22 نوفمبر، 2024 12:28 م
Search
Close this search box.

البنية العقلية لقادة البلاد ولحظة التغيير التأريخية!

البنية العقلية لقادة البلاد ولحظة التغيير التأريخية!

السؤال المطروح الآن :
لماذا نخرج من أزمة لندخل اخرى أشد تعقيداً منها ، رغم الشعارات والاهداف المتشابهة للكتل والتيارات والاحزاب السياسية ممثلين بقادتهم ؟
التشابه أو التطابق في بعض الاحيان الذي من المفترض أن يؤديا الى انسيابية وسهولة ايجاد الحلول للمأزق العراقي المتراكم والمتكور منذ 2003 حتى الآن والمرجح ان تمتد اذرع هذا المأزق مستقبلاً ، وان وجدت بعض الحلول الترقيعية فأن مآلاتها الأكيدة هي اعادة تدوير المشهد السياسي بألوان جديدة مع الاحتفاظ بجوهر الازمة الناشئة عن غياب المشروع الوطني اولاً واخيراً.
هذا المشروع الوطني الحاضر في احتفاليات الشعارات الوهمية والغائب عن برامجيات هذه القوى على المستوى التطبيقي .غائب ايضاً في البنية الفكرية والعقلية لقادة البلاد ، وهو الغياب الذي أوصل البلاد الى المشهد الحالي بكل تلاوينه السياسية والثقافية والاقتصادية والاخلاقية .
البنية العقلية والفكرية لقادة البلاد التي تستند الى اربعة محاور رئيسية تتفرع منها بقية التفاصيل التي تتشابك وتتعقد لتواصل انتاج الازمات واعادة تدويرها .
المحور الاول : يتمثل في ان هذه العقلية وبنيتها هي عقلية سلطة ، ينتج عنها برامجيات الاستحواذ والتغانم والتخادم والنفوذ القائمة على مساحات اجتماعية محصورة طائفيا وقومياً وعشائرياً بل وحتى مناطقياً ، فينتج الخلل الحقيقي الذي يعيق الحلول المنطقية القائمة على مشروع وطني متكامل يهدف الى بناء عراق ديمقراطي ودولة قائمة على فكرة المواطنية .
المحور الثاني : ان صراع هذه القوى واستراتيجياتها وتكتيكاتها السياسية قائمة على فكرة الخوف من فقدان السلطة ، فنراها تتشبث بأفكار ومخرجات تعزز تماثلها السلطوي ، الذي انتج لنا مفاهيم الدولة العميقة والقوى الخارجة عن القانون تحت حجج ومسميات متنوعة ، وادخلت السلاح كجزء مهم في التوازن السياسي للابقاء على نوع من انواع الهيمنة السلطوية رغم انف الدولة ومؤسساتها شبه المنهارة ، او التي يتم اضعافها لصالح ، سلطة خارج سلطة !!
المحور الثالث : ان هذه القوى وقياداتها لاعلاقة لها بالمفاهيم الديمقراطية الحقيقية التي على اساس تطبيقاتها تنهض الامم والدول وتتطور في الميادين كافة . لدينا قوى وقيادات تستخدم آليات ديمقراطية كصناديق الافتراع على سبيل المثال والدستور الملغوم والاعراف السياسية التي انتجتها عبر الممارسات التطبيقية ، للاستحواذ على السلطة والتمسك بها وفرض مخرجاتها الفكرية والايديولوجية على الجمهور راكنة مباديء التداول السلمي للسلطة واحقاق حقوق الاقليات كجوهر ديمقراطي يؤدي الى تحقيق العدالة الاجتماعية .
المحور الرابع : ان بنيتها العقلية لم تقرأ الماضي جيداً بكل التجارب الغنية التي قدمها محليا وعالمياً ولاتريد ان تقرأ المستقبل، أو انها تقرأه وفق فلسفة ارادوية فاشلة تلوي فيها عنق الزجاجة ، هذه العقلية تتناسى القوى الحقيقية لاحداث التغيير في لحظة تأريخية ، وهي قوى الجماهير التي ستجد نفسها منساقة ،بفعل مصالحها العريضة ، لرفض العلاقة المشوهة القائمة بينها وبين القوى الحاكمة ، كما ان هذه القوى الحاكمة ستكون في تلك اللحظة التأريخية عاجزة على الاستمرار في الحكم بالطريقة القديمة نفسها ، فتحدث لحظة الصدام بين النقيضين ، الجمهور والسلطة ، وحدث الصدام اكثر من مرّة لكن قوى السلطة استطاعت حتى الآن من استيعاب لحظة الصدام وتسويفها والالتفاف عليها وتحجيمها ، لكنها تناسب او لاتدرك ، ان ماحصل بحركة الاحتجاجات الجماهيرية هي بروفات وتمارين باهظة الثمن وصولاً الى لحظة الصدام النهائية التي ستكنس هذه الطبقة السياسية الى الأبد ، ببديل يستجيب لمتطلبات لحظة التغيير .
وحتى حصول تلك اللحظة ، على قوى النفوذ ان تعيد حساباتها ، وان لاتستهزىء بالاحتمالية القوية لنهوض القوى الجديدة التي لن تكتفي بعرض صدورها العارية لرصاص الطرف الثالث ولن تكون ايقونتها عربات التكتك ، فشكل ونوع الصراع سيكون مختلفا وقاسياً ..

أحدث المقالات