بعد سقوط النظام السابق في 2003 وما رافقها من ارتفاع اسعار النفط والموازنات السنوية الاتفجارية وصعود حكومات انتقالية الى دفة الحكم في العراق لا تعرف كيف تسخر هذه الاموال الانفجارية لخدمة الشعب والصالح العام وعلى الاقل لتقليل المشاكل الامنية والمجتمعية فاتجهت نية الحكومة انذاك وبالتحديد في سنة 2006الى تطوير التعليم العالي فمن ضمن المقترحات لذلك ارسال البعثات الدراسية الى جميع دول العالم وكان ارسال البعثات من عدة قنوات اهمها البعثات الممنوحة عن طريق مجلس الوزراء المتضمنة 10000 بعثة دراسية فضلا عن بعثات وزارة التعليم العالي المتضمنة 1000 بعثة والوزارات الاخرى لها نصيبها ايضا من البعثات وتم تقسيم دول العالم انذاك من الناحية المالية الى ثلاث فئات أ ,ب , ج وكل فئة لها مخصصات مالية بحيث تصل احيانا مخصصات فئة أ الى اربعة الاف دولار شهريا للشخص المبتعث ناهيك عن مخصصات الزوجية البالغة 500 دولار وللطفل الواحد 200 دولار ويقابلها في الداخل مخصصات زوجية 50 الف دينار عراقي وللطفل 10 الاف!!! بحيث بلغت الميزانية الممنوحة للبعثات خلال السنوات الاخيرة تقدر ب 350 مليون دولار سنويا بحيث ان بعظهم كانت هذه المبالغ الممنوحة له نفيض لديه ويوفر الباقي لارسالها الى اهلهم وذويهم في العراق لشراء مستلزمات اخرى . وعندما سالنا احد قياديي التعليم العالي عن سبب هذه الرواتب المرتفعة للمبتعثين اشار بان الدولة تفكر بان يكون الطالب العراقي في الخارج افضل من غيره ….ولكنها اي الدولة لا تفكر بان يكون المستوى المعاشي الفرد العراقي عموما افضل من غيره!!!
لا ضير في ذلك اذا كانت جميع الامور في داخل البلد طبيعية والكل ضمن مستوى معاشي مرتفع فهل يعقل ان عدد الدارسين لدينا في امريكا لوحدها على بعثة رئاسة الوزراء للحصول على الدكتوراه تقريبا 1000 مبتعث وفي احصائية بسيطة للقضاء الذي نسكن فيه وجدنا انه هناك 17 ميتعث الى امريكا لوحدها لدراسة الدكتوراه في تخصص تربية رياضية في الوقت الذي يسكن بالعشرات والمئات من ابناء البلد بالعشوائيات!!! كذلك اشرنا في حينها ان هذه الاعداد فائضة عن حاجة جامعاتنا كوننا ليس من البلدان الوفيرة في عدد السكان وبالتالي محدودية جامعاتننا والادهى من ذلك ان قسم من هؤلاء المبتعثين كان يؤخذ عليهم تعهد بان ( الدولة غير ملزمة بتعيينه) ومعنى ذلك بان الدولة تصرف عليهم من رياض الاطفال الى الدكتوراه ثم بعد ذلك تتخلى عنهم وتتركهم لقمة سائغة للدول الاخرى التي ربما يجد له فرصة عمل فيها وتستفاد من امكانياته وخبراته وبعد رجوع اغلبهم لم يجد فرصة للتعيين كون عدد المبتعثين اكبر من حاجة جامعاتنا
هذا من جانب …..ومن جانب اخر ان اعداد المدارس الطينية في بلادنا التي يكثر التي يكثر فيها الابتعاث!!! يزداد يوما بعد يوم وتم تهديم مدارس لاغراض الترميم والبناء ولا زالت مهدمة ولم تشيد بسبب العجز في الميزانية التي صرفت على الابتعاث وغيرها !!! بحيث اصبح الدوام في اغلبها ثلاث اوقات واقتصرت حصة الدرس على 30 دقيقة بدلا من 45 دقيقة فاين برنامج تطوير التعليم في العراق من ذلك كله علما بان التعليم يكمل بعضه بعضا من رياض الاطفال
الى التعليم الجامعي . فكان الاولى الالتفاف في هذه الاموال المهدورة لمعالجة ظاهرة الفقر والتسول المتفشية في بلاد ما بين النهرين حيث يوصف العراق بان تعداده سابع دولة فقرا من ناحية المستوى المعاشي لمواطنيه وايضا لمعالجة حالات نقص المساكن حيث يوصف العراق بانه اسوء مدينة للسكن في العالم وعكسه فيينا التي تعتبر افضل مدينه للسكن في العالم
وفوق كل ذلك عندما اعلنت نتائج مؤتمر داسفور لسنة 2015 لجودة التعليم الذي شمل 140 دولة حيث حصلت سنغافورا على الترتيب الاول وجاء ترتيب الدول العربية قطر 4 والامارات 10 ولبنان 35 والاردن 45 والسعودية 54 واعتبر المؤشر ان ليبيا وسوريا والعراق واليمن والصومال دول غير مصنفه لانها لا تتوفر فيها ابسط معايير الجودة في التعليم فاين نحن من برنامج تطوير التعليم العالي في العراق وما الذي جنيناه من الابنعاث غير حسارة الاموال والطاقات واستحضر مقولة لاحد الزعماء المعاصرين يقول فيها ((اذا صلح التعليم والقضاء صلحت احوال الامة )) ….واخيرا …نتسائل من الذي يخطط لهذا للبلد او بالاحرى من المسؤول عن التدمير في هذا البلد