23 ديسمبر، 2024 2:24 م

البعبع بين الحقيقة والخيال

البعبع بين الحقيقة والخيال

كثير من الناس يسمع بكلمة ((البعبع))، ولكن لا يعرف ما هو (البعبع)، (البعبع) وهو ذلك العدو الخفي، الذي يتربص بنا بدون اي سبب يذكر، يستخدم الآباء كلمة (بعبع او طنطل) لإخافة الابناء الصغار، من شبح اصلاً هو غير موجود، ولكن اسمه الغريب يجعل الطفل لا يستطيع ان يرسمه في خياله المحدود، لعدم احاطته بما حوله، لمحدودية ذهنه القاصر، فتراه يخشى تلك الكلمة متى ما اطلقت، حيث يضع له ابويه حدود معينة، للحد من حركته العشوائية، فيخيفونه بها متى ما ان تخطاها، معتقداً ان ذلك الشبح الخفي سيهاجمه لينال منه، وبهذا سيلزمونه بتنفيذ أوامرهم, وتلبية حاجياتهم البسيطة قهراً.

امريكا صنعت من نفسها اباً للعرب، وجعلت من العرب الاطفال الصغار، تخيفهم متى ما شائت، في السابق كانت تخيفهم من (صدام حسين)، الذي صنعته مخابراتهم، فبعد إن كبر استغلته لتنفيذ مصالحها، عن طريق بناء القواعد العسكرية في بلدانهم، لإستنزاف اموالهم بحجة الحماية على امنهم، فهيأت المنطقة بأجمعها لمعادات صدام وحكومته، لكي لا يتم رفضها من قبلهم اذا ما احتلت العراق، وهذا ما حدث فعلاً، بعد سقوط نظام صدام في 2003، حاولت ان تجد لهم عدو وهمي جديد، يهدد حكمهم ومصالحهم في المنطقة، فأعدت لهم ((البعبع)) ايران، كل هذا لجعل العرب يعتقدون ان هناك عدو، يجاورهم يتربص بهم دائماً، ونسوا عدوهم الحقيقي وهو اسرائيل، الذي استباح فلسطين بالدعم العربي.

امريكا من جانبها تتفاوض مع ايران، حول برنامجها النووي، وتدفع العرب بشكل عام، والسعودية بشكل خاص لمعادات ايران، والخوف من ذلك البرنامج النووي، الذي اعلنت عنه ايران مراراً وتكراراً انه برنامج سلمي، امام مجلس الامن الدولي، وقدمت التعهدات والإلتزامات حيال ذلك.

هذا يجعل من دول المنطقة، تبحث عن حامي لها من العدو الوهمي، الحامي الذي سوف يستنزف اموال تلك الدول بطرق شتى، بأسم حماية المصالح المشتركة تارة، وبأسم امنها تارة اخرى، عن طريق الدفع النقدي والدفع بالآجل، بتأسيس مشاريع اقتصادية في الداخل، واخرى في الخارج، بحجة التبادل الاقتصادي والتجاري، وغيرها من المشاريع الوهمية، الاستنزافية للمال العربي والخليجي.

على مر السنوات الماضية تتهم ايران بدعم الارهاب، واي ارهاب؟ دعم حزب الله الذي اصبح شوكة في عين اسرائيل، الذي حافظ على لبنان طوال تلك العقود من اطماع اسرائيل، التي فشلت مراراً وتكراراً في استهدافه استهدافه، لم نسمع في يوم من الايام ان إيرانياً فجر نفسه، في اي دولة من الدول, او سمعنا خطيباً إيرانياً كفر طائفة من الطوائف، لكننا في كل يوم نسمع ان هناك سعودياً وتونسياً ومصرياً وقطرياً وغيرهم من الجنسيات العربية، يفجر نفسه وسط الناس الابرياء، في المساجد, والمدارس, والاسواق, في كل مكان يجتمع به الابرياء، علمائهم وخطبائهم صدعوا رؤسنا من على منابرهم، بتكفير الكل والدعوى لقتلهم, وبجهاد النكاح الذي ما انزل الله به من سلطان، استخدموا كل الاساليب القذرة، من قتل وتفجير وذبح وحرق، لم يتركوا اي وسيلة قتل الا وإستخدموها في كل البلدان العربية والغربية والاوربية.

العجيب ان كل تلك الدول تدعم السعودية، وكلها تعلم بأنها الأولى بتأسيس الارهاب الإسلامي، وإنها الداعم الرئيسي للإرهاب بكافة اشكاله، هذا يدل على ان الدول الغربية والاوربية لا تهتم بشعوبها، بقدر ما تهتم بالمال الخليجي، الذي يدر عليهم من السعودية بشكل خاص، ودول الخليج بشكل عام، لأننا اصبحنا لا نستغرب من حدوث انفجار او اعتداء ارهابي في تلك الدول، حتى اصبحت شعوبهم ترتعب من شيء اسمه مسلم، لأن الارهاب ملاصق لذلك الاسم الذي شوهه المسلمون، لكنهم يدعمون داعم الارهاب، يدعمون السعودية الارهابية، ويدفعون بهم لمحاربة ايران، الدولة الوحيدة التي تصدت للإرهاب التكفيري، وذلك للحفاظ على أمن إسرائيل الذي تهدده ايران.