22 ديسمبر، 2024 8:59 م

البعد الأيديولوجي في الاحتفال بالنوروز بين المؤيدين والمعارضين

البعد الأيديولوجي في الاحتفال بالنوروز بين المؤيدين والمعارضين

الإسلام دين ديناميكي واقعي، يفي بمتطلّبات الدنيا والآخرة معاً، ولكنه – في الوقت نفسه – لا يسمح بالمؤثّرات والفلسفات الأخرى أن تكون جزءاً من بنيته أو نسيجه. أي بعبارة أخرى: أنه دين يبني مرتكزاته العقدية على الأصالة فحسب، ويبني متغيّراته على الأصالة والمعاصرة معاً. العقيدة والأحكام والأخلاق فيه ثابتة ثبات الجبال الشامخات، والفقه والمعاملات فيه متغيّرة بتغيّر الزمان والمكان، ومع ذلك فإنه يرفض رفضاً قاطعاً إجراء عمليات تغيير جذرية أو راديكالية تمسّ جوهره، كما حدث لأديان أخرى سماوية وأرضية. هذه الميزة أو الخاصيّة، أكسبته مرونة طيلة تاريخه، الذي يمتدّ لأكثر من ألف وأربعمائة عام. فلا عجب أن تنادت أصوات نشاز من بين أتباعه، بإحداث تغيير في هذا السياق، ليشمل تغيير القاعدة الكلية الآنفة الذكر.. ولكنه كان على الدوام يلاقي معارضة صلبة، لأنه لو حدث تغيير بنيوي فيه، على غرار بعض الأديان الأخرى، السماوية وغير السماوية، التي أصبحت إلى حد ما تلفيقية، لأصبح ديناً بالاسم فقط؛ جوهره يحوي شذرات من الوحي، ممزوج بالفلسفة والأفكار الأخرى.
ويستند المانعون للاحتفال بالنوروز لهذا العيد الى الحديث الذي رواه الصحابي أنس بن مالك (رضي الله عنه)قال:” قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال (ما هذان اليومان؟) قالوا (كنّا نلعب فيهما في الجاهلية)، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر”. (رواه أبو داود وأحمد والنسائي، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيح).
ولم يحدد العلماء تحديد هذين العيدين، إلا أن جاء السيد محمود شكري الآلوسي (1856 – 1924م) هو أحد علماء أهل السنة في العراق ومن المتمسكين بمنهج السلف، قال ما نصه:
” أنهما النيروز والمهرجان، وإنما بدلاً لأنه ما من عيدٍ في الناس إلا وسبب وجوده تنويه بشعائر دين أو موافقة أئمة مذهب أو شىء مما يضاهي ذلك فخشي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن تركهم وعاداتهم أن يكون هناك تنويه بشعائر الجاهلية أو ترويج لسنة أسلافهم فأبدلهما بيومين فيهما تنويه بشعائر الملة الحنيفة…” ينظر: (محمود شكري الالوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج1، ص 364 – 365).
أما الاثار التي ترجع إلى عهد الخلفاء الراشدين والصحابة حولها فحواها: “وبالإسناد إلى محمد بن سيرين قال: (أتي علي (رضي الله عنه) بهدية النيروز. فقال: ما هذه؟ قالوا يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز. قال فاصنعوا كل يوم نيروزاً. قال أبو أسامة: كره رضي الله عنه أن يقول: نيروزاً”. (ابن تيمية: إقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ج1، ص458).
وترد الرواية في مصنفات الشيعة الإمامية بهذا الخصوص: ومنها ما رواه الشيخ الصدوق ( المتوفى سنة381هـ/991م) في كتاب (من لا يحضره الفقيه) مرسلا: “وَأُتِيَ عَلِيٌّ ( عليه السلام) بِهَدِيَّةِ النَّيْرُوزِ، فَقَالَ عليه السلام: مَا هَذَا؟ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمُ النَّيْرُوزُ، فَقَالَ عليه السلام: اصْنَعُوا لَنَا كُلَّ يَوْمٍ نَيْرُوزاً”. وفي رواية أخرى قال:” نیروونا کلُّ یوم”. وفي رواية أخرى عن (دعائم الإسلام): ” انَّهُ أُهْدِيَ إِلَيْهِ فَالُوذَجٌ، فَقَالَ – عليه السلام -: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمُ نَيْرُوزٍ. فقال – عليه السلام -: فَنَيْرِزُوا إِنْ قَدَرْتُمْ كُلَّ يَوْمٍ. يَعْنِي تَهَادَوْا وَتَوَاصَلُوا فِي اللَّهِ”. ينظر: (الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه، ج3، ص300؛ أبن حيون، دعائم الاسلام).
وأما قول شيخ الاسلام ابن تيمية (المتوفى سنة 728هـ/1328م) بخصوص كره الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب لموافقتهم في لفظ عيد النيروز الذي ينفردون به، فكيف يوافقهم في العمل. يبدو أن محقق الكتاب أشار إلى هذه النقطة في الهامش في معرض التعليق بقوله: لقد ذكر المحدث البيهقي(المتوفى سنة458هـ/1066م) في سننه الكبرى تحت لفظ فيروز، ربما كره الإمام علي أن يقول نيروزاً – حسب تعليل أبي أسامة – فقال: فيروزاً.
ومن المعلوم أن لفظة فيروز ترد في اللغتين الكردية والفارسية بمعني مبارك، أي أنت عندما تبارك لشيء ما تقول له باللغة الكردية (بيروزبت – مبارك عليك)، فضلاً ان بعض الملوك الفرس وبعض الشخصيات الفارسية والكردية جاء إسمها بلفظة (پيروز)، وعندما يحاول النحاة العرب تعريب كلمة (پيروز) فإنهم يغيرون الپاء الفارسية المثلثة إلى الفاء. فتتحول كلمة پيروز إلى فيروز.
ومن جانب آخر يذكر ابن تيمية روايتين: الاولى عن عبد الله بن عمرو (ابن العاص) قال: “من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه فيهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة”( ابن تيمية: إقتضاء الصراط المستقيم ،ج1، ص457). والثانية عن عبد الله بن عمر بن الخطاب جاء فيها: “من بنى ببلادهم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم”. (ابن تيمية: إقتضاء الصراط المستقيم ج1، ص459).
أما الذهبي (المتوفى سنة 748هـ/1348م)، فقد كان أقل تشدداً حينما قال في رسالته (التمسك بالسنن والتحذير من البدع): “أما مشابهة الذِّمة في الميلاد، والخميس، والنيروز، فبدعة وحشة. فإن فَعلها المسلم تديُّنًا فجاهل، يزجر وُيعَلَّم، وإن فعلها حُبًّا وابتهاجًا بأعيادهم فمذموم أيضًا، وإنْ فعلها عادةً ولعبًا، وإرضاءً لعياله، وجبرًا لأطفاله فهذا محل نظر، وإنما الأعمال بالنيَّات، والجاهل يُعذر ويبين له برفق، والله أعلم” . نقلًا عن (مجلة الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، العدد: 103-104.
والسؤال الذي يتبادل إلى الذهن: لماذا قبل الإمام علي هذه الهدية وقالوا اصنعوا كل يوما نيروزاً أو فيروزاً إذا صح قول التصحيف، لأنه لو أراد المنع أو حرّمه لكان قد قال قولاً يفي المطلوب بصورة لا لبس فيه. وهذا ما حاول الباحث والاكاديمي السعودي (سفر الحوالي) في كتابه جاهداً التأكيد على حرمة الإحتفال بالنيروز والمهرجان واعتبار ذلك من الكبائر المحرمة، وكل واحدة من هذه الأمور منكر بعينه. (سفر الحوالي، حكم الإحتفال بأعياد الكفار، ص13).
ومن جانب آخر فقد كانت هناك عادة دفع الضريبة من قبل الشعوب الخاضعة للدولة الفارسية الساسانية في عيدي النوروز والمهرجان، ولما جاء الإسلام ألغى هذه الضريبة باعتبارها غير شرعية، ولم يتم أخذها في خلافة الراشد الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الذي حدث في عهده المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس الساسانيين في : القادسية، وجلولاء، ونهاوند (= فتح الفتوح) والتي أسفرت عن سقوط العاصمة الفارسية طيسفون وانهيار الدولة الساسانية، التي انتهت رسمياً عام651م بمقتل الملك الفارسي يزدجرد الثالث على يد طحان فارسي. ولكن يبدو أن بعض الولاة المسلمين في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان( رضي الله عنه) أخذ هدايا النوروز والمهرجان وهم كل من: الوليد بن عقبة بن معيط، وسعيد بن العاص، فلما تناه الخبر إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان كتب إليهما ينهاهما عن ذلك. (الصولي: أدب الكتابة، القاهرة 1922، ص220). أما في عصر الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب فقد أخذ واليه على أصفهان (عمرو بن سلمة) هدايا النوروز مع الخراج. (الأصفهاني، كتاب ذكر أخبار أصفهان، ج1 ص72).
ولما تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة في سنة 41هـ/661 م جعل هدايا النوروز والمهرجان ضريبة إلزامية وطلب من أهل سواد الكوفة دفعها، فبلغت قيمة الهدايا خمسين ألف درهم، كما كتب معاوية إلى عامله على البصرة عبد الرحمن بن أبي بكره أن يحمل إليه هدايا النوروز والمهرجان، فبلغت عشرة آلاف درهم. (اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي، ج2 ص218).
وأثناء ثورة الصحابي عبدالله بن الزبير بن العوام ضد الدولة الأٌموية، فقد بلغت هدايا النوروز والمهرجان حوالي عشرين ألف درهم، ويرجع السبب في قلتها إلى الإضطرابات والفوضى التي عمّت منطقة الكوفة بسبب الفتنة الثانية (64 – 73هـ). ينظر:(الصولي: أدب الكتابة، ص219). وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أظهر الحجاج بن يوسف الثقفي حرصاً شديداً على جباية الأموال للدولة الأموية لمكافحة الحركات المعارضة، فأعاد استلام هدايا النوروز والمهرجان مع الضرائب وبلغت قيمتها حوالي أربعين ألف درهم. (المصدر نفسه، ص219). وعندما تولى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (99-101هـ) مقاليد الحكم أبطل رسوم وهدايا النوروز والمهرجان.
وفي العصر العباسي أعيدت هدايا ورسوم النوروز والمهرجان من جديد، سيما وأن أغلب وزراء العباسيين كانوا من الفرس، لذا فلا عجب أن حاولوا إحياء مظاهر أسلافهم القدماء، يقول أبو ريحان البيروني: ” في عهد هارون الرشيد تجمع مُلاّك الأراضي مرة أخرى، وطلبوا من يحيى بن خالد بن برمك أن يؤخر عيد النيروز ما يقرب من الشهرين.(كان التقليد القديم يقضي بأن تحتسب الأيام الكبيسة، فلما أبطل هذا التقليد بصورة تجعل القوم يحتفلون بعيد النيروز قبل جني المحصول. وكان هذا يضر بالمزارعين إذ كان لزاماً عليهم عند ذاك أن يدفعوا الضرائب المفروضة عليهم…”. ينظر: (إدوارد براون: تاريخ الأدب في إيران، ج1، ص59 هامش 5). وأراد يحيى البرمكي أن ينفذ ما أرادوا، لكن خصومه تناقلوا الأقاويل حول هذا الأمر، وقالوا إن يحيى موالٍ للدين الزرادشتي، ونتيجة لهذا كف خالد عن هذا العمل ولم يعقب، وبقي الحال على ما كان عليه. (الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص37). ويذكر الطبري(المتوفى سنة310هـ/ 922م) في كتابه تاريخ الرسل والملوك أن: ” الخليفة العباسي المتوكل في يوم نوروز والسماجة (= التمثيل الهزلي) بين يديه وهم يقلدون الناس ويظهرون في أصوات مضحكة”.
وفي التاريخ المعاصر يذكر السيد مكرم الطالباني(1922- ؟) وهو شخصية كردية كان قيادياً في الحزب الشيوعي العراقي وكان وزيراً للري في الحكومة العراقية عام 1973، قال في تقديمه لكتاب الدكتور حسين قاسم العزيز(المفصل في نشأة نوروز الذهنية الابداعية، الصفحة 10،” بأن الافكار المتشددة التي كان السيد سامي شوكت يبثها في جريدة “البعث القومي”، بالاضافة الى عرقلة اجازة اقامة هذه المهرجانات في قاعة الملك فيصل- قاعة الشعب، فضلاً عن حركات بعض رجال الدين لاصدار فتاوي بتحريم الاحتفال بهذه المناسبة، بحجة ان نوروز هو عيد المجوس، وهو مناهض للدين الاسلامي. ولكن الدكتور حسين قاسم العزيز قد أورد في أحد مؤلفاته، تمجيد كبار رجال الدين المتصوفين لهذا العيد في قصائدهم التصوفية (المرجع السابق، ص10).
ويستطرد السيد مكرم الطالباني قائلاً:” تقرر في عام ١٩٤٧م اقامة احتفال جماهيري ضخم بعيد النوروز في أربيل… فتحرك بعض رجال الدين لأصدار فتاوي بتحريمه وحث شرائح متأخرة في المجتمع لمنع هذه الاحتفالات بحجة، ان نوروز هو عيد غير إسلامي، لاسيما وأن إشعال النيران يشير الى مجوسيته، بينما أمتنع الآخرون عن أصدار أو تأييد مثل هذه الفتاوي، وخوفا من حدوث اصطدامات قد لا تكون نتائجه في صالح الحكومة، أضطرت الى السماح لاقامة هذا الاحتفال في ساحة مطارأربيل …، جرى الاحتفال بتلاوة ماتيسر من آيات الذكر الحكيم، ثم تلتها كلمات الاحزاب والمنظمات الاجتماعية. وعندما خرجت المواكب الدينية، وهي تحمل الدفوف والسيوف والعصي للتصدي للمحتفلين عند عودتهم للمدينة، تحول الاجتماع الى مظاهرة ترفع شعارات معادية للاستعمار والرجعية، فتفرقت مواكب الدراويش، ولم يحدث مايكدر الامن، ولكن عندما أعلنت الاحكام العرفية في العراق عام ١٩٤٨ انتقاماً للحركة الديمقراطية تحت ستار ((حماية مؤخرة الجيش الذاهب لتحرير فلسطين من الصهيونية))، أحالت الحكومة مجموعات من المحتقلين بعيد “نوروز” الى المحاكم العرفية بتهمة الاخلال بالأمن. وكان السيد مكرم الطالباني محامياً آنذاك في كركوك حيث جرت المحاكمة، وأثناء محاكمة القائمين باحتفال نوروز في أربيل، ذلك الاحتفال الذي جرى في مطار أربيل وبموافقة السلطات هناك وحضره عشرات الألوف من الناس، سال رئيس المحكمة العسكري أحد المتهمين وهو الملا عبد الواحد عن العمل الذي قام به في الاحتفال، فقال: “اني قرأت عشرة من القرآن الكريم”، استغرب الحكام من كلام المتهم، التهمة هي الاخلال بالأمن والاحتفال بعيد مجوسي مناهض للدين الاسلامي، ومتهم أُتهم بقراءة القرآن الكريم. برأت المحكمة ساحة المتهمين لعدم وجود جريمة معاقب عليها قانوناً…” (المرجع السابق، ص11 – 12).
وفي السياق نفسه ففي 27 أيار/مايس 1979م نشر الكاتب الكوردي العراقي (آزاد عبدالحميد) مقالة في مجلة (التربية الإسلامية) البغدادية، في عددها الثاني عشر، السنة الحادية عشر، بعنوان: (عيد نوروز.. بدعة محدثة)، ذكر فيها أن الاحتفال بهذه المناسبة هو بمثابة إحياء للدين المجوسي، والكورد قد تخلّصوا من المجوسية إلى غير رجعة عندما وصلهم الإسلام الحنيف. وقد تصدّى له الكاتب اليساري إبراهيم باجلان (1920 – 2001م) بمقال نشر في جريدة (العراق)، بعددها (1022) في 9/7/1979، موسوماً بـ (نوروز بين الحقائق والأباطيل)، مبيّناً بأن السيد (آزاد): “قد طرح جملة آراء وأفكار بعيدة عن روح نوروز وجوهره، فبدءأً من العنوان الذي يجرح مشاعر أبناء شعبنا الكوردي، ينبغي أن نعلم بأن مثل هذه الآراء تعطي مردوداً عكسياً، حيث يعتبر نوروز مفخرة من مفاخره القومية، ومأثرة تاريخية بوجه الظلم والطغيان”.
وقد أوضح (إبراهيم باجلان) بأن (النوروز) عيد قومي، ” ولا يتعارض مع أعيادنا الوطنية والدينية، بل يلتقي مع المباديء الخيّرة في معاداة الشر والظلم ومناصرة المظلومين، بعكس ما يذكره بعض علماء الدين الإسلامي من أدلّة شرعية وفقهية بأن مناسبة الاحتفال بـ(نوروز) يمثّل طقوساً مجوسية قديمة، لأن الكورد يوقدون النيران في احتفالاتهم”. والمجوس – كما هو معلوم – يعتبرون عبدة النار، وفق الإسلام والمسيحية.
وكان من أبرز المنتقدين أيضاً الدكتور حسين قاسم العزيز(1922- 1996م)، وهو أكاديمي كوردي شيعي، ذا ميول ماركسية حصل على شهادة الدكتوراه من الاتحاد السوفيتي، نشر بحثاً حول تاريخ النوروز عند الكورد، في مجلة (المجمع العلمي العراقي- الهيئة الكوردية)، العدد السابع، التي كانت تصدر في بغداد سنة 1981م، بعنوان ( نوروزيات)، حاول فيها الإيحاء بأن عدداً لا بأس به من الخلفاء المسلمين كانوا يحتفلون بالنوروز، ويتقبّلون الهدايا من رعاياهم بهذه المناسبة.
ولا يزال هذا الجدل قائماً بين الاتجاه المحافظ الذي يتبنى أطروحات مدرسة أهل الحديث والمدرسة الحنبلية والتي تحاول تحريم المناسبة بحجة مشابهة الكفار، فضلاً عن الربط بين الاحتفال بالنوروز واحياء شعائر المجوسية، وخاصةً وأن اليوم الاول من النوروز هو عيد الديانة المجوسية تحديداً، وبين الاتجاه الآخر الذي يضم سياسيين ومثقفين وأساتذة الجامعة وغيرهم من المثقفين، فضلاً عن علماء دين كرد وغيرهم من المدرسة الاشعرية ومن منتسبي الطرق الصوفية بشتى طرقهم: كالشيخ عبدالكريم المدرس(1905 – 2005م)، والدكتور مصطفى الزلمي (1924 – 2016م) وآخرون الذين أفتوا بأن النوروزعيد ربيعي ومناسبة وطنية لا تضاد الاسلام، وهي كانت موجودة قبل الاسلام وبعده، وإنها تعيد الى الاذهان الصراع الذي كان جاريا بين الظلم والتحرر، وأن النار التي يتم اشعالها فوق قمم الجبال تشير الى المقاومة والتصدي للظلم، وليس الى النار التي يقدسها المجوس.
وتجدر الاشارة هنا الى فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء للمقيمين في بلاد الغرب، وفتاوى كل من الأستاذ الدكتورعبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، و الاستاذ الدكتوريوسف القرضاوي، والأستاذ الدكتور محمد السيد دسوقي أستاذ الشريعة بجامعة قطر،– حول الأعياد الوطنية والاجتماعية -، مثل: عيد الاستقلال، أو الوحدة، أو الطفولة والأمومة ونحو ذلك، فليس هناك أي حرج على المسلم أن يهنئ بها، بل يشارك فيها، … على أن يجتنب المحرمات التي قد تقع في تلك المناسبات.( صحيفة التآخي في يوم الأحد 05-01-2014م).