23 ديسمبر، 2024 3:22 م

البقاء للأصلح …. والحكومة تتشكل وفقا للأصوات البنفسجية

البقاء للأصلح …. والحكومة تتشكل وفقا للأصوات البنفسجية

بعد إعلان النتائج النهائية لانتخابات . دقت الأجراس على أبواب قادتنا الفرقاء السياسيين  ليبدؤوا بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.  ففي غضون تلك الاجتماعات واللقاءات  سواء السرية منها أم العلنية , إقليمية كانت أم محلية ,نلاحظ الأصوات جميعها تتمحور  حول  شغل منصب رئيس الحكومة الجديد , كون ذلك المنصب يتمتع بصلاحيات دستورية وسياسية كبيرة  من جانب , ولأجل  قطع طريق الولاية الثالثة للسيد المالكي  من الجانب الآخر…
واقعا . إن جميع تلك الجهود غير مجزية وستنحسر جميعها  في زاوية الجيب غير تمام , لان  القوى المجتمعة  من الأساس : متصارعة  مع نفسها ( الكورد مع عشق الاستقلال ,السنة مع هوس الإنفراد  بالسلطة , الشيعة مع هاجس القمع والإظطهاد ) . ومن الأصل  : فهي كتل سياسية لا تملك مشروع وطني تنموي بل تشكلت لأجل الحصول على السلطة وضمان البقاء فيها . ومن المبدأ : لا تمتلك أي مبدأ من مبادئ اللعبة الديمقراطية فهي مستندة على مبدأ ..
( آني وأخوية على أبن عمي وآني وأبن عمي عالغريب ) …
ميدانيا . على أرض الواقع . اللعبة ديمقراطية بمعنى (رأي الأكثرية على الأقلية مع احترام رأي وحقوق الأقلية ) لذا فالطريق مفتوح  من جانبيه للسيد المالكي ففد  حصل لوحده من صافي أصوات الناخبين على ثلث المقاعد البرلمانية والكتل الأخرى مجتمعة الثلثين المتبقية . وهؤلاء الناس الناخبون لدولة القانون  يعلمون علم اليقين  إنه المرشح الوحيد لها .وفيما يلي أسباب الالتفاف الشعبي الكبير حول شخصية رئيس الوزراء العراقي  :
1_ السيد المالكي أستمد قوته من رفع شعار دولة القانون بدلا من اتخاذ شعارات إسلامية خاصة ( حزب دعوة ) مثلا .
2_وقع  على إعدام  صدام مما كسبه فاعلية شعبية واسعة .
3_أبرم اتفاقية خروج القوات الأمريكية وحلفائها من العراق والتي تكللت بالنجاح,
4_تمكن العراق في عهدته الخروج من تحت طائلة البند السابع .
5_ وجه ضربة من حديد على جميع الخارجين عن القانون لا سيما تلك التيارات العدوانية المتشددة التي  انزلقت بقوة إلى الساحة العراقية  آنذاك حتى كادت أن  تغرق البلاد في أتون حرب أهلية لا نهاية لها .
6_ المرثية واللامرئية في الشخصية العراقية  . إن الطابع الديكتاتوري على السلطة مدة أربعة عقود من الزمن والتحرر منه  . كون رؤية داخلية في اللا وعي  الفراغي من الديكتاتورية  لدى البعض فيشعرون بالإمان تجاه القوة المتعاطفة مع الشيعة الذين تعودوا على سلبهم حقوقهم خاصة ممارسة الشعائر الدينية فهو من يقوم بحمايتها حتى كسبه لقب شعبي حامي المذهب.
7_ محاربة قوى القاعدة الإرهابية بكل ما أوتي من حزم وإصرار مما أكسبه ذلك ودا شعبيا عميقا ورضا دوليا .
8_  العداء الشخصي الدفين له من قبل قادة الكتل السياسية الأخرى فبدلا من ممارسة دورهم الوطني كشركاء في العملية السياسية استغنوا عن ذلك بالمعارضة والغربلة الطائفية , مما جعل الضوء يسلط عليه بشدة عالية فهو يغرد لبناء الوطن ومحاربة الإرهاب.
9_الدراية والمعرفة بجميع القضايا والخفايا السياسية المتعلقة بشؤون العراق والتي أكتسبها من حكم  ثمان سنوات مؤهل كافي لتوليه ولاية ثالثة .
لذا .على القادة السياسيين الرضوخ لأمر الواقع فما باليد من حيلة .  إن كانوا معترضين على ولاية أخرى للمالكي باسم التغيير فهم بذلك يكونون قد جنوا على أنفسهم فهم شركاء في العملية السياسية وجزء من منظومة الحكم . فالتغير كي يؤدي دوره الفعلي يجب أن يكون شاملا …   لان سقوط مستبد وبقاء منظومة الاستبداد يعني ببساطة إن مستبد آخر يشغل الفراغ  وسقوط فساد وبقاء منظومة الفساد يعني هو الآخر إدارة جديدة للفساد لا مكافحته…
أما التشكيك  بنزاهة  الانتخابات  والاحتجاجات على النتائج فهي الأخرى حجة واهية لأن واجب المفوضية في  الأساس هو حماية العملية الديمقراطية للكتل الصغيرة من هيمنة الكتل الأخرى على القرار السياسي وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات مكونة من تسع أعضاء ممثلة عن جميع الكتل والكيانات ..
أما الاستعانة بالذيول الإقليمية الطويلة المعروفة بتبعيتها لكل قوى فهي عاجزة عن  فعل شيء مفيد فهي تسديد فواتيرها لهم بدماء الشعب العراقي ..وهذه الحلول تقودهم إلى دروب دموية مظلمة ..
ولم يتبقى أمامهم من خيار إلا التصريحات الإعلامية وذلك أضعف الأيمان مع قرب تشكيل الحكومة لا سيما والأغلبية النيابية اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة باتت مضمونة . . تشنجت الأصوات المعارضة :التحالف الوطني : لا نريد حكومة أغلبية سياسية , أياد علاوي  لا نقبل بأي مفاوضات تشترط ولاية ثالثة للمالكي , أسامة النجيفي : المالكي خط أحمر وهذه إشارة واضحة لعدم القبول بمرور المالكي إلى الولاية الثالثة وهكذا تصريحات وصيحات كثيرة تطلق على نفس الشاكلة هنا وهناك  … لا أمل يرجى منها .لأن الأصوات البنفسجية  قد أفصحت عما تريده .
فعلى جميع القادة السياسيين أن يؤمنوا بالقاعدة السياسية البقاء لأصلح  ..  ويرضوا بقسمتهم الانتخابية .لأجل تحقيق العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية وكذلك للمحافظة على التجربة الديمقراطية وعليهم أن يساهموا في بناء المشروع السياسي بأكبر قدر من الوعي والاستبصار و أن يكونوا رؤية سياسية واضحة  وأن تتطور نفسها وتستفد من أخطائها وإلا فإن جميع مراكز القوى السياسية ستصاب بالشلل ولذلك سيطبق عليهم حال المثل القائل .( أسمك بالحصاد ومنجلك مكسور)…