23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

رب اجعل بيني وبين الجوع جبلاً من كباب

جلس بحيوية اهتزت لها اركان الحافلة، مثل اهتزاز موجة راكدة على سطح بحيرة راكدة(!؟) فأحس بوخزة من دقائق حب ملقاة بأهمال على الكرسي الذي غادره قبل قليل هو وشابة  في مثل تدفقه.. تجري.. صدفة على هذا الكرسي اعجبته كالافلام واعجبها، فراحت تمسد على ذراعيه بشغف انثوي مهتاج الا انه ظل ساكناً، ازدادت مشاعرها اهتياجاً، فوق ذراعه تبثها الحب فكانت كمن يرسل حبيبات الجنة وبذورها مع النسغ الجحيمي الصاعد يغذي ” بلائهة”  محايدين لايتقون الله ولا يوالون الشيطان.
مر بالقرب من نوافذ الحافلة ” شفل ثقيل ونادم” يسمعونه سمعاً ثقيلاً ونادماً كما لو كان آت من عتلات ثقيلة ونادمة عبر هواء خفيف، مر شفل آخر بالقرب منهما في الممر الوسطي بين مقاعد الحافلة فأيقضهما من صفنة سائبة، ساب فيها فكراهما، يتبع الشفل الذي مر قبل قليل، خارج النوافذ، يضم بين خربشات محركه على الآذان، ضحكاً مكتوما ذا نبرات شامتة تؤذي الطريق.
انعطفت الحافلة عند المفترق حيث الاستدارة، لم تكن تقرر الصياح “النجدة” لو مس كفها.. لكن لو كان قد مس كفها، لصاحت: ” النجدة ” وصاحت معها زوجات القصابين.
” فأنا اشتهي اللحم من زمان، ومحرومة منه، من زمان ايضاً لذلك اقطع الباذنجان في دوائر عرضية كي يكون شكله شبيهاً بقطع الهمبرغر”.
قالت:
الان ستستدير الحافلة.
وما لم تستدر؟ التفت اليها، ناظراً من الاعلى بحكم طول قامته المديدة، قائلاً بصوت جهوري:
– لم تكن لتستدير.
واشاح بوجهه صوب  النافذة ” تباً للطريق “.
اذهله ارتفاع واجهات المحال، ارتفاعاً عملاقاً، يعلو، بمئات الامتار عن “غيضة ” شبابه في كوتكريت عن الرصيف.
وكانت الواجهات مرصوفة بالآجر والمرمر الايطالي، الذي قايضه يوسف بالحنطة والشعير خلال البقرات السبع العجاف اللواتي خطر في رؤياه، قبل الحب.
اخذ يدقق في الهول المفزع، اثناء مرور الحافلة في الشارع العام، بين تلك المحلات، لاحظ على بعض المحلات ان اصحابها تداركوا هذا الارتفاع المريع، بهاتفين احدهما في الاسفل، يستخدمه المشترون والآخر عند البائع، يتساومان عبره، على اسعار البضائع المعروضة، في الاعلى، خلف واجهات زجاجية مكبرة ليتمعن المتبضعون بواصفاتها من حيث هم، في الدرك الاسفل عند الرصيف.
– هل هي طريقة جديدة، للتحوط دون السرقة؟
– …..
ولما يئست من ان يستجيب لمداعباتها، وادركتها اللاجدوى، كفت عن مغازلة اديم جلده، باطراف انامل نازلة من الحقد.
عندما ترجلت من الحافلة ظهرت مخالب ثلجية بين البطين الايسر والاذين الايمن، من جانبي عضلة قلبها، وسال المنصهر (المخلبي) بين تجاويف الرئة وقنواتها، مخلفاً فيها سعالاً دامياً يظل المه يجري من حويصلات الرئة الى (تفة) البصاق، مروراً بكل التفاصيل..، ازدادت لعابها وحثت خطواتها، تتنحى عن دخان الحافلة المتوازية.
كانت بطانة جفني يوسف تصطبغان بالسواد، وهو يرتشف الضوء من على انعكاس بحيرة راكدة.
” قبلة حجرية ” ذات عروتين، في اسفل رخامتها، حصاة، في لب تلك الحصاة، قلب مازال ينبض منذ آلاف القرون”
– لا ادري ان كانت تنوي مشاغلتي لسرقة الذراع، ام تريد اقتناء ذراع بلاستيكية مثلها، لشخص ما، معوق تعرفه.
…. وخزته دقائق الحب، الملقاة باهمال على الكرسي، وقد غادرت عند مستهل القصة، مع قصة شابة في مثل حيويته، اهتزت لنزولها اركان الحافلة كموجة راكدة فوق مياه راكدة، تاركة اياه بمجلسه، وحيداً يفكر بقبلة حجرية ، ذات عروتين في اسفل راخامتها حصاة، في لب تلك الحصاة، قلب مازال ينبض منذ آلاف القرون.. ايضاً.
( في المرة المقبلة لن اكفتي بتجسيد اليد، كي اشعر الزبون ” بحاجتي للطعام “.