البعد الأخر لفشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمعرفة أماكن تواجد أسراهم في غزة؟

البعد الأخر لفشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمعرفة أماكن تواجد أسراهم في غزة؟

*هل ما يزال لا يعي الراي العام الإسرائيلي حقآ عن الحقيقة الغائبة والتي تتمثل , بأن لو كان أحد أبناء وزراء الحكومة أسيرا ! سوف تتأخر صفقة تبادل الأسرى مع “حركة حماس” كل هذه الأيام والشهور التي بلغت أكثر من 472 يوما وما تزال؟ أم كان هناك منهم من يسارع الخطى ,وأولهم رئيس الوزراء “نتنياهو” للعمل فورآ على تنفيذ صفقة, وبأي شروط كانت لغرض إطلاق سراح أبنائهم!.

في حديثه الذي جرى قبل أشهر للصحافة والإعلام صرح رئيس الأركان الإسرائيلي السابق الجنرال غابي أشكينازي : ” أننا لم تتمكن من تحديد مكان الجندي الأسير في قطاع غزةجلعاد شاليطالأمر الذي جعل التفاوض مع حركة حماس هو السبيل الوحيد الممكن لاستعادته حيا ” ولسوء حظ “نتنياهو” ولان صفقة التبادل التي تمت بعدها استطاع من خلالها القيادي “يحيى السنوار” من الخروج من معتقله , والأدهى من كل ذلك أنه هو من أشرف بنفسه ومن داخل معتقله على وضع أسس وشروط الصفقة التي بموجبها تم إطلاق سراح 1027 معتقل ومعتقلة “.

ونشرت كذلك وسائل الإعلام في إسرائيل , بأن وحدات خاصة من الكوماندوس التابعة للبحرية ، التي تُعرف بالعبرية باسم “سييرت ماتكال 13 ” وبالاشتراك مع وحدات خاصة من القوات الجوية والبرية شاركوا بالفعل بعمليات سرية في قطاع غزة للبحث عن أي معلومات قد يحصلون عليها عن مكان تواجد الأسرى.

ولكن ليس هذا فقط ,وإنما شرعت بعض الدول الغربية كذلك ومن خلال تقديم الدعم والمساندة , بأرسال نخبة من قواتها لغرض الاشتراك بالبحث والتقصي عن أماكن تواجد الأسرى ومنها على سبيل المثال وليس الحصر :” قيادة القوات الخاصة الألمانية كي أس كي / قوات دلتا فورس الأمريكية / قوات الخدمات الجوية الخاصة  أس أي أس” ولكن جميع هؤلاء مجتمعين وغيرهم حتى بمشاركة وحدات قتالية خاصة قد تكون تابعة لبعض الدول العربية لتقديم الدعم اللوجستي بالمعلومات ونحن لا نستبعد هذا الموضوع بالمطلق ولا نفيه كذلك , ومعهم أحدث المعدات والأجهزةالإلكترونية للبحث والتقصي فشلوا فشلآ ذريعآ ولغاية هذه اللحظة , أمام حفنة من رجال وحدة الظل الحمساوية وقد اثبتوا بدورهم هؤلاء تفوقهم على جميع أجهزة المخابرات والمساندة لهم والتي تعتبر الأكثر تقدما حاليآ في مجال عملهم .

لان بعد  هجمات يوم  7 أكتوبر ، أنشأت وكالة المخابرات المركزية الأميركية فريق عمل خاص  ، وفيما أرسل البنتاغون قوات عمليات خاصة إلى إسرائيل لتقديم المشورة والخبرات الميدانية التي تتميز بها ومن خلال جنود الكوماندوز ، وكذلك تزويدهم من خلال توفير 6 طائرات مسيرة من طراز “إم-كيو-9” نفذت بدورها طلعات جوية ومهام ومن خلال ذبذبات راداراتها التي تخترق موجاته الأرض للمساعدة في كشف وتعقب المحتجزين وقادة حماس على حد سواء .واستخدم هذا الرادار للمساعدة في رسم خريطة لمئات الأميال من الأنفاق الموجودة تحت قطاع غزة , لكنهم مجتمعين فشلوا في المهمة التي كانوا مكلفين بها.

من خلال ما تم ذكره أعلاه , فإن أسباب الفشل الذريع في تحديد مواقع وأماكن تواجد الأسرى داخل شبكة مترو أنفاق قطاع غزة يمكن أن نوضحها إلى عدة عوامل وأسباب ومن أهمها:

1)أن تصميم وتعقيد شبكة الأنفاق ليست فقط لأنها طويلة ومتشابكة مع بعضها البعض، بل تتضمن أيضًا أنظمة متعددة من الممرات والغرف, والتي تحتوي بدورها على مداخل ومخارج مخفية بشكل جيدا، مما يصعب على أي جهة كانت تحديد مكان تواجد الأسرى بدقة .

2)استراتيجيات تقنيات التمويه والتخفي التي استخدمها مهندسين وفنيين حركة حماس لانشاء هذه الانفاق وبأساليب متعددة وبطرق مبتكرة لتمويه مداخل ومخارج الأنفاق وكذلك العمل على إزالة أي علامات بارزة واستبدالها بعلامات تكون من طبيعة الأرض حول فتحات مخارج ومداخل الأنفاق , مما ساعد كثيرا بالتالي على صعوبة الكشف عنها.

3)استخدام وسيلة نشر الشائعات والتضليل وتسريب معلومات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حول طبيعة الوضع الصحي للأسرى وصعوبة بقائهم على قيد الحياة نتيجة عمليات القصف المركزة والتي تكون قريبة منهم , ساعدت هذه كثيرا الى تشتيت الانتباه , وبالتالي حولت مهام القصف الى التركيز واستهداف أماكن غير حقيقية لتواجد الأسرى.

4)مع العدة والعديد وتجنيد الجواسيس والعملاء لغرض تقصي ومعرفة أماكن تواجد الأسرى , من خلال التغلغل والمعايشة بين سكان غزة أثناء تهجيرهم من أماكن تواجد سكناهم , بالإضافة الى النقص الحاد في جمع المعلومات الاستخباراتية , والتي أدت بالمحصلة النهائية الى عملية فشل تامة في معرفة أماكن تواجد الأسرى.

5)الخبرة المتراكمة طوال العقود الماضية التي اكتسبتها وحدة الظل الحمساوية ومن خلالها اعتمدت وطورت من أساليبها على التخفي والتضليل لغرض تقليل فرص انكشاف مقاتليهم أو حتى قابلية التجسس عليهم مما أدى إلى عدم انكشافها , كذلك من خلال العمل على تعزيز أقسى درجات الحيطة والحذر واعتماد أسلوب تخفي الأشباح عن معرفة طبيعة عملهم الحقيقية حتى داخل عوائلهم وبين المعارف والأصدقاء.

6) مع أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تمتلك أحدث ما توصلت اليه التكنولوجيا والتقنيات المتاحة وأجهزة الاستشعار المتقدمة فان قادة ومقاتلين “وحدة الظل” أفشلوا جميع هذه الأجهزة والمعدات , من خلال الاستفادة من تضاريس الأرض , التي تمثلت بالأبنية المهدمة والمدمرة ,والتي خلقت بيئة مثالية لغرض التمويه وقللت من فرص فعالية هذه الأجهزة , وحتى مع خبرات ما يمتلكه الكادر البشري من العثور على أي معلومات حول تواجد اماكن الأسرى.

7) أساليب وتقنيات الحرب والتأثير النفسي والصدمات المعنوية والضغوط من قبل عوائل الأسرى كان لها دور فعال ومؤثر على طبيعة وعمل الأداء العسكري، ومن خلال ما قد  يتسبب به القلق أو الخوف من الفشل وإعطاء المزيد من الخسائر البشرية وبالتالي أجبرهم على اتخاذ قرارات مستعجلة وعشوائية أقل فعالية , وهذا ما رأيناه من خلال عودة النازحين الفلسطينيين الى شمال قطاع غزة , وما برعت به بعدها  في استغلاله وحدة الظل الحمساوية وكانت لهم ورقة ضغط استعملتها ببراعة وعملت عليها طوال الأشهر الماضية وما تزال لغرض دفع الحكومة الإسرائيلية للقيام بخطوات عاجلة وغير مدروسة للتخلص من ضغوط والاحراج الداخلي والدولي التي سببتها لهم عوائل الأسرى لغرض سرعة إيجاد مخرج والموافقة على شروط وقف إطلاق النار.

وأخيرآ وليس أخرآ ومثلما فشلت جميع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية ,وبمختلف تسمياتها وعناوينها الوظيفية وتبعيتهم من الجواسيس والعملاء في الداخل الفلسطيني , فقد وقفوا عاجزين ومشلولين في اتخاذ قرار حاسم , وان يكون لديها معلومة أكيدة عن معرفة اماكن تواجد الاسرى وقد انعكست هذه الصورة بمرور الوقت وأصبحت اكثر تطورآ وتنسيقآ لدى وحدة الظل والتي ما تزال تحير جميع الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية وحتى الدولية وبما تمتلكه من تكنلوجيا متقدمة في الرصد والتحليل والمتابعة , عن مدى البراعة التي امتلكها هؤلاء المقاتلين وما وصلوا اليه في طريقة التخفي والتضليل وبإمكانيات بسيطة , فقد فشلوا في أن يتم التعرف على مكان أي أسير داخل انفاق متروا قطاع غزة ومن الاسباب الاخرى التي اجبرت الحكومة الاسرائيبلية في التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار , لان هؤلاء المقاتلين في وحدة الظل بدورهم  يعرفون بان أي اتفاق يتم التوصل اليه سوف تكون قاعدته وركيزته الأساسية والمحورية من مدى قوة عدم معرفة الأخرى بمواقع وأماكن تواجد هؤلاء الأسرى ومصيرهم والذي بقي مجهول لغاية الإن , هذه العوامل والتحديات المصيرية مجتمعة تجعل من النزاع والصدام المسلح في قطاع غزة وعلى صغر مساحتها الجغرافية يبقى صعبآ ومعقدًا للغاية، ومما سوف يتطلب بالتالي من قبل الحكومة الاسرائيلية من العمل عليه من الان ووضع جميع الامكانيات والقدرات وبكل جهد الى عمل دراسات وأبحاث واستراتيجيات حديثة ومبتكرة وحتى ان يكون هناك تعاونًا دوليا وثيقًا وتبادل الخبرات والأبحاث في جميع مجالات الأمن والاستخبارات لغرض المحاولة  قدر الإمكان على التصدي بالمستقبل لمثل تلك الحالات والتي برعة في صياغة استراتيجيتها  وحدة الظل الحمساوية في طريقة أدائها وعملها على ارض الواقع .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات