مكان بيتنا فقال هو لا يقع ضمن مسؤليتنا وحين على صوتي علية بأنني تعبت من التنقل بين المراكز الشرطة فأخرج خريطة وضح لي ان منزلنا لا يقع ضمن مسؤلية الدرك.عدنا الى البيت قامت زوجتي باعداد الطعام للص وهددنا اذا بقينا عليه بهذا الطريقة سوف يرفع علينا دعوى لتقيد حريتة والقبض علية بلا سبب.فطلبنا منه موعد حتى اخر المساء. وحين ذهبنا الى المخفر كان نفس الجواب لان البيت كل جزء منه يقع ضمن مسؤولية مخفر وكل طرف يرمية على الطرف الاخر ولا يستطيع احد ان يقبل الدعوى التي نريد اقامتها. 
المشكلة الكبرى اننا لا نستطيع ان نترك البيت لاننا دفعنا ايجار عام كامل مقدما فأما ان نترك البيت او نجد طريقة نتعامل بها مع اللصوص الخمسة الاخرين غير اللص الذي قبضنا علية, لنتعامل معهم حين ياتون ويسرقون من بيتنا. لذلك اعتدنا عليهم واصبح الجميع يعرفهم وحتى لا ياتي لصوص من مكان اخر يسرقوننا .اعتدنا عليهم واصبح دخولهم وخروجهم معروف للجميع . قصة للكاتب التركي الساخر عزيز نيسن. بيت وطن ذاتك ممكن ان تعبر بكل ما تشاء حين تتم سرقته منك وانت مجبر ان تتعامل مع اللصوص الذين يسرقون وجودك حياتك أملك .يسرقون كل شي ولا تستطيع ان تخطو خطو نحوهم من المطالبة بحقك او اثبات شي لك والادهى حين تتكلم عنهم تصبح انت المتهم والاخر البريء.عملية التألف مع اللصوص والاعتياد عليهم اصبح امر شائع ومعروف وتتقبله الناس والسبب انه لا طريقة مثلى للتخلص منهم وكلما حاول الانسان التخلص من لص جاء بأخر اكثر لصوصية , لان ظاهرة اللص اصبحت هي الامر الشائع والمعروف. اما الانسان النبيل او الوطني والنزيه اصبح امر نادر وغير متوفر فلم يبقى امام الناس الى التسليم  والاعتياد عليهم  واصبح واقع حال  الناس يقول كما في المثل العراقي (شين تعرفة احسن من زين ما تعرفه )
 
ومضة :
لو جمعتم الان مواطني البلدة كلهم, و سألتموهم : من منكم معارض؟ لما ظهر منهم واحد.. إفهم انهم اذن , دون استثناء, معارضون.”
عزيز نيسين