18 ديسمبر، 2024 10:52 م

البغدادي والدوري …نداء أستغاثة أم أعتراف بالهزيمة ؟

البغدادي والدوري …نداء أستغاثة أم أعتراف بالهزيمة ؟

بعد الضربة الجوية التي أصيب بها الإرهابي أبو بكر البغدادي ، وتولي الإرهابي العفري والذي يبدو انه هو الآخر كان في مرمى نيران قوى التحالف الدولي ، وداعش تعمل بصورة انقسامات في داخل تنظيماتها ، اذ بدت تنظيمات داعش وكانها تعمل بصورة منفردة وكلاً يعمل باستقلالية بعيد عن الاخر ، وفقدان التنسيق العالي الذي كان التنظيم يتميز به في السابق ، بل حتى الاعلام الداعشي بدا وكانه يعمل بصورة مستقلة عن القيادة ، وهذا بالتأكيد يرجع الى التخبط الذي أصاب التنظيم بعد إصابة البغدادي والعفري ، واختفائهما مما يثير الكثير من التساؤلات عن التسجيلات الأخيرة للبغدادي وما تلاه من خطاب للمجرم الهارب الدوري من كونه هل خطاب لملمة الفصائل ، ام اعلان اتحاد بين البعث وداعش أم انه اعلان فقدان السيطرة داخل خلايا التنظيم .
من خلال المقطع الصوتي بدا وكأن شي ما حدث جعل الارتباط بين خلايا التنظيم تبدو وكانها متقطعة بعضها عن البعض الآخر ، فهل يدخل في باب تخطيط جديد وإعادة هيكلة للتنظيم أم ان الضربات الجوية كانت قاسية ومؤلمة له ؟!
تعرض تنظيم داعش في العراق وسوريا الى ضربات موجعة اضرت كثيراً بالتنظيم ، فمرة افقدته السيطرة على المعركة ، والتنسيق بين فصائله ، وقطعت عليه كل طرق التمويل الداخلية والخارجية ، كما ان قتل العديد من قيادات التنظيم كانت هي الأخرى سبباً مباشراً في التخبط الواضح في خطاباته الآخيرة .
التسجيل الآخير للبغدادي كان فيه قسمان :
الأول : كان الحث والتحريض على القتال في العراق ، وضرورة إعادة تنظيم صفوف الخلايا الإرهابية ، والتاكيد على ضرورة الالتحاق بالتنظيم ولكن كلاً في بلده وموطنه ، وهذا ما يقرأ ان تنظيم داعش يعاني فعلاً من اهتزازات كبيرة في داخل التنظيم ، وانسحاب الكثير من المقاتلين في الأشهر الأخيرة ، ناهيك عن حجم الخسائر البشرية التي تكبدها التنظيم .
الثاني : التنظيم بعد تكبده لهذه الخسائر أخذ بالافول والتراجع خصوصاً بعد تراجع اعداد المهاجرين اليه من الدول الغربية والاسيوية ، وهذا ما دعى البغدادي الى تغيير خطابه الى التشدد على المقاتلين العرب بقوله “من لم ينفر أو يفر يغضب الله عليه ويعذبه عذاباً اليماً ” أذ يعد هذا خطاباً ضعيفاً ، بل وبدا هزيلاً وفيه جرأة على الله ( عزوجل) .
كما ان البغدادي من خلال خطابه بدا وكانه يعيش منافسة بينه وبين الفصائل الإرهابية الآخرى ، ومواجهات ميدانية سواءً مع النصرة او الحر في سوريا ، وهذا ما شكل نقطة ضعف للتنظيم في الداخل السوري ، كما بدا الخطاب أن لارؤية فيه ولا قراءة للاحداث القادمة ، او خطة واضحة للتنظيم خلال المرحلة المقبلة ، انما جاءت مجرد رسائل عبرت عن مدى الضغط والشحن الذي يتعرض له التنظيم الإرهابي .
الخطاب لم يأتي بشيء جديد ، بل هي مجرد محاولة لاعادة شحن النفوس ، والتحريض على القتال ، والدعوة الى إعادة تنظيم الصفوف ، كما أنه أظهر ضعفاً في شخصية البغدادي نفسه والذي بدا في خطابه وهو يستجدي المناصرين للقتال ، ودعوة أبناء المناطق السنية الى ضرورة الانضمام الى تنظيم داعش ، وهو ما يعكس حالة المنافسة الشرسة مع باقي التنظيمات الإرهابية ، والتي تتقدم عليه ميدانياً في بعض المناطق السورية .
أعتقد ان الانتصارات المتحققة على الأرض من قبل القوات الأمنية وبمساندة الحشد الشعبي الأثر الكبير على تراجع حجم تنظيم داعش ، كما ان الامر المهم هو وجود تحالف بين عصابات البعث وبين داعش ، من خلال دعواتهم للسنة في المناطق الأخرى في ضرورة الالتحاق بالتنظيم ، مما يعكس حالة الانكسار التي يعيشها التنظيم ، ويمر باوقات صعية جداً ، خصوصاً مع الخسائر الكبيرة في صفوفه ، والتي تقابلها الانتصارات النوعية للقوى الأمنية والحشد الشعبي على الأرض ، الامر الذي ينذر بنهايته القريبة في ارض السواد .