18 ديسمبر، 2024 5:07 م

البعث وذكرى 8 شباط وأمور أخرى

البعث وذكرى 8 شباط وأمور أخرى

تمر هذه الأيام الذكرى 55 لأنقلاب 8 شباط عام 1963 ، ويعد هذا الأنقلاب من أخطر الأنقلابات التي دعمتها المخابرات الأمريكية في الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية تحديدا أبان القرن الماضي، حيث لازالت تداعيات هذا الأنقلاب ونتائجه وأنعكاساته على العراق الى يومنا هذا!. وتكمن خطورة هذا الأنقلاب ليس لكونه، أعاد العراق الى حضن الغرب الأمريكي وذلك بالقضاء على الحكم الوطني للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وعلى كافة المكتسبات الوطنية التي حققتها ثورة تموز المجيدة عام 1958على كافة الأصعدة الداخلية منها والخارجية! فحسب، ولكن لدموية الأنقلاب وشراسته، حيث يقدر عدد الشيوعيين الذين تم أغتيالهم وقتلهم وأعتقالهم وتغييبهم بالسجون بأكثر من 10 آلاف شيوعي ومعهم الكثير من العراقيين الأبرياء الذين تم أعتقاهم وتعذيبهم وقتلهم بالسجون بشتى الأتهامات، و تم كل ذلك خلال 9 أشهر فقط! (للفترة من 8 شباط من عام 1963 الى 18 من شهرتشرين الثاني من العام نفسه). وكذلك تكمن خطورة الأنقلاب لكونه كان يمثل حربا بالأنابة! بين الأتحاد السوفيتي السابق وبين الولايات المتحدة الأمريكية حينها. فأذا كان الأتحاد السوفيتي قد سجل أنتصارا كبيرا وهزيمة ساحقة على أمريكا بنجاح ثورة تموز عام 1958بأسقاط النظام الملكي بالعراق حينها والذي يعد من أكبرمعاقل الأستعمار الأمريكي والبريطاني في المنطقة، فأن أمريكا أستطاعت أن ترد الصفعة بأقوى منها للأتحاد السوفيتي وذلك من خلال دعمها القوي والمباشر لأنجاح أنقلاب 8 شباط 1963!! بالقضاء على الحكم الوطني للزعيم عبد الكريم قاسم وأعادة العراق لحضيرة الغرب!. ومن المفيد أن نذكر هنا ماقاله الرئيس الأمريكي الراحل (جون كينيدي): ( لو لم ينجح أنقلاب 1963 لكنا قد حرقنا بغداد!) القول الذي يدلل بوضوح دعم أمريكا للبعثيين بالقضاء على النظام الوطني للزعيم عبد الكريم قاسم. وقد أكد ذلك الدعم الأمريكي القيادي البارز في حزب البعث (علي صالح السعدي) الذي قال بعد نجاح انقلاب عام 1963(بأننا جئنا بقطار أمريكي)! نعود بالقول أن خطورة أنقلاب 8 شباط 1963 تكمن بأنه أعاد العراق الى حضيرة الغرب!، بعد أن أستطاع الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم أن ينجح بأخراج العراق من فلك وتبعية أمريكا وبريطانيا، بعد أن فجر ثورة 14 تموز الخالدة عام 1958 حيث كانت الثورة أكبر ضربة للأستعمار البريطاني والأمريكي في المنطقة وبنفس الوقت مثلت ثورة تموز عام 1958 انتصارا للأتحاد السوفيتي السابق على أمريكا وبريطانيا، لكون الأتحاد السوفيتي كان الداعم الحقيقي ونصير كل الثورات الوطنية لتخليص الشعوب من نير الأستعمار الأمريكي والبريطاني. وبأعتبار أن العراق كان يمثل أهم دولة في المنطقة ليس لما يمتلكه من ثروات طبيعية من نفط وغاز ومعادن أخرى بل ولموقعه الجغرافي المهم جدا، فكان لابد من أعادته الى حضيرة الغرب بأية وسيلة كانت، وكان البعث هو الوسيلة وهو الأداة لذلك ليس في أنقلاب 8 شباط 1963 فحسب بل وحتى في أنقلاب عام 1968 أيضا!؟. وظلت شبهة العمالة تلاحق حزب البعث! حتى بعد أستلامه السلطة مرة ثانية عام 1968! رغم أن قيادات حزب البعث أرادت أن تتنصل من أفعال الحرس القومي البعثي عام 1963 والمجازر الرهيبة التي أرتكبها بحق الشيوعيين والكثير من العراقيين، وبأنهم تصرفوا بتهور وخارج الضوابط والتعليمات الحزبية!؟، ولكنهم يناقضون أنفسهم بنفس الوقت ويعدون أنقلاب 1963 ثورة بل ويسمونها عروس الثورات!.كما أن الكثير من القيادات البعثية ممن تلطخت أياديهم بدم العراقيين وبالشيوعيين تحديدا، عام 1963 أصبحوا قياديين ومسؤولين كبارفي الدولة والحزب فيما بعد ومنهم الرئيس السابق (صدام حسين)!!. وقد يتصور الكثير من العراقيين بأن الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم كان شيوعيا! بسبب من بروز الشيوعيين وتسيدهم الساحة السياسية العراقية وقربهم من الزعيم عبد الكريم قاسم ومن خلال أسناد مناصب وزارية وقيادية للكثيرمن القيادات الشيوعية البارزة، منهم على سبيل المثال ( جلال الأوقاتي قائد القوة الجوية والذي أغتيل صبيحة أنقلاب 1963، والدكتورة نزيهة الدليمي وزيرة العمل والشؤون الأجتماعية والدكتور أبراهيم كبه وزير الأقتصاد والدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد) وغيرهم الكثيرمن القيادات السياسية الشيوعية. وفي حقيقة الأمر أن بروز الشيوعيين وتسيدهم وسيطرتهم على الشارع العراقي هو ليس لكون الزعيم قاسم كان شيوعيا أطلاقا!، ولكن بسبب تقارب وتتطابق توجهات الزعيم قاسم الوطنية مع توجهات الشيوعيين الوطنية، وهذا ما لا يختلف عليه أي منصف!. وبقدر ما عرف عن الشيوعيين عبر نضالهم الطويل والكبير وطنيتهم وحبهم للعراق ودعمهم للطبقات الفقيرة والكسبة ، فقد كان الزعيم قاسم لا يختلف عنهم بتلك التوجهات والروح الوطنية، وبهذا حدث التقارب بينهم من أجل مصلحة الوطن والشعب. الذي نريد أن نقوله أن أمريكا أنتصرت في النهاية! بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي السابق عام 1990 حيث أستطاعت أن تتفرد بالسيطرة على العالم وتفعل ما تريد دون خوف وحساب لأية دولة في العالم! ثم أستطاعت أن تحتل العراق أحتلالا كاملا عام 2003 كما كانت تخطط لذلك منذ ثمانينات القرن الماضي أحتلالا، لا رجعة فيه ولا خروج منه ولا ندري ما تخبأه أمريكا ومن ورائها بريطاني للعراق في قادم الأيام!؟. والملفت للأنتباه أن أحتلال العراق من قبل الأمريكان وتدميره جاء على يد حزب البعث!. ولا ندري أن كان ذلك مفارقة، أم ماذا؟ حيث صرح أحد زعماء الكونغرس الأمريكي قائلا: (بأن صدام حسين قد خدم أمريكا من حيث يدري ولا يدري! عندما أقدم على أعدام خيرة القيادات البعثية وأكثرها وطنية ونزاهة وذلك في واقعة مجزرة قاعة الخلد عام 1979فور تسنمه منصب رئيس الجمهورية! ، حيث كانوا هؤلاء يقفون على الضد من كل توجهاتنا ومخططاتنا تجاه العراق؟!، كما أن صدام قدم خدمة جليلة لأمريكا عندما خاض الحرب مع أيران ثم أعقبها بحرب أجتياحه للكويت عام 1990!). الى هنا أنتهى ما قاله عضو الكونغرس الأمريكي. نقول والملفت للأنتباه أكثر هو أن الأمريكان لازالوا يخوفون القيادات الشيعية والحكومة الحالية! من البعثيين ومن أحتمال أعادتهم للحكم للمرة الثالثة!!. وما أدل على ذلك هو أجتماع البعثيين الأخير في ولاية مشيغان الأمريكية الذي عقد قبل أسابيع وبرئاسة الدكتور ( أيهم السامرائي)! وزير الكهرباء السابق المعروف لدى أوساط العراقيين بأنه اول وزير قص شريط الفساد في ملف الكهرباء! واول المختلسين والفاسدين فيه!!، حيث تم الترويج لهذا المؤتمر عبر كل وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي ، رغم ان عدد حضوره لا يتجاوز ال 50 شخص!!. . وفي هذا الصدد لربما نسي العراقيين موضوع نائب رئيس الجمهورية السابق ( عزت الدوري) الذي جعلته أمريكا مثل ماشة النار بيدها تخوف به الحكومة العراقية! وهي تظهره في مقاطع فديو بين الحين والآخر وفي مناسابات معينة وحسب متطلبات الموقف والأحداث السياسية الجارية في العراق يتحدث فيها عن قرب القضاء على الحكم الشيعي في العراق وأعادة العراق للحضن العربي!، وذلك لتهديد القيادات الشيعية الحاكمة وأبتزازها بما تريد!؟،وفي حقيقة الأمر هو لا أحد يدري ولحد الآن هل (عزت الدوري) المريض بمرض (اللوكيميا) هو موجود فعلا أم مات منذ زمان!؟. أخيرا نقول: يبقى أنقلاب 8 شباط عام 1963 وصمة عار في تاريخ حزب البعث لأنه أعاد العراق الى حضيرة أمريكا وبريطانيا وقتل كل التوجهات الوطنية الحقيقية والصادقة فيه. وبالمقابل يبقى الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم علامة وطنية وضاءة في تاريخ كل الزعامات العراقية التي قادت العراق من ملكية الى جمهورية ومنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 من التي سبقته ومن التي جاءت بعده وخاصة زعامات حكومات ما بعد 2003 لما أتصف فيه من وطنية وزهد ونزاهة وشرف.