23 ديسمبر، 2024 12:19 ص

البودي كارد ترامب . . وموقفنا من تصريحاته المثيرة

البودي كارد ترامب . . وموقفنا من تصريحاته المثيرة

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتراضه على سياسة الجيش الأمريكي في حماية المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية واليابان دون مقابل
وتساءل “ترامب” -بحسب وكالة “فرانس برس”: “لماذا نقدم مساعدات لجيوش دول غنية مثل السعودية واليابان وكوريا الجنوبية؟”، وأردف بالإجابة: “سيدفعون لنا، المشكلة هي أن أحدًا لا يطالب”
وأوضح الرئيس الأمريكي أنه “أجرى محادثة هاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لبحث مسألة الحصول على أموال مقابل الحماية لبلاده

ويبدو من ذلك ان السيد ترامب يتصور امريكا مجرد بودي كارد يدافع عن دول
لقاء مبلغ من المال ، وكأنه ليست هناك ستراتيجيات واتفاقيات دولية معترف بها تنظم العلاقة بين الدول على مدى سنوات طويلة تمتد لما قبل الحرب العالمية الثانية

وفي وقت سابق من هذا الشهر ، اعرب الرئيس ترامب عن رغبته في استضافة خطيبة الصحفي عدنان خاشقجي الذي قتل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول الى البيت الابيض
وهذا مايثير العجب حقا ، فالاف السوريين والعراقيين واليمنيين يواجهون الموت يوميا ويعيشون في اجواء من الخوف والرعب على مستقبلهم ومستقبل اولادهم نتيجة التدخلات الاقليمية والدولية في شؤونهم الداخلية . دون ان يتحرك وجدان السيد الرئيس على مايجري في هذه المنطقة . ودون ان يطلب استضافة ممثلين عنهم في البيت الابيض لايجاد حلول سياسية للحروب التي اكلت الاخضر واليابس

وموقف ترامب من القضية الفلسطينية هو الاخر اثار جدلا واسعا والذي ادى الى نقل السفارة الامريكية الى القدس رغم صدور عشرات القرارات من الامم المتحدة ومجلس الامن التي تمنع اي تغيير سياسي او اداري تجاهها لكونها تجمع الاديان السماوية التوحيدية ، ولا يمكن استفراد ديانة على حساب ديانات اخرى

اننا كثيرا ماننتقد ترامب ونعتبره غريب الاطوار او جاهل بالبروتوكولات الدبلوماسية ، فهذه شخصيته . . وبالرغم من اننا لانتفق معه في كثير من الامور ، الا اننا نعتقد انه يتحدث على المكشوف ويعبر اصدق تعبير عن السياسة الامريكية كما هي وبلا رتوش , ولا يختلف عن كل رؤساء الولايات المتحدة السابقين في نظرته الى العرب والمسلمين ، سوى انه يتكلم بصراحة غير معهودة . فقد ادعى بعض الرؤساء الذين سبقوه بانهم جاءوا للتحرير مثلا . او انهم جاءوا لتطبيق الديموقراطية ، ولكن ترامب يظهر الوجه الحقيقي لامريكا عندما يقول انه يريد اموال العرب وبترول العرب ، هكذا وبدون مواربة

صحيح ان ترامب وقف موقفا معاديا من قضايانا العربية . الا اننا يجب ان نتنبه الى وجهة النظر الامريكية والغربية في ازدراء العرب والمسلمين . واننا يجب ان لانركز على سلوك ترامب المخالف للاعراف والتقاليد الدولية اكثر مما نركز على كيفية نظر الامريكان والغرب عامة لقضايانا العادلة ، ويتوجب علينا اعادة النظر في كثير من سلوكياتنا لنحافظ على مستقبلنا واسقلاليتنا ونفرض احترامنا امام العالم اجمع وليس امام الولايات المتحدة فقط . حيث انهم يعتقدون باننا شعوب متخلفة لاتستحق ثرواتها الطائلة الكامنة تحت الارض وانهم اولى بها وبالتالي يطمعون بالاستحواذ عليها حتى عنوة

اننا لانستطيع تغيير نظرتهم الدونية تجاهنا الا اذا غيرنا سلوكياتنا الخاطئة . وهي حقا بحاجة الى تعديل واصلاح . ولعل اكبر الاخطاء التي نقع فيها غالبا هي اننا نبحث عن الحلول لمشاكلنا المعقدة بالعودة الى الماضي بدل التطلع الى المستقبل . كما اهملنا العلم وتمسكنا بالخرافات البالية وقصص الجن والشعوذة . وكذلك الاتكالية القاتلة حتى اننا نستعين بالامام والفقيه الديني ، ولانستمع الى المثقف الواعي او النخب الاجتماعية والعلمية عند البحث عن منهج للخروج من ازماتنا التي هي نتاج العادات والتقاليد العشائرية والقبلية المتخلفة التي مازلنا نرفض الخروج من عباءتها
ومتى ماسرنا في ركب الحضارة والمدنية فاننا سنكون دولا لاتقل مستوى عن كل دول العالم المتحضر . وعندئذ فقط نزداد احتراما ونمنع كل طامع من التدخل في شؤوننا الداخلية الى حد السطو على اراضينا وثرواتنا ونحافظ على استقلالنا وكرامتنا